يعتبر حشد الجماهير خلف رايات الحرب أمر سهل ، في حين أن حشد الجماهير خلف صفوف قيادة الدولة عندما يضرب الأرهاب بعض الأماكن .. أمر شديد السهولة !!
وأنطلاقا من هذه المعادلة البسيطة والمستخدمة على نطاق واسع في العالم ، أفسح ترامب المجال لبعض الخروقات الأمنية بالوقوع هنا وهناك من أجل المرواغة وكسب الوقت أمام سير عجلة التحقيق والتي باتت على بعد عدة سنتيمترات من موضع وقوف الرئيس الأمريكي . الهروب إلى الأمام !!
يدرك دونالد ترامب تماما خطورة المشهد الحالي الذي من شأنه خلق معطيات غير محمودة العواقب ، وبالأخص بعد أن ضاقت دائرة التحقيقات المتعلقة بكشف ملابسات علاقة حملة ترامب الأنتخابية بالجانب الروسي الذي لايترك مناسبة وأن كانت رياضية لينفي تدخل الكرملين بتلك الأنتخابات . حتى اللحظة رصدت شاشة ردار تعقب العمليات الأرهابية نقطتين حرجتين ، الأولى ضمن ولاية نيويورك والثانية في ولاية كولورادو ، وبأعتقادي وأن لم يهدأ تنين التحقيق بنفث كرات اللهب بوجه ترامب فأن الأخير ومن ورائه سيدخلون الولايات المتحدة نفق حرب خارجية أو مستنقع أرهابي ضمن الأراضي الأمريكية لتشتيت بوصلة الجماهير وتمييع الحدث الهام من أجل ذاك الشديد الأهمية !!
وعلينا إلا ننسى التقرير المهم لمنظمة Human Rights Watch قبل عدة سنوات والمتعلق بآلية عمل المباحث الفيدرالية ، حيث أشارت المنظمة إلى أن عددًا لا يستهان به من المشتبهين الذين تم إلقاء القبض عليهم لم يكونوا متورطين في أنشطة مثيرة للشبهة عندما قرر الجهاز بدء مراقبتهم ، ونسبة ثلاثين في المائة من مائتين وخمسين قضية أبلغ عنها مخبرو الـFBI من سبتمبر 2011 إلى يوليو 2014 وفر فيها المخبرون بشكل كامل الأسلحة والوسائل لتحويل الشخص المستهدف إلى إرهابي حقيقي ، وما يحضره المخبرون هو نصف قضايا المباحث الفيدرالية تقريبًا فيما يتعلق بشق الإرهاب، ولم تكتف بذلك بل أدانت وفصلت أنتهاكات المباحث الفيدرالية سواء تجاه حقوق المجتمع المسلم أو أثناء ادعاءات ومحاكمات الإرهاب . وضمن بحر هذا الأسبوع ، كانت أجهزة الأستخبارات الأميركية قد خلصت إلى أن روسيا تدخلت في الحملة الأنتخابية بأستغلال وسائل الإعلام الأجتماعي بهدف التأثير على الناخبين للتصويت لصالح مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب ،
بالأضافة إلى توصل لجنة التحقيق المعنية بهذا الملف إلى علاقة بعض الأشخاص ممن يملكون بطاقات الجلوس في الصف الأمامي بجانب ترامب بقيامهم بالعمل مع بعض الجهات الروسية !!
مما دفع بعض الأشخاص بأدارة ترامب ، أو المتورطين منهم مع الجانب الروسي بشكل مباشر ، أو أولئك الذين يحركون خيوط اللعبة خلف الكواليس ، لرمي قنبلة صوتية في عمق المشهد الأمريكي لتعميم الضجيج وأشغال الجميع وتعطيل أنتباههم ،، وهنا جاء دور المحصول الأرهابي (الأمريكي) الفاسد ليؤتي قطوفه ؟؟
حيث قالت شرطة ولاية كولورادو الأميركية إن المسلح الذي أطلق النار في متجر وقتل ثلاثة أشخاص فر من المكان، وغير معروف حتى اللحظة ، وهذه الحادثة قد أعقبت عملية دعس في نيويورك والذي نتج عنها ثمانية قتلى و12 جريحا ، وأكدت فيها السلطات أن منفذها أوزبكي على صلة بـ تنظيم الدولة الإسلامية ( التنظيم الذي فر قياديه عبر حوامات أمريكية في ريف دير الزور مؤخرا ) .
