نظرة واحدة على الدول العربية بأكملها تُظهر أن الصورة فى الوطن العربى- أو فى أغلب أرجائه تبدو كئيبة.
وإذا بدأنا من مشرق الوطن العربى متجهين إلى مغربه فإننا سنواجه أول ما نواجه العراق؛ يسقط فى كل يوم قتلى، بعضهم لأسباب قبلية وبعضهم لأسباب مذهبية وبعضهم- يسارع على مصير العراق كله بمصير شخص واحد، وفى نفس الوقت ونظرة الى اليمن المنكوبة المنهوبة البلد المنذور للموت والمحكوم به كل الطرق سالكة بالموت واعده به فالحرب التى تغطى سماء اليمن وتغمر الارض تنشر الموت فى تفاصيل الحياة فى الجسد كله ؟
ونذهب الى سوريا وخاصة الى أقدم مدينة على وجه الارض مدينة حلب
ولا نعلم من المخطىء النظام ام الانقلابين أم شبيحة النظام التى سيطرت على كامل مدينة حلب نهاية العام 2016، ومنذ ذلك الحين يحمل الأهالي النظام مسؤولية تردي الواقع الخدمي في ظل التهميش المتعمد وتقصد إبقاء كافة المناطق من دون كهرباء، إضافة لتوقف المشاريع الخدمية والإنتاجية، يضاف إلى ذلك الأنفلات الأمني وانتشار الجريمة باعترافات حتى الموالين للنظام، وأن معظم مرتكبي تلك الجرائم هم من “الشبيحة” الذين يختبئون خلف عباءة النظام، الأمر الذي يلقي بظلاله السيئة على الحياة اليومية داخل المدينة.
فإذا اتجهنا إلى الغرب من العراق قليلاً وجدنا المأساة السورية وقرأنا أن بعض المحاصرين يأكلون أطعمة الحيوانات، وأن الوضع الإنسانى وصل إلى حال من التعاسة غير المسبوقة.
وإذا نظرنا إلى الأوضاع فى فلسطين فإننا سنجدها أكثر بؤساً وإيلاماً وهواناً.
ستة شهداء فى أقل من 24 ساعة فى هذه البقعة الصغيرة المسماة فلسطين المحتلة، والسلطة الفلسطينية تعتبر التصعيد الإسرائيلى نوعاً من الاستفزاز الذى قد يخرج حركات المقاومة الفلسطينية عن سيطرة السلطة وتزيد الغطرسة الإسرائيلية بأن يعلن نتنياهو أنه لن يبرم اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية مادامت لا تعترف بيهودية الدولة الإسرائيلية، وإلغاء حق العودة، ؟!
ونواصل الاتجاه إلى الغرب فنأتى إلى أكبر دولة عربية، إلى الدولة الأم التى حملت على أكتافها أعباء العروبة لسنين طويلة دون كلل أو عنجهية، والتى حقق شعبها ثورتين اقتلعت الأولى نظام مبارك بكل فساده، واختلعت الثانية نظام الإسلام السياسى الذى أثبت فشله فى كل مكان، ولكن هذا النظام الذى كان يحكم مصر لصالح أمريكا وإسرائيل لا تريد فلوله أن تستسلم وتترك هذا البلد يبنى حياته الجديدة وإنما تعيث فساداً فى الأرض وتعطل الجامعات كأن العلم حرام. منذ أن رحل هؤلاء الإرهابيون والجامعات كلها لم تستقر، لأن فلولاً من بقاياهم تعتبر «العلم» حراماً، وتلقى قنبلة هنا أو قنبلة هناك، وتقتل ضابطاً هنا أو صف ضابط أو جندياً هناك، لأن دماء المصريين عندهم إذا لم يكونوا من الإخوان المسلمين فهى مباحة وحلال ولا وزن لها، ورغم أن هذه التصرفات الرخيصة لم تعد تخيف أحداً أو تقلق أحداً إلا أن تأثيرها على السياحة الأجنبية يفت فى عضد الاقتصاد المصرى.
وكأن ما يحدث داخل مصر من فلول الإرهابيين غير كاف فتأتى دويلة فى وسط أفريقيا لتحاول بناء «سد النهضة» بالمخالفة لكل الاتفاقيات الدولية لكى تهدد مصر بالعطش. ألا يدرك هؤلاء أن مصر يستحيل أن تسكت على هذا الأمر الذى عندما أثير مرة فى أواخر أيام السادات الذى كان قد أعلن أن حرب أكتوبر 1973 هى آخر الحروب- قال إن محاولة بناء هذا السد هى الأمر الذى يستوجب الحرب.
وإذا كان هذا هو حال أكبر بلد عربى فإنك إذا واصلت اتجاهك نحو الغرب فستجد ما كان يسمى «دولة ليبيا» التى تمزقت أوصالها، وأصبحت التهم تُتبادل بين كل الفرقاء، ومن كان حاكماً بالأمس وبطلاً يحاكم اليوم بجرائم الفساد المالى، يقول الله تعالى : «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً».
واذهب غرباً أيضاً لتجد تونس الخضراء البلد الذى بدأ فيه الربيع العربى تحدث فيه تفجيرات ويعتقل فيه إرهابيون ويتصرف الإسلام السياسى بنفس الحمق والغباء.
وفى الجزائر التى زرتها فى أحد أعيادها الوطنية وكتبت «يوجد فى الجزائر رئيس سابق»، حيث كان ذلك غير موجود فى أى بلد عربى.
هذه الجزائر- بلد المليون شهيد
ويبقى السؤال: لماذا هذا هو حال الشعوب العربىة من مغربه إلى مشرقه؟
سؤال ليس سهل الجواب فى هذا المقال الذى يبدو أنه طال.
ولكن الذى لا شك فيه أن ذلك لا يرجع إلى علّة فى الشعب العربى وإنما العلّة فى أغلب من يقال لهم «حكام» فى الدول العربية بغير سند من شعوبهم.