أخبار عاجلةأخبار مصراسليدر
نيويورك” عدالة بأربعة أرجل: كيف ركل مصري كلبًا فرُكِل خارج امريكا؟
بقلم أحمد مراد

نيويورك” عدالة بأربعة أرجل: كيف ركل مصري كلبًا فرُكِل خارج امريكا؟
قال برنارد شو ساخرًا ذات يوم: “البلد ذاهبة إلى الكلاب”… ولم يكن يتخيل أن هناك بلدانًا ستأخذ عبارته حرفيًا، وستُحيلها إلى سياسة عامة تُطبّق في المطارات والمحاكم. في الولايات المتحدة الأميركية، بلد الحرية والدستور، تحوّل كلب إلى شاهد وضحية في آنٍ واحد، وتحول رجل سبعيني إلى مجرم يُرحَّل خارج الحدود لأنه لم يُحسن التعامل مع موظف… بأربع أرجل.
البداية كانت في مطار دوليس الدولي قرب واشنطن، الساعة تقترب من السادسة والنصف صباحًا، حيث استلم المصري القادم من القاهرة حقائبه بصمت.
لم يكن يحمل سلاحًا، ولا موادًا خطرة، بل أطعمة منزلية: لحوم، أرز، خضراوات، أعشاب، وبذور. أشياء تبدو طبيعية بالنسبة لنا، لكنها في أميركا قد تُصنّف كـ”تهديد بيولوجي للزراعة والبيئة”.
من حقيبة السفر إلى طائرة الترحيل: كل شيء بدأ بنباح الكلب “فريدي”
– موظف رسمي في الجمارك الأميركية –
اقترب من الحقيبة، شمّها، نبح، ثم أشار إلى وجود مخالفة. الضابط المرافق بدأ التحقيق، والرجل العجوز، ربما تحت وقع التوتر أو الإرهاق، ركل الكلب. ركلة واحدة فقط، لكن المحكمة قالت إنها كانت قوية بما يكفي “لجعل الكلب يرتفع عن الأرض”.
ركلة غير محسوبة، كانت كفيلة بتحويل الرحلة إلى كابوس قانوني.
أُحيل الرجل إلى المحاكمة بتهمة الاعتداء على “حيوان يؤدي مهام إنفاذ القانون”.
صدر الحكم بسرعة: السجن بقدر مدة احتجازه، دفع 840 دولارًا لعلاج الكلب،
ثم الترحيل في اليوم التالي دون استئناف.
أرض الