بقلم – محمد عطية
ممّا لا شكّ فيه أنّ العلاقات الاجتماعية ـ على مستوى الأسرة والمجتمع ككل ـ تمرّ حاليّاً في فترة من الفتور القريب إلى البرودة، إذ نلاحظ أنّ الكثير من العلاقات تتحطّم يومًا بعد يوم سواء أكانت داخل الأسرة أم خارجها، وينتج عن ذلك المرارة والانقسام والطلاق، والحياة أصبحت لا تطاق بالنسبة للكثيرين. وهذا إن أشار إلى شيء فهو يشير إلى خلل في اكتساب المهارات الاجتماعية التي نحتاج إلى أن نوليها مزيدًا من الاهتمام من أجل إقامة وتنمية العلاقات القوية الناجحة التي تدوم وتدوم.
وىعتَبر النجاح في العلاقات من أهم جوانب نجاح الإنسان في الحياة. وهذه القدرة على التعامل بنجاح مع الآخرين مهارة مكتسبة من خلال خبرات الإنسان ومعاملاته واحتكاكه بغيره. والعلاقات الناجحة هي العلاقات الصحية التي تجلب الشعور بالارتياح عند الإنسان تجاه نفسه وتجاه من يحتك بهم في علاقاته. واليك بعض الخطوات العملية في إقامة علاقات ناجحة مع الآخرين، سواء أكانت علاقات في دائرة العمل، أم علاقات في المجتمع، أو حتى العلاقات العاطفية.
العلاقات الناجحة: ضرورة أساسية
يرى علماء النفس أنّه لكي يكون الإنسان سويّاً في حياته لابدّ مِن شرط هامّ، وهو أن ينشأ مُحاطًا بمشاعر الحبّ والاهتمام والاحترام والتقدير والقبول، أمّا الطفل الذي ينشأ في بيئة تُشعره بالنبذ والرّفض وبأنه غير مقبول أو محبوب، فهذا الطفل يتصرّف إمّا بالعدوانية والعنف أو بالانطواء والعزلة عن غيره من الأطفال.
نحن كبشر عموماً نحتاج إلى إقامة علاقات اجتماعية وطيدة نتبادل فيها مشاعر القبول والحبّ والتقدير والاحترام مع الآخرين كأفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل، وغياب هذه العلاقات يعرّض الكثير مِن الناس للقلق والعزلة الاجتماعية والاكتئاب والوحدة الشديدة، الأمر الذي يفسّر الكثير مِن حالات الانتحار التي يشهدها العالم اليوم.
ان جميع العلاقات الإنسانية الصحيحة تقوم على أساس مشترك مِن المحبة الصادقة النابعة مِن القلب، والتي تشكّل حافزًا لتلك العلاقات وتؤدّي إلى قوّتها ونجاحها وديمومتها. المحبّة كلمةٌ صغيرة ولكنها تحمل في طيّاتها معانٍ ودلالات كثيرة وعظيمة تنعكس على الإنسان وعلى علاقاته مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع ككل. كما أنّ حرمان الإنسان مِن تلك المحبة يُفقده التوازن في سلوكه وعلاقاته.
مبادئ أساسية في بناء علاقات جيدة
1) تقبّل نفسك:
لن تقدر أن تتقبّل الآخرين وتحترمهم وتحبّهم ما لم تحبّ نفسك وتحترمها، فكيف تحبّ الآخرين وتتقبّلهم ما لم تشعر بالمحبة والقبول تجاه نفسك أنت أوّلاً؟ إنَّ شعورك بقبولك لنفسك وبقبول الآخرين لك يُكسبك قوةَ تأثيرٍ إيجابية تجاه الآخرين.
2) ابتعد عن السلوكيات السلبية: مثل الكبرياء والأنانية وغيرها مِن السلوكيات السلبية التي تشكّل عوائق تضعف قدرتك على بناء علاقات ناجحة مع الغير. في المقابل، قم بتدعيم السلوك الإيجابي الذي يساعدك في كسب قلوب الآخرين وبناء علاقات رائعة معهم، كالتحلّي بروح التواضع والمرح وروح الدعابة. في كلّ الأحوال، ينبغي أن تتمتّع بتقدير صحّي لذاتك، بحيث تكون نظرتك لذاتك إيجابية، وتشعر باحترام الذات وبالرضا عن نفسك والثقة بأنّك جدير بالقيمة والأهمية.
3) الـتحـدث والتعامل مـع الآخـريـن
· إبدا حديثك مع الآخرين بالسؤال عنهم.
· الإصغاء وحسن الاستماع: فكما تريد أن يستمع إليك الآخرين، كن أنت أيضاً مستمعاً جيداً لمن يُحدثك، مع الاهتمام بكلامه بالنظر إليه والتركيز فيما يقول.
· اختيار أفضل الكلمات: فكل ما ينطق به الفرد يُعبر عن شخصيته، ولكل مصطلح أكثر من مرادف، فاختر أفضل الكلمات التي تُعبر عن المعني.
· بشاشة الوجه: فابتسامتك تجعلك مقبولاً لدى الآخرين، ولتكن متأسياً بحديث رسول الله – صلي الله عليه وسلم: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”.
· الابتعاد عن الثرثرة ومحاولة الاستئثار بالحديث: فهذا السلوك منفر غير مقبول عند الناس، ولتكن مستمعاً أكثر منك متحدثاً.
· الابتعاد عن التكلف: فكلما كان الفرد على طبيعته في كلامه وتصرفاته، كان أقرب إلى قلوب الناس.
· تخير الوقت المناسب للمزاح: ولا تكن مازحاً طوال الوقت، فكثرة المزاح تُقلل من شأن الفرد وتُزعج الآخرين.
· تجنب الإكثار من الحديث عن النفس، فذلك يجعل الطرف الآخر يشعر بالملل من الحديث معك.
· لا تكن كثير الشكوى والحديث بشكل سلبي، وإنما حاول أن يكون حديثك إيجابياً قدر الإمكان .
· لا تكن فضولياً وتحاول الاطلاع على أسرار الآخرين، فهذا السلوك يُنفر الآخرين منك.
· ابتعد عن إعطاء الأوامر للآخرين، واطلب من الطرف الآخر ما تريد بأسلوب لطيف.
· إذا أثار انفعالك موضوع ما، فحاول أن تضبط أعصابك وتُسيطر على انفعالك حتى لا تُسيء للآخرين وتندم فيما بعد.
· عبر عن رأيك واعرض وجهة نظرك، ولكن مع إظهار احترامك لوجهات نظر الآخرين.
· ابتعد عن السخرية والاستهزاء بكلام الآخرين.
· إذا أردت أن تنتقد شخصاً ما، فابدأ حديثك معه بذكر شيء محبب عنه بإطراء صادق، ثم وجه نقدك بأسلوب لطيف يجعل هذا الشخص يشعر بأنك حريص عليه وتريده أن يظهر بصورة أفضل أمام الناس وأنك لا تنتقده لمجرد النقد، ثم اختم كلامك بإطراء آخر.
· كن صادقاً في تعاملك مع من حولك: وابتعد عن التلون والظهور بأكثر من وجه، ولا تُحاول الادعاء بما ليس لديك.
· كن حريصاً على احترام مواعيدك مع الآخرين.
· إذا أساء إليك أحد الأشخاص فعاتبه بأسلوب لطيف، كي لا تتراكم في قلبك مشاعر سيئه تجاه هذا الشخص، فقد تكون إساءته إليك بدون قصد.
· اعتذر للآخرين إذا شعرت أنك أسأت في حقهم، فالاعتذار لا يُقلل من شأنك بل يرفع قدرك.
· احرص على زيارة من تعرفهم سواء كانوا أقارب أوأصدقاء، فالزيارات تزيد الترابط بين أفراد المجتمع، وكذلك احرص على دعوتهم إلى منزلك وأكرم ضيافتهم.
· إذا كنت تنوي القيام بزيارة أحد “مهما كانت درجة قرابته منك” فلتحدد معه موعد مسبقاً وليكن عن طريق الهاتف حتى يكون على استعداد لاستقبالك.
· تبادل الهدايا مع الأخرين ولوكانت بسيطة ، فالهدايا تزيد المحبة بين الناس، قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم: ” تهادوا تحابوا “.