اعتادت إسرائيل في الصراع العربي الإسرائيلي على الضربات الخاطفة وتباهت بأنها صاحبة الذراع الطولى نظرا للطائرات التي تمتلكها ففي 5 يونيو عام 1967 قامت بالعدوان على مصر واحتلت سيناء وهضبة الجولان السورية والضفة الغربية ثم قامت أثناء معارك الاستنزاف بضرب الأهداف المدنية فمن منا لايتذكر مذبحة مدرسة بحر البقر الابتدائية بمحافظة الشرقية ومصنع أبو زعبل ؟
لذلك اتخذت مصر قرارات بإعادة تنظيم وتطوير قواتها المسلحة ففي الأول لشهر فبراير عام 1968 وخلال معارك الاستنزاف صدر القرار الجمهوري رقم 199 بإنشاء قوات الدفاع الجوي المصري كفرع رئيسي وقوة مستقلة قائمة بذاتها بعد أن كانت أسلحتها ووحداتها متفرقة بين الإدارات والقوات فالمدفعيات والصواريخ كانت تتبع إدارة المدفعية ووحدات الرادار والإنذار ومراكز العمليات كانت تتبع القوات الجوية ونقاط المراقبة بالنظر كانت تتبع قوات حرس الحدود.
بذلك كانت جميع الوسائل والأسلحة والمعدات المضادة للهجمات الجوية تحت قيادة واحدة ضماناً للتنسيق وتوحيداً للمسئولية وتحقيقاً للنجاح وفي 23 يونيو عام 1969 تم تعيين الفريق محمد علي فهمي قائدا للقوات حديثة النشأة وتحمل على عاتقه مهمة إعادة تنظيم القوات وتدبير الكوادر وتدريب الأفراد والارتفاع بمستواهم التعبوي والتكتيكي والفني مع تكوين قاعدة تكنولوجية عريضة قادرة على استيعاب أسلحة الدفاع الجوي الحديثة في أسرع وقت ممكن بهدف حرمان إسرائيل من تفوقها الجوي وتطلب تطوير نظام الدفاع الجوي المصري إنشاء شبكة إنذار بعيدة المدى لاكتشاف أي طائرة معادية تقترب من المجال الجوي المصري وتوفير الوقت الكافي لتحذير قواعد الصواريخ ومواقع المدفعية وتأمين تيار المعلومات اللازم لكي تعمل تلك المعدات والأسلحة بكفاء ونجحت مصر في توفير أعداد كبيرة ومتعددة من وسائل الإنذار واستخدامها في تنسيق وتعاون متكاملين وتعزيزها بشبكة من نقط المراقبة بالنظر وتجهيزها بشبكة مواصلات مرنة وحمايتها ضد الهجمات الإسرائيلية الإلكترونية بدأت القيادة العامة للقوات المسلحة في دعم قيادة الدفاع الجوي بأنواع حديثة من الأسلحة والمعدات الإلكترونية والصواريخ المضادة للطائرات التي تطير على ارتفاعات منخفضة وتابع رجال الدفاع الجوي إنشاء المواقع الحصينة على اتساع رقعة الدولة من أسوان إلى الإسكندرية ومن بورسعيد إلى مطروح وكرست الدولة إمكانياتها المادية والهندسية لبناء تلك المواقع في أقصر وقت ممكن مع تجهيز الطرق وإقامة المواصلات السلكية واللاسلكية.
ركزت القيادة الإسرائيلية ضرباتها الجوية على خط القناة بهدف التمسك بخطوط وقف إطلاق النار وإحكام قبضتها على تلك الجبهة وتحددت مهام القوات الجوية الإسرائيلية في تدمير المواقع العسكرية المصرية وخاصة مرابض مدفعية الميدان ومنع إقامة قواعد جديدة للصواريخ المضادة للطائرات في منطقة القناة وعزل المناطق الهامة على الجبهة المصرية وشل أي تحركات تهدف إلى إدخال قوات أو حشدها في المنطقة ولمواجهة تلك الضربات الجوية المركزة قامت قوات الدفاع الجوي بالتحرك لإدخال الصواريخ المضادة للطائرات إلى منطقة القناة وإنشاء حائط الصواريخ المضادة للطائرات باستخدام أسلوب الزحف البطيء على وثبات وذلك بإنشاء تحصينات كل نطاق واحتلاله تحت حماية النطاق الخلفي له وتم إنشاء مواقع النطاق الأول شرق القاهرة وإنشاء ثلاثة نطاقات أخرى تمتد إلى منتصف المسافة بين القاهرة وجبهة القناة وأنشئ لذلك التحصينات الميدانية اللازمة لعدد 24 قاعدة صواريخ وجهزت مراكز القيادة والسيطرة والمواقع بوسائل الاتصال اللازمة وتم تمهيد الطرق والمدقات وتحريك قواعد الصواريخ واحتلالها لمواقعها ومعها وسائل الدفاع المباشرة المضادة للطائرات ووسائل الإنذار اللازمة مع تنفيذ خطة خداع للضربات الجوية الإسرائيلية وامتصاصها بإنشاء مواقع هيكلية.
في صباح يوم 30 يونيو عام 1970 فوجئت الطائرات الإسرائيلية المغيرة بالصواريخ المصرية التي كبدت سلاح الجو الإسرائيلي خسائر كبيرة ليصبح حائط الصواريخ حقيقة واقعة وصرحت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل أن كتائب الصواريخ المصرية كعش الغراب كلما دمرنا أحدها نبتت بدلها أخرى.
ومقابل تلك الخسائر الكبيرة التي وقعت سعت إسرائيل وراء وقف إطلاق النار إلا أن قوات الدفاع الجوي تمكنت في الساعات القليلة التي سبقت يوم تنفيذ وقف إطلاق النار في 8 أغسطس عام 1970 من استكمال حائط الصواريخ على الصورة النهائية له عقب إنشاء حائط الصواريخ واعتبارا من 30 يونيو 1970 وخلال الأسبوع الأول من شهر يوليو تمكنت صواريخ الدفاع الجوي المصري من إسقاط العديد من الطائرات طراز فانتوم وسكاي هوك وأسر العديد من الطيارين الإسرائيليين وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم، فأطلقت وسائل الإعلام المصرية على ذلك الأسبوع (أسبوع تساقط الفانتوم) وجعل يوم 30 يونيو يوم الدفاع الجوي وتحتفل به مصر كل عام .