أحضان الطوفان
بقلم عبير التميمي
أسير بخطوات هادئة في إحدى شوارع
باريس الشرق.وعروس القناة محافظة الإسماعلية الجميلة أكثر الأماكن هدوء، وقربا لفؤادي
من يراني للوهله الأولي يظن أنني بخير. ولكن ما يدور داخل جسدي من معارك لا يعرف خسائرها الإ عقلي وبعض من أجزاء جسدي الذي تهتف بكل قوة. أرحمي ما تبقي لي من قوة كي أستطيع أن
إعيدك للمنزل في سلام. ولكني أكابر ولا أستمع لكل هذه الصراخات.
وأصر علي الوصول إلى عيادة الطبيب مرة أخري بعد عمل الإشاعة في مركز الأشعة الذي لا يبتعد كثيرا عن العيادة.
ولكن كم الإرهاق أفقدني طريق الوصول لعرض تشخيص الأشعة الخاصة بي.
وسارت الأحداث كحلم أرى وأسمع وأسأل ولكن جسدي خارج نطاق السيطرة.
وتوقفت قدمي برهة كي أسأل من فضلك أين شارع بنك القاهرة.
فتلك هي أقرب علامة مميزة لعيادة الطبيب. وأستمع لإجابه أثلجت صدري وأوحت لي بنسيان ما أعاني من وهن جسدي
وأشار بيده نحو الطريق( أمشي زي ما إنتي كده أول شارع يمين.)
شكرت الرجل وأخذت ما إختزنته من قوة الإجابة كي أستكمل طريقي وأنظر أمامي ليقع بصري علي رجل وسيدة في منتصف العمر يسيران عكس خط سيري.
ولم أگن أعلم أن مرورهم في تلك اللحظة لأمر يعلمه الله وحده فقد كأن الشارع خاليا تماما ألا منهما وهذا الرجل الذي كان يجلس جوار محله الصغير.والذي تفضل بالرد علي سؤالي.
. وما هي الإ بضع خطوات وإذا بي
أستشعر كأن الأرض هي التي تسير بي وأنني أفقد السيطرة على ساقي فما هي الإ جزء من اللحظة حتي تداركت إني أترنح بين صفي من السيارات تتاخد جانبي الطريق منزلا تأوي إليه من عناء يومها.
وكأن الجاذبية الأرضية تلاشت تحت قدمي وبدء العد التنازلي لجسد تخور قواه وبالكاد يتماسك دون أن يسقط.
وما كان لي من بقايا التفكير غير النداء بصوت مرتفع قدر إستطاعتي وكأني أغزل بصوتي حبل نجاة للخروج من مخالب اللا عودة.
وأصبحت أستصرخ كالغريق لا أدري ما أقول. وفي تلك اللحظة لم تكن حاسة البصر تقوم بوظيفتها. كنت أسمع فقط وجاء الصوت مسرعا من بشر قد وهبهم الله نور الرحمة والقبول فقد كانت موجات أصواتهم لي كأنها أطواق نجاة مدت لسمعي لتجذبني لشط الأمان لكي تطمئن نفسي من كل ما شعرت به من لحظات مرعبه كانت بالنسبة لي كطوفان شديد يخطفني إلي أحضان جوفه البارد المظلم السحيق
وسمعت صوت هادئ النبرات كأنه النسيم العليل يجدد الزفير مع الحياة إلى رئتي.
مالك حاسة بإيه دلوقتي.
طيب حوالي تسندي ضهرك علي العربية إلى جنبك
متخفيش هتبقي كويسه. خير مفيش حاجه إطمني. تحبي نكلم حد يجي يروحك ولا نوصلك.
كانت تلك الكلمات أعظم ما سمعت في حياتي فقد بعثت في الحياةمن جديد. مرت دقائق بسيطة كي أستعيد نورالبصر ووعي وإدراك العقل الذي كان يسمع وينفذ ما يقولون.
سمعت خدي قعديها علي الكرسي ده..
ورجل يتحدث للآخر بلاش مياة ساقعة صوت نفسها عندها حساسيه صدر.
وتداركت فيما بعد أنه صاحب المحل الذي أشار لي علي الطريق يتحدث مع زوج السيدة التي جواري.
وتطلعت بعين زائغة تري الصور كأنها مغلفة بضباب كثيف. كي تتضح لي رويدا رويدا صورة تلك.السيدة ذات الوجه الملائكي. تتطلع لي بيقين
بأنني بخير وترسل لي عبر تلك الملامح الناعمة أن أطمئن وأنها لأن تبرح مكانها هي وزوجها حتي
تطمئن علي وبأنني وصلت منزلي.
وأثناء هذه الطاقه الإجابية التي دثروني بها
إستكانت نفسي وأستقرت روحي داخل جسدي.
بحضور أبني كي تكتمل هاله الروح وتضيء طريق العودة بوجوده فور أتصالي به وإستعادة وعيي من تلك الفاجعة.
ولحسن حظي إنه كان آخر اتصال بي ليعلمني بوصوله للمنزل ويطمئن علي وعلى نتيجة الكشف
فسهل على الأمر ولم يكن المنزل بعيدا فقد حضر مسرعا بعد أن واصل الأتصال مع زوج السيدة في وصف مكاني كي يحضر لأخذي إلى المنزل.
واستكمالا لمن سخرهم الله لي في تلك اللحظات العصبية من فعل الخير فلقد أكملو فيض الأمان لي ونهر الحسنات لهم فلم يبرحوا من جواري لحين وصول إبني وإنني أصبحت في مأمن
لم تكن تلك الأحداث مجرد كلمات أو جمل بقصة تسرد كي تمتعنا أو مضيعة للوقت.
بل هي واقع شاهدته وأستشعرت كل ما مر به كانت رساله لعقلي وروحي ودمي الذي يسير داخل جسدي بهذه القوة التي تكمن في ما يصلنا من طاقة أمان وشعور بالرحمة من قلوب نابضة بها
بأن لا معني للحياة بدون قلوب وأرواح تشعر بنا وتتابع خطواتنا بإهتمام.
فقد تفوهت هذه السيدة الحنون بجمله وسؤال عفوي قائلة.
حسيت بيكي وبتعبك من مشيتك. مش عارفة إيه
إلى خلاني ألف نحيتك أقف شوية أتابعك
.
لكنني أجبت داخل نفسي عليها
كتير نستشعر أروحنا ونفوسنا متعبه بشكل محزن ونظل نتجاهل ونستكمل مسيرة الحياة
حتي تفقد أرواحنا طاقة التحمل و تستغيث بأرواح سخرها الله جل شأنه للخير وقضاء حوائج الناس. وهذا ما قد استشعرت به في تلك اللحظات.