في ضوء الاحداث والتطورات الجارية في المنطقة عموما وإيران خصوصا، فإن الصورة تزداد قتامة بالنسبة للنظام الايراني لأن أوضاعه على الصعيدين على أسوء ما تکون والاکثر إثارة من ذلك إنها تزداد سوءا مع مرور الايام مما يدل على إن النظام يعاني من ورطة حقيقية لکن وفي نفس الوقت ليست کأي من الورطات السابقة التي واجهته بل إنها أکبر مما يمکن تصوره.
حسابات الحقل والبيدر بالنسبة للنظام الايراني فيما يتعلق بتدخلاته في المنطقة وخصوصا بالحرب الدموية التي أثارها في غزة، لم تکن متطابقة بل کانت على عکس وخلاف حساباته ونفس الحساب بل وحتى أمر وأدهى بالنسبة لأوضاعه الداخلية ولاسيما بعد مصرع رئيسي حيث صار النظام بعد ذلك أمام مفترق طرقات کلها تقود الى مستقبل مجهول.
أکثر مايلفت النظر إنه وبعد حادثة الاغتيال الغريبة من نوعها التي جرت لأسماعيل هنية في طهران ووضعت النظام وخامنئي في وضع وموقف لايحسدان عليه، فإن النظام صار في الصورة تماما إن لم نقل في فوهة المدفع، وبذلك سقطت کافة إدعاءاته ومزاعمه الواهية بخصوص دوره کحريص على أمن وإستقرار المنطقة، والذي يجعل النظام في موقف صعب يجعله يشعر بالخوف والقلق، هو إحتمال أن تطول المواجهة التي يريد خوضها ضد إسرائيل ولا تکون کما يخطط لها خصوصا بعدما إنکشفت أوراقه المشبوهة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فهو يريد المتاجرة بها والاستفادة منه لتحسين أوضاعه وترسيخ نفوذه في بلدان المنطقة.
على الصعيد الداخلي، فإن تزايد عدد الاحتجاجات الشعبية وتجاوزها الحد المألوف ولاسيما في طهران والمدن الکبرى وتزامن ذلك مع تزايد غير عادي في نشاطات وحدات المقاومة التي باتت تهجم على مراکز ومٶسسات حساسة للنظام، وکل هذا يترافق مع التوترات الملفتة للنظر في الاسواق المالية في إيران والتي تثير فزع النظام الى أبعد حد ولاسيما بعد نهيار البورصة وارتفاع الدولار إلى 62 ألف تومان، وهو مايدل على إن النظام ليس في وضح وموقف يساعده على خوض أية مواجهة خارجية قد تطول أکثر من اللازم، ولذلك فإن الاوضاع في إيران وبصورة عامة تبدو مقلقة جدا للنظام وحتى إنها تکبل يديه أکثر من أي وقت آخر لکي يقوم بتنفيذ مخططاته ونشاطاته کما کانت في السابق.
من دون شك، فإننا عندما نقول بأن النظام الايراني يواجه ورطة هي أکبر مما يمکن تصوره وبيننا ذلك وأثبتناه من خلال الاحداث والتطورات الجارية على أکثر من صعيد، فإن ذلك يعني بأن النظام يسير في إتجاه لا رجعة فيه!