كتب : لفته عبد النبي الخزرجي الفنان الكبير يوسف العاني ، ورجل المسرح العراقي المعروف ، ممثل وكاتب مسرحي وانسان .. ولد الفنان يوسف العاني في الفلوجة في العام 1927م ، وقد كان جميلا جدا فإختاروا له اسما جميلا وهو ” يوسف ” ، ابوه ” اسماعيل عبد الملا لطيف العاني ” كان اماما لجامع الفلوجة ، ويعمل في بيع التبوغ ” والسكاير ” .. توفي والده وما زال يوسف طفلا طريا ، فتعرض لليتم في سلم حياته الاولى .. ولانه كان آخر العنقود كما يقولون ” بزرة الكعدة ” فقد كانت اخواته واخوته يقدمون له الرعاية ، فتوفرت له عناصر التنشئة ، بعد ان انتقل سكنه مع العائلة الى بغداد ” سوق اللبن ” .
وعندما دخل في الخامسة من عمره ، اقتادوه الى الملا ليتعلم على يده القراءة والابجدية .. وبعد فترة من حضوره الى الكتاتيب ، جاء يوما يحمل “سلة خوخ ” والذي كان يحبه كثيرا ، فاعطى زملاءه والملا ، لكل منهم واحدة فقط ، الا ان الملا لم يكن مقتنعا بواحدة .. فطلب المزيد ، فما كان من يوسف الا ان يرمي السلة في وجهه ويهرب ولم يعد ثانية للملا .
وعندما بلغ السادسة من عمره ، اخذه اخوه عبد الوهاب الى المدرسة ” دار السلام الابتدائية ” . توفيت والدته وهو في الصف الثاني الابتدائي .
ولذلك يقول العاني :
كنت طفلا ، احبو ، مات ابي .. وانا طفل احبو
فارقت امي ، كانت شهادة نجاحي بيدي
وثيقة فوز عندي
كنت في الثامتة ، بدأت احب واهوى وحدي
فالعالم متسع حولي ، واخي صار ابي
وزوجته صارت امي ، تحمل همي
تمنح كل شطاراتي .. الحق لكي تكبر
حتى نزواتي ، كل صباباتي صارت تكبر
وذات يوم : وثبت على كرسي عال ..
اصرخ بالصوت العالي لأمثل :
” يا مطحنتي يا مطحنتي ”
هاكم اسمي .. اسمي يوسف
اسمي يوسف الطحان .. يا مطحنتي يامطحنتي ..
قالوا : إعقل
قالت امي : مثل
قالوا : زد علما ، زد درسا واعقل
قالت امي : مثل والعب
لكن لا تتعب
انت الشاطر ، انجح وتفوق
اعلم ان الماء بلا لون
ولون البحر ازرق
اعشق لعبك ،واعشق حبك
مثل …. ورحت امثل !!!!
هذا هو الفنان يوسف العاني وهذه طفولته ..
مثل اول فيلم عراقي ” سعيد افندي ” ، فغضبت عليه السلطة آنذاك ، فقرر الهروب الى خارج العراق ، لقد اختار اليسار طريقا في حياته .
عاد الى العراق بعد ثورة 14 تموز 1958م .
وبدأت مسيرته الفنية على خشبة المسرح .. قدم الكثير من المسرحيات والاعمال الاذاعية وكتب المسرحيات ، وفي ستينات القرن الماضي ، قدم افضل المسرحيات ” النخلة والجيران ” والتي كتبها الروائي غائب طعمة فرمان وهو بعيد عن وطنه يعيش الغربة ..فقد استطاع يوسف العاني مع مجموعته الفنية ان يحول الكثير من روايات غائب طعمة فرمان الى مسرحيات رائعة ، جعلته يحتل موقعا متميزا في الحياة الفنية والمسرحية والثقافية عموما , وهكذا فقد منحته الجماهير لقب فنان الشعب .. نعم انه فنان من طراز خاص .