بقلم : أيات عبد المنعم أَنتَ مَدعُوٌّ عَلَى العَشَاءِ.. وَحدَكَ.. تَعتَمِرُ الحَافِلَةَ مُتَدَثـِّرًا بِأفكَارِكَ.. تُثقِـلُك الخُطَى التِي اجتَمَعتْ لِيَومٍ وَاحِدٍ لِعُمرٍ وَاحِدٍ عَليكَ، فَكَانَ لُزومُهَا سَبيلَ الوصُولِ تَقـطَعُ الطَّرِيقَ المُمطرَ بِحَبَّاتِ سَكِينَتِكَ الطَّيِّبَةِ تَلُوكُهَا فِي عُلُوٍّ وَبُطءٍ.. تَهضِمُها جَيِّدًا تُغلِقُ فَاهَكَ.. هَاتِفَكَ حَيثُ تَبدُو هَادِئًا، مُفرِطَ الإِذعَانِ فِي انتِظَارِ القـَادِمِ، أَو فِي تَفَادِي الخَطَأِ، تَتَحَمَّلُ عُمرًا فَوقَ عُمرِكَ.. وَتستَعِرُ نَبضًا ثَائِرًا لا يَتَذَوَّقُ الكِلاسِيكِيَّ مِنَ النِّدَاءِ، الشَّوقِ، الصَّدَمَاتِ.. يُصبِحُ صَاخِبًا، نُحَاسِيًّا، حَادًّا.. بِعَوَامِلِ التَّقَـادُمِ وَالحُزنِ تَستَقِـي النـَّاسَ، الأَحَادِيثَ، الرَّوَائِحَ، وَالصُّوَرَ.. وَتجمَعُ الخَرِيفَ الأَزَلِيَّ وَرَقـَةً وَرَقـَةً.. الشِّتَاءَ مِن لَيلٍ طَويلٍ.. دَمعَةً.. دَمعَةً غَيثـًا مِنَ البَسَمَاتِ، وَمُحِيطاً هَائِلاً مِنَ الذِّكرَيَاتِ التِي لا تَهدَأُ.. أَنتَ وَحدَكَ.. لا احتِوَاءَ فِي مُصَافَحَةِ العَابِرِينَ أَحَادِيثِ الأَصدِقـَاءِ.. حَمِيميةِ السَّاعَاتِ الطَّويلَةِ فِي مُخَاطَرَةِ الهَاتِفِ الأَصَمِّ، تَنصَرِمُ أَنتَ وَحدَكَ تُنصِتُ لِذَاتِكَ.. تَعرِفُ كَيفَ يَجتَمِعُ العَالَمُ دَاخِلَكَ فِي زَهرَةٍ.. تَتبعُ كَيفَ تَنَاثَرتِ أَشلاؤكَ عَدَمًا، ثـُمَّ تَتَعَلَّمُ كَيفَ أَطبَقـتَ عَلَى نَفسِكَ فِي سِجَالٍ طَويلٍ مَعَكَ، لِجوارِ نَافِذَةٍ لا تَرَى بِهَا سِوَى صُورَتِكَ.. أَنتَ دَاخِلِي لا تَطمَئِنُّ.. قَـدرَ مَا تَغَيَّرَتَ لأَجلِ الآَخَرِينَ، فَأصبَحتَ أَكثرَ تَهَشُّمًا، تَعَاسَةً.. حَيطَةً وَحَذَرَا. ثـُمَّ عُدتَ وَحدَكَ فِي رِكَابِكَ .. جِنَازَتِكَ.. سَرِيرِكَ، فِي صُورةِ تَخَرُّجِكَ الأَخِيرَةِ.. دَائِمَاً وَحدَكَ يَنتَهِي الخَوفُ فِي مِرآَةِ صَبَاحِكَ، فَيَستَحِيلُ الجَزَعُ الفِطرِيُّ مَعَ الوَقـتِ نَزعَةً أَو نَسَقـًا