وشم في ذاكرتي _ قصة قصيرة _جيهان حكيم
وشم في ذاكرتي
أنا واحدة من طابور نساء يطلق عليهن عوانس،
رغم جمالي المعهود الذي رسم لي أملاً واسعاً ورجاءً خائباً في زواج مثالي
كنت سيئة الحظ وكان السراب مدفن أحلامي
وحسب الطقوس تناولتْ الألسن سيرتي بحجة أن كل من تقدموا لي أشاحوا ببصرهم عني
وهكذا كانت تعيرني جارتنا بالمنزل بين الحين والآخر كلما تلاقينا
_ يتقدم لك خطاب كثر لما لم تتزوجي لحد الآن رغم بلوغك الأربعين ؟
_ النصيب
كانت هي الإجابة على سؤالها
بأستخفاف قالت :
_ أريد أن أطمئنّ عليك
_ اطمئني
كنت المح خبث بعينها وهي تقول :
( حبيبتي لا يوجد فتاة عانس بدون سبب!)
انزعجت لكلامها وقلت :
_ أخبرتُك السبب مائة مرّة
قلبت شفتيها ساخرة وهي تقول :
_ لأنك بلا وظيفة !!
ولأن جوابي لم يكن يشف فضولها بكلّ ثقة قلت :
_ تلك هي الحقيقة
نظرت الي باستخفاف وقالت :
_ ههههههه هذا سبب أغرب من الخيال
_ لا أفهم
_ ما خفي ربما كان أقبح
استشطت غضباً وقلت :
_ماذا تقصدين ؟
_ الناس يقولون إنك .. استغفر الله
_ ماذا يقولون وكـ ؟
وقبل أن انهي سؤالي انطلقت نظرة اتهام منها وهي تقول :
_ هناك شكوك أنكِ لستِ عذراء !
وكما يصعقك مسٌّ كهربائي، صعقني وصفها
في كل مرة كنت أنظر إليها بعتاب مستكين وانسحب
لكن في تلك المرة كرهتها، وددت لو أصفعها فقلت بسرعة ونفاد صبر:
_ أخرسي .. وانتبهي لكلامك وإلا سوف أبتر لسانك وأضعه في سلة المهملات
رمقتني بنظرة حادة وقالت :
_ لماذا اسكت ؛ أخيرًا رائحتك فاحت
استشطت غضباً وقلت لها :
_ أيتها اللعينة، كيف تجرؤين علي قول ذلك
اختنقت، حاولت أن أخرج تلك الغصّة التي تكسّرت في صدري
ولكن لم أجد ما أقوله سوى دموعٍ صامتة تبث حزني وشكواي لله
الأرقام تدور، والألم مع الأرقام يدور
إلي أن عرج الواقع بالحوار من الفرع للأصل
وتمخض عنه أَضافة أسماء بناتها الثلاث الجميلات المؤهلات إلي رصيد العنوسة
في آخر مرّة رأيتها فيها كانت تنتحب امامي بكل جبروتها معصوبة الرأس مجرورة من أذنيها لا تجد مفرّاً سوى أن تستسلم لما انكرت