أخبار مصرأهم الاخبارالأدب و الأدباءالاسلامياتاهم المقالات

وأحسن كما أحسن الله إليك ….. للكاتب : محمد عطية

احجز مساحتك الاعلانية
أحسن إلى الناس في سائر المعاملات،:
ومن ذلك إحسان الصنعة وإتقانها، فإذا صنع الإنسان شيئًا أو عمل عملاً، فإنه يجب عليه أن يتقنه ويتمه. ومن ذلك ما جاء عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”
قال المناوي: «وقوله (إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) أي يُحكِمه، كما جاء مصرحًا به في رواية؛ وذلك لأنّ الإمداد الإلهي ينزل على العامل بحسب عمله؛ فكل من كان عمله أتقن وأكمل، فالحسنات تُضاعف أكثر، وإذا أكثر العبد أحبه الله تعالى».
الموظف الناجح لا يطور من نفسه وقدراته فقط، بل عليه أن يفكر “كيف أطور المكان الذي أعمل فيه أو الذي بدأت فيه ومنه تطورت قدراتي وكنت مستمتعا فيه وحققت فيه نجاحات سابقة”، فلا مانع أن تصبح قدراتي أكبر، ولكن أين رد الجميل، فعليّ في هذه الحالة أن أُنجح معي من علمني عملي ومن يشاركني فيه، وأن أقدم لهم نصائح، ولكن لو تطورت قدراتي وهناك من يثبط نجاحاتي فهنا مقبول أن أبحث على تغيير المكان للحفاظ على نجاحي.
 
أحسن عملك :
قال تعالى: ” تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ”. والعمل الحسن هو العمل الصالح وهو، ما كان خالصًا وصوابًا. فأمَّا إخلاصه فهو أن يكون لله فيُراد به وجهه وثوابه من غير سمعة ولا رياء. وأمَّا صوابه فهو أن يكون على سُنة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته.
أحسن عملك يُحسن الله إليك ويصلح أحوالك، ويسعدك في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ “.
 
أحسن إلى والديك :
فقد أوصاك الله بذلك، وجعلها وصيةً مقرونةً بأعظم الوصايا وأوثقها، وهي عبادته سبحانه. قال الله تعالى: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”. وقال سبحانه: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”.
 
مهما أحسنتَ إلى والديك وصاحبتهما بالمعروف والإحسان والبر فلن تردَّ حقهما ولن تبلغ شكرهما عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يُجزي ولد والده إلاَّ أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه» رواه مسلم.
إنَّ الإحسان إليهما جهاد ثابت أجره، عظيم ثوابه؛ فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : أحيٌّ والدك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد.
 
أحسن إلى والديك وابذل الخير لهما، والدعاء لهما بالخير والرحمة والهدى والسداد ” وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا “.
 
رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً قد حَمَل أمَّه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة فقال: يا ابن عمر، أتراني جازيتها؟ قال: ولا طلقة واحدة من طلقاتها، ولكن أحسنت، والله يُثيبك على القليل كثيرًا.
 
أحسِن إلى أرحامك :
فهم الأولى بالإحسان من الأباعد، وقد وصَّى الله جلَّ وعلا بالإحسان بالأرحام وجعله مُقدَّمًا على الإحسان إلى غيرهم، قال تعالى: “وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ” الآية.
 
من صور الإحسان إلى ذوي الأرحام : صِلتهم بما يُرضي الله جلَّ وعلا،وبما جرى عليه العُرف، فإنَّ صلة الرحم مُوجِبة لصلة الله وإحسانه، قال صلى الله عليه وسلم : «الرحم شُجنة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله»؟
 
من الإحسان الذي تُثمره صلة الرحم : الزيادة في العمر، وكثرة المال والولد، فعن عمر بن سهل رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صلة القرابة مثراة في المال، محبة في الأهل، منسأة في الأجل» رواه الطبراني
 
صلة الرحم إحسان، ولذلك فهي لا تستلزم المكافأة، وإنَّما يؤدِّي حقَّها المؤمن الصادق وينتظر من الله ثوابها وأجرها، فيصل وإن قاطعه أهله، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» رواه البخاري.
 
جاء رجل يشتكي إلى رسول الله من أهله؛ إذ يحسن إليه، ويسيئون إليه، ويصلهم ويقاطعونه، فبشَّره الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» رواه مسلم.من صور الإحسان إلى ذوي الأرحام : النفقة عليهم: فهي من أعظم الإحسان، وأجود صور الصلة، وهي من أعجل الثواب، وأوسع أبواب الرزق وزيادة البركة، وجاء في الحديث: «إنَّ الصدقة على المسكين صدقة، وإنها على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة» رواه ابن حبان.
أحسن إلى أهلك وأقربائك بالصلة وحُسن الخلق؛ يحسن الله إليك بسعة الرزق العاجل، ونعيم الجنة الآجل، ويُعمِّر دارك بالخير، ويُزد في عمرك. قال صلى الله عليه وسلم : «صلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزدن في الأعمار» رواه أحمد.
 
أحسن إلى الضعفاء :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى: ابغوني في ضعفائكم ، فإنَّما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» رواه أبو داود. فمن أحسن الله إليه بمال ونحوه، وأحب أن يزيده الله إحسانًا فليكن رحيمًا بالضعفاء، وليبتغِ نصر الله وفتحه في رعايتهم وقضاء حاجاتهم وإغاثة لهفاتهم، وتطييب نفوسهم.
 
احذر أخي أن تستكبر على الضعيف، أو تنهر السائل، فلربما أوجبت لك نهرة استكبار أو صولة على ضعيف أو سخرية بمسكين أو استهزاء بفقير تحويل النعمة وزوالها.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ لله أقوامًا اختصَّهم بالنعم لمنافع العباد، يقرّهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحوَّلها إلى غيرهم»
 
أحسن إلى عموم الناس :
صُوَر الإحسان إلى عموم الناس تجمعها خصلة واحدة هي: «الخُلق الحسن»، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته الجامعة لمعاذ: «اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخُلق حسن».
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده لا يضع الله رحمته إلا على رحيم» قالوا: كلنا يرحم، قال: «ليس برحمة أحدكم صاحبه، يرحم النَّاس كافة» السلسلة الصحيحة .
 
أحسن إلى الناس يحسن الله إليك، «ولا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» رواه مسلم مرفوعًا.
 
قابل الإساءة بالإحسان وفي ذلك قال الله جلَّ وعلا : “خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” [الأعراف: 199]. قال عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في هذه الآية: «أمر الله نبيَّه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس». قال مجاهد رحمه الله: «يعني خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تخسيس مثل قبول الأعذار، والعفو، والمساهلة وترك الاستقصاء من البحث والتفتيش عن حقائق بواطنهم».
 
قال صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يُرحم، ومن لا يغفر لا يُغفر له، ومن لا يتب لا يُتب عليه» السلسلة الصحيحة .
 
من صور الإحسان إلى الخلق بذل المعروف وصناعته، كالإنفاق والصدقة، والسعي على الأرملة والمسكين، وإغاثة الملهوف، وكفالة اليتيم، وقضاء الحوائج، وإقالة المعسر، ونحو ذلك من صور البر والخير. قال تعالى: “إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ” [الحديد: 18].
 
إن المال مال الله، وهو سبحانه من أنفق عليك، ورزقك إياه، وجعلك مُستخلَفًا فيه، ويسَّر لك أسبابه، وفتح لك أبوابه، ليبلوك هل ستشكر أم تكفر؟! فاحذر أن يراك مُمتنِعًا عن الإحسان بما أحسن إليك! قال تعالى: “لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” [آل عمران: 92]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من يوم يصبح العباد فيه إلاَّ ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول ألآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا» رواه البخاري ومسلم.
 
إنَّ الصدقة وقاية من غضب الله وعقابه، تدفع ميتة السوء وتوجب انشراح الصدر وطمأنينة النفس، وتستر العيب، وتُحِطُّ الخطيئة والذنب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» رواه الحاكم وصححه الألباني
وتذكَّر أنَّ إحسانك إلى الناس بمالك هو مفتاح رزق تنزل به البركة من السماء؛ فقد قال الله جلَّ وعلا في الحديث القدسي: «أنفق يا ابن آدم أُنفق عليك»فسبحان من أحسن وأغنى، وجعل جزاء الإحسان زيادة الإحسان والغنى!
 
يقول ابن القيم رحمه الله : «والله سبحانه وتعالى رحيم يحب الرحماء، وإنما يرحم من عباده الرحماء، وهو ستير يحب من يستر على عباده، فمن غفر غُفر له، ومن سامح سامحه، ومن حاقق حاققه، ومن رفق بعباده رفق به، ومن رحم خلقه رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، فأحسِنْ كما أحسن الله إليك، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً».
 
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أحب أن يُزحزح عن النَّار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليؤت الناس مثل الذي يحب أن يؤتى إليه» رواه مسلم. فإن كنت تحب النجاة من النار والفوز بالجنة فأحسن إلى الناس كما تحب أن يُحسَن إليك، وعاملهم كما تُحب أن يعاملوك، فإن كنت تحب أن يَبَرَّك أبناؤك فبرّ والديك، وإن كنت تحب أن يوسع الله في رزقك فكن مفتاح رزق على أرحامك، وإن كنت تحبّ أن يرحم الله في الآخرة ضعفك فأحسن إلى الضعفاء، وإن كنت تحبُّ أن يستر الله عورتك فاستر عورات المسلمين، وإن كنت تحب أن تنال الجنة ونعيمها فأحسن عملك وأصلح نيتك.
 
تذكَّر أنَّ ثمار الإحسان لا يعلم قدرها ووزنها إلاَّ الله جلَّ وعلا، فلو لم يكن من ثمارها إلاَّ محبة الله جلَّ وعلا لكان جديرًا بكلِّ مؤمن أن يُوطِّن نفسه لاكتسابها؛ فمحبة الله سبحانه هي مفتاح الخير أجمع، من ظفر بها أشرقت في وجهه البركات، ونزلت عليه الرحمات، وكان الله له بكلِّ خير أشرع، فأحسن “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى