• مقالى لكم عنوانه .. سؤال .
والإجابة بنعم ..
وحدث هذا فى دول أخرى عبر التاريخ ، وسأروى لكم الحكاية فانصتوا واكتموا الأنفاس .. واعقدوا العزم على حماية استخباراتنا ، بأى ثمن ..
* هذا واجب الجميع والإخوان المسلمين فى المقدمة ، حتى لا نفقد أرضنا ، وعقيدتنا الإسلامية ، وشعوبنا العربية . ومن أراد أن يفهم فليتابعنى بروية وصبر ، أعاننى الله وإياكم !
_____________________
• ليس هناك نمط محدد للاستخبارات ، فهى تختلف من دولة الى أخرى ، وأيضا فى نفس الدولة ، بحسب قادتها ، وطباعهم وقدرتهم على العمل ، وقطعا تؤثر أيديوليجيات الدول ونظمها السياسية فى هذا التباين .. فما هو عند الصينيين غير ما لدى الروس والألمان والفرنسيين أو الأنجلوساكسون ، ودائما ما يفرض الطابع القومى نفسه على الجميع .
………………………
• وستجد مثلا أن الروس ينزعون الى العمل السرى .. ومرجع ذلك الى التتار الذين اضطهدوهم على مدى قرون ، وكذلك الى حكم القياصرة المطلق ، الذى أفرط فى الرقابة الأمنية فى الداخل على يد الشرطة السرية ، وفى الخارج على يد الاستخبارات السرية .
• ويخبرنا المنشقون والهاربون من المخابرات الروسية فى فترة ما بين الحربين العالميتين ، وأثناء الحرب الباردة ، أن الروس كانوا أساتذة فى التمويه والسرية ، وكان لهم ميل تقليدى الى تكوين العصابات السرية والعمل تحت الأرض ، وهم متنكرون أفذاذ يحبون الظهور بوجهين ، بل انهم يستمدون إحساسهم بالحياة من خلال الأدوار المزدوجة التى يلعبونها .
• وهنا أحب التأكيد على التشابه الواضح بين الروس واليهود الذين احتلوا فى يوم بعيد موقعا خاصا فى استخبارات موسكو ، وطبعا تغير هذا الآن .
………………………..
• كل أجهزة الاستخبارات تسهم بشكل فعال فى الانتصار أو الهزيمة التى تلحق جيوشها ، وإن كان ما يحسم الحرب عوامل أخرى وهى تحديدا الاستراتيجية السياسية والعسكرية للدولة أو للحركات الثورية .
• ولكل جهاز استخبارات تاريخه الخاص ومصيره وفترات القمة وأيام السفوح ، وله أيضا ضحاياه .. فهو يتعامل مع الأسرار السياسية ، ويمكن أن يقع فى طاحونة الصراعات الداخلية ، التى تدمر قادته الرئيسيين وخصوصا فى الأنظمة الشمولية ، وحدث هذا بوضوح فى ” الشعبة الرابعة ” .. من رئاسة أركان الجيش الأحمر الروسى ، التى تعرضت لعمليات تطهير واغتيالات قام بها استالين أصابتها فى الصميم ، وغيرت قادتها وتنظيمها وتركيبتها الشخصية وجعلتها تفشل فى غرب أوروبا ووسطها أثناء الحرب من سنة ( 1941 ) وحتى ( 1943 ) .
* كان ستالين متشككا فى ولاء جيشه ، فانقض عليه بمكر ووحشية . بدءا من سنة ( 1937 ) وعمل مع معاونوه بقدر كبير من السرية .. حتى أن بعض كوادر الجيش كانت تستمر فى العمل حتى قبل ساعات من اعتقالها وقتلها . والمثال الأبرز كانت حالة المارشال ” توخاتشيفسكى ” وزير الدفاع الأشهر قبل الحرب العالمية الثانية .. الذى ظهر الى جانب استالين مباشرة على ضريح ” لينين ” أثناء عرض مايو سنة 1937 م وبعد يومين قبض عليه وأعدمه ، وكان استالين يصدر أوامر الاعتقال فى آخر دقيقة . وقام بتصفية ( 90 % من الجينرالات .. 80 % من العقداء .. قام بتصفيتهم )
………………………….
• وتصرف هتلر بطريقة مشابهة وإن كانت أقل دموية وإرهابا . وتظهر وثائق المخابرات الألمانية أن وزير الدفاع الروسى الذى أشرت اليه ” توخاتشيفسكى ” كان ضحية المخابرات الألمانية التى زورت رسائل متبادلة بينها وبين ، ضباط روس ، أدت الى تلك المجزرة التى لحقت بهم وقام ” بينيش ” – رئيس تشيكوسلوفاكيا آنذاك – بإيصالها الى ستالين . وبهذا سلم كل قادة الجيش الأحمر الى سكين هذا المتعطش الى الدماء .
…………………………..
• واستطاع البعض الفرار .. فها هو رئيس مقر أوروبا الغربية يفر الى أمريكا ” الجنرال فالتر كريفيتسكى ” وتبعه رئيس الاستخبارات السرية ” الجنرال أورلوف ” وتحطمت منظمة أوروبا التابعة للاستخبارات السوفيتية ، وسجن نخبة جولسيس روسيا فى أقبية موت الشرطة السرية . وتعرضت الاستخبارات السوفيتية لخسارة فادحة وتمثلت أكبر خسائرها فى تصفية رئيس الاستخبارات العسكرية ” الجنرال يان بيرسين ” الرجل الذى نشر شبكة جاسوسية محكمة التنظيم فوق أوروبا بأسرها ، ولم يكن لدى كل استخبارات الغرب ، مثل هذا العدد الهائل من العملاء . ولم تشفع لدى استالين المتشكك انجازات اى فرد ولم يعترف بأى ظروف مخففة .
…………………………..
• تخيلوا .. ” الجنرال يان بيرسين ” .. الذى أسس الشعبة الرابعة وافنى نصف عمره فى صنعها ، وصنع معجزة الاستخبارات الروسية ، لا يشفع له شئ . هذا الرجل الثعلب الذى لم يكن يظهر بصفته كرئيس ومدير الاستخبارات العسكرية السوفيتية ” والغريب أن خلفه ” الجينرال سيمون بيتروفيتش ” ومساعده ” الكساندر كورين ” لقيا نفس المصير فى موسكو مما أصاب الجهاز بالشلل لسنوات عديدة . وهرب العديدين الى الغرب وهتكوا حجاب السرية الشاملة ، فعرفت أجهزة الغرب ما كان يتطلب تجنيد المئات من العملاء .. هذا إن كان بوسعهم الحصول عليهم أصلا .
ورأينا ” الجنرال ” كريفتسكى ” الذى اختار الحرية وهرب ونشر مذكراته ووجد بعدها مقتولا فى غرفة بفندق بواشنطن .
والجنرال ” ألكساندر أورلوف ” رئيس مكتب أسبانيا الذى فر ونجا بجلده من مطاردة زملائه السابقين وألف كتابا هاما يعد مرجعا لأجهزة الاستخبارات العالمية .
وأيضا مدير مكتب تركيا ” ج . س . آجرابوف ” الذى هرب الى بلجيكا ، ولكنه خُطف وأُعيد الى موسكو حيث تم إعدامه .
_____________________________
* طبعا أنا لا أقصد أن أحكى لكم حواديت قبل النوم ، ولا مغامرات الشاطر حسن .. فلكل حدث مما ذكرت دلالته ، وأشعر بالرعب أحيانا وأنا أتخيل أجهزة استخباراتنا وقد أصابتها لعنة الخلافات السياسية بين القادة السياسيين ، وهنا سيتحرك الثعبان الرابض على حدنا الشمالى الشرقى .. ليكسب نقاطا على حساب ضربات قد توجه داخليا لاستخباراتنا لأى سبب . وتكون تلك البداية هى السطر الأول فى هزيمة عسكرية تعيدنا الى حدود ما قبل عبور اكتوبر .
________________________________________________
* ( المركز القومى للدراسات الإستراتيجية والأمنية والسياسية د / محمد البكرى )