الشحات أنور .. تحل اليوم الذكرى التاسعة لرحيل الشيخ الشحات أنور، “أمير النغم” وأحد أعظم قراء القرآن الكريم في مصر والعالم الإسلامي، ولد عام 1950 بقرية كفر الوزير التابعة لمركز ميت غمر محافظة الدقهلية، وتوفي يوم 13 يناير 2008 . “العملاق المصري” –
هكذا يلقبونه في إيران- بعد ثلاثة أشهر من ولادته مات والده، ليعيش يتيما، وتكفل به خاله الشيخ حلمي محمد مصطفى الذي رعاه طيلة حياة، وتعهده للكتاتيب ودور القرآن الكريم، فأتم حفظ القرآن وعمره ثماني سنوات، وجوده على يد الشيخ على الفرارجي الذي تنبأ له بمستقبل كبير في عالم التلاوة. استقل الشحات أنور بشخصية قرآنية لها سمعتها الكبيرة على مستوى المحافظات المجاورة وهو طفل صغير، فكان يطلب للحفلات الكبيرة ليتنافس مع القراء الكبار، وعين قارئا للسورة بمسجد الإمام الرفاعي. لالتحاق الشيخ الشحات بالإذاعة المصرية قصة طويلة، ملخصها أن الأستاذ كامل البوهي رئيس الإذاعة آنذاك طلب منه الانضمام للإذاعة بعد أن سمعه فى احتفال بميت غمر قائلا له: “لماذا لا تدخل الإذاعة فأنت صوتك جميل ولك نغمة خاصة، ودخولك الإذاعة سيلفت الأنظار إليك وأنت تمتلك نغمة خاصة”، فرد عليه الشحات : “أنا فلاح معرفش حاجة عن المدينة”، فتعهد البوهي بمساعدة وتوجيهه.
وبالفعل تقدم للإذاعة عام 1977، فوجهته إلي إثقال وتعلم النغم القرآني، واعتمد بها عام 1979 هو والدكتور أحمد نعينع وحصلا على أعلى الدرجات فى الاختبارات التي تمت حينها.
انتشر صيت كالبرق في أول عام التحق به بالإذاعة، وسجل القرآن الكريم مرتلا عام 1985، وأجازه مجمع البحوث الإسلامية، إلا أنه أعاد تسجيله مرة أخرى سنة 1987 دون معرفة الأسباب، ورفض حينها الحصول على أجر مقابل التسجيل واعتبر ما قام به صدقة جارية.
سافر إلي العديد من دول العالم، وكان حريصا على قراءة القرآن الكريم في معظم الحفلات بالخارج دون مقابل، عسى أن يهدي الله الناس على يديه، فاسلم على سماع صوته 60 شخصا في أمريكا منهم ضباط – حسب رواية أحد ابناه فى لقاء تليفزيوني. منحته الجامعة البنورية فى باكستان درجة الدكتوراه الفخرية أثناء تحكيمه بالمسابقة الدولية للقرآن والتلاوة على هامش المسابقة وخلال الزيارة حملته الجماهير الغفيرة بالسيارة، ومات فى 13 يناير 2008 . قال عنه الأستاذ أحمد همام صاحب “كتاب سفراء القرآن”،: “لا يوجد ركن من أركان الكون وإلا وقرأ فيه القرآن، حيث قرأ القرآن على الحجر قبل البشر .. عندما تسمع الآيات تطرى على لسان هذا القارئ تأتي على قلبك كما يأتي الماء على الصحراء فتصبح به مخضره.. طريقته وأدائه ينعش القلب والروح فيجدد الإيمان..
في جلسوه على كرسي القراءة عندما ينظر إليه المستمع يخطف قلبه وكيانه فى لحظة واحدة”. وروي همام موقف دار بين الشيخ الشحات، وأحد مندوبي رئاسة الجمهورية في احدى الأمسيات بقصر عابدين، حيث جلس الأخير ولم يفصح عن نفسه متأملا فى شخصية الشيخ، وبعد انتهائه من الكتابة، قال له: أنا لو كنت مسئول بختار حد منسق بين دول العالم كنت اختارتك يا شيخ الشحات، لآن لديك قبول وتؤثر في النفس من خلال نظراتك”..
فرد عليه الشيخ الشحات: ” أنا لست منسقا سياسيا ولكنى أنسق بين الخلق وخالقهم، وانقل مراد الله إلي عباده وليس هناك مكانة أشرف من هذه المكانة”. وروى الشيخ أنور الشحات أن أبيه كان يقرأ القرآن في الاحتفالات بمسجد السيدة نفيسة -رضي الله عنها- وكان الشيخ الشعراوي يفسره الآيات التي يقرأها. فيما أكد علاء رفعت، أحد أقارب الشيخ الشحات أنور وجامع تراث أمير النغم، أنه حفظ القرآن من كثرة استماعه لتلاوات الشيخ، موضحا أن الشيخ الشحات كان محبا لزملائه من القراء وكان يقوم على حل مشاكل القرية ويصلح بين المتخاصمين، كما كان يقرأ القرآن في مسقط رأسه دون أجر، لأفتا إلى أنه عندما قرأ قرآن الفجر لأول بالإذاعة خرجت قرية كفر الوزير عن بكرة أبيها واستقبلته استقبالا كبيرا. وذكر أنه كان بصحبة الشيخ الشحات في عزاء بإحدى قرى المنصورة، عام 1997، وروى أن الشيخ صدم عندما وجد بيت المتوفي متواضعا، فسأل أهل القرية: كيف تأتون بقارئ مشهور وتعطونه مبالغ طائلة وبيت المتوفي بهذا التواضع” فأجابه الأهالي بأنهم جمعوا أجره من بعضهم، فطلب الشيخ الشحات أن يقابل زوجة المتوفي، وتنازل عن أجره في هذه الليلة لهذه الزوجة مساعدة منه لهذه الأسرة التي فقدت رجلها..،
وفى هذا اليوم رفض الشيخ الشحات تناول أجود الأطعمة التي قدمت له واكتفى بكسرة من الخبز.
خلاص نتقابل الاتنين ان شاء الله فيما اكد السيد الجمصى واحد المقربين من اسرة الشيخ الشحات انور ان فضيلته صاحب مدرسة خاصة فى تجويد القران الكريم وتتلمذ على يده العديد من مشاهر القراء ومنهم الشيخ الطاروطى و الشيخ حجاج الهندوى وغيرهما من مشاهر الجيل الثالث من قرائ القرأن الكريم فى مصر والعالم الاسلامى.