وأكد حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو -الأربعاء- أن منفذ هجوم نيويورك كان على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية وأصبح متطرفا داخل الولايات المتحدة ( ولكن لم يتم إلقاء القبض عليه ) !! ،
وصرح ” كيومو ” لمحطة ” سي أن أن ” إن الرجل البالغ من العمر 29 عاما والذي عرف باسم سيف الله سايبوف، هو “جبان منحرف وكان على صلة بتنظيم الدولة والتطرف” في الولايات المتحدة !!
والسؤال العفوي هنا ، لما يكتشف لاحقا وعقب كل عملية أرهابية بأن منفذها كان تحت رصد أعين السلطات المعنية ، ولكن يتم القبض عليه بعد تنفيذ العملية ؟؟
ولعل حادثة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 خير دليل على ضلوع الولايات المتحدة بأفتعال مثل هذه العمليات لما فيه مصلحتها العليا ، وحول حادثة الحادي عشر من سبتمبر وماجرته تلك الواقعة من تواجد فعلي أمريكي في مختلف بقاع الأرض بالأضافة إلى حصول واشنطن على الجوهرة الثمينة والمساة (محاربة الأرهاب ) ، ينبغي علينا سرد جملة الأهداف التي تم تحقيقها عقب تلك الحادثة ؟؟
وتعتبر تلك الحادثة في التاريخ الأميركي نقطة أنعطاف في السياسة الأمريكية تجاه دول العالم عبر نشوء ما يعرف بالحرب الكونية على “الإرهاب” وقانون الحماية الوطنية الذي برر إسقاط دول وأنظمة بدعوى دعمها “الإرهاب” ومنح صلاحيات لأجهزة المخابرات والجواسيس ، وحرية الحركة للطائرات بدون طيار .
وأعتمد كثيرون في حينها على دقة تلك الهجمات وأسلوبها المبتكر لتأكيد نظرية المؤامرة ، فقد ساق كتاب ومحللون طوال سنوات مبررات عديدة لاتهام وكالات الأمن الأميركية بتدبير الهجمات لإدخال العالم في “ليل أميركي طويل” تحت ذريعة محاربة “الإرهاب” كما يقولون .
ويتوارد إلى ذهني السؤال التالي . . في حين أن معظم منفذي أحداث الحادي عشر سبتمبر من حملة الجنسية السعودية ، وقيام أعضاء الكونغرس الأمريكي بمصادقة قرار يتيح للولايات المتحدة بملاحقة الرياض إزاء تلك الواقعة ، فماهي الدوافع التي جعلت الرئيس السابق أوباما بالأعتراض على تنفيذ القرار ؟؟
وقبل الأجابة يجدر الأشارة هنا إلى أمر هام جدا ، بأنه وعلى الرغم من أن العلاقات الأمريكية مع حليفها التاريخي المملكة العربية السعودية في عهد أوباما قد شهدت تصدعا كبيرا إلا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يجد نفسه اليوم في موقف المدافع عن السعودية أمام مطالبات داخلية بالمصادقة على قانون يسمح بملاحقة الرياض على خلفيات هجمات 11 من سبتمبر 2001 .
وبينما كان الدخان الأسود حينها يتصاعد من مدخنة العلاقات الأمريكية السعودية عبر الأختلافات بين أوباما وحكومة الرياض حول الأتفاق النووي الإيراني والملف سوريا الا أن أوباما تعهد بأستخدام حق النقض ضد مشروع القانون الذي أقره الكونغرس !!
من تعذر عليه فهم هذه المسألة الأن ، فالأحرى به الأبتعاد عن دائرة الأحداث ومشاهدة برامج الرياضة وعرض الأزياء ؟؟
وبالعودة للتحقيقات حول علاقة أدارة ترامب مع الجانب الروسي والتي تعتبر شرارة العمليات الأرهابية في الولايات المتحدة ، ومحرك الأحداث القادمة في بلاد الهوت دوغ وحول العالم ، وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية ، فإن ما يمثل إحراجا أكبر لإدارة ترمب في لوائح الأتهام التي أعلنها يوم الاثنين في واشنطن المدعي الخاص المسؤول عن التحقيق في التدخل الروسي المحتمل في الحملة الرئاسية عام 2016 ، ليس مدير حملة ترمب السابق بول مانافورت ولا نائبه ريتشارد غيتس، وإنما بابادوبولوس مستشار المرشح ترمب للشؤون الدولية ولو لفترة وجيزة .
كما ووصل به الحد ” ترامب ” أن يطلب تركيز التحقيق على هيلاري كلينتون والحزب الديمقراطي بدلا من معاونيه هو ، كما أكد أن تعاونه مع مانافورت يعود إلى ـ”سنوات”، والواقع أنه من العام الماضي فقط !! وتختم لوموند أفتتاحيتها بالقول إن العملية لا تزال في بدايتها، وربما تستمر طيلة فترة رئاسة ترمب، منبهة إلى أنه حتى الشكوك بدأت تؤثر بشكل عميق على السياسة الخارجية للرئيس، فبعد حملته الرامية إلى تحسين العلاقات مع روسيا وجد ترمب نفسه مشلولا في هذا التوجه .
كما وأشارت بعض الصحف الأمريكية حول نفس الموضوع ، إلى أن الرئيس ترمب وآخرين يحاولون صرف أنتباه الأميركيين ، وحتى إن كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي دعا الاثنين الماضي إلى إجراء تحقيق مع هيلاري كلينتون .
بيد أن سريان عملية التحقيق وتفاصيله الشديدة البطىء يكتسح صفحات جرائد العالم وبالأخص الصحف الأوروبية المغتاظة من علاقة ترامب وبوتين ، والحالمة بعودة الصقر الأمريكي الرافض لأستيقاظ الدب الروسي على تخوم الدول الأوروبية .
وبرأيي الشخصي ، ومهما برعت لجنة التحقيق في عملها وتوصلت إلى المنطقة المحظورة في سياق هذا الملف ، فلن يضير الأمر برمته “دونالد ترامب ” وسوف يكمل فترته الرئاسية الحالية مع كثير من التوتر وقليل القلق ، ولكن مايشد أنتباهنا هنا هو وجود حالة أنقسام واضح في الداخل ( السيادي ) الأمريكي بين مؤيد للتقارب مع روسيا وبين رافض لذلك ، بالاضافة إلى ملفات أخرى كالضرائب ومنع حمل السلاح والعلاقات الخارجية مع الدول ، وعلى مايبدو بأن ترامب ورؤسائه هم أصحاب اليد العليا في هذه المرحلة .
والمثير للغضب والأشمئزاز في خضم الحديث عن أسباب العمليات الأرهابية في الولايات المتحدة ومن يقف خلفها ، هو موقف قيادة المملكة العربية السعودية !!
فبينما تحلق طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في الأجواء العربية وتقتل المدنيين في سوريا والعراق واليمن وليبيا دون أن تقدم ولو أعتذار بسيط لذوي الضحايا ، قدم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز التعازي للرئيس الأميركي دونالد ترامب في ضحايا حادث الدهس الذي وقع في نيويورك ، حسبما أفادت وسائل إعلام سعودية رسمية .
ونقلت قناة الإخبارية السعودية عن الملك سلمان، إدانة المملكة وأستنكارها “بأشد العبارات هذا العمل الإرهابي، معربين لكم ولأسر الضحايا أحر التعازي وصادق المواساة” .
وللأسف الشديد غفلت المملكة عن توجيه رسالة عتب للرئيس الأمريكي جراء قصف طائراته الشعوب العربية في كل مكان ، وجل من لاينسى !!!!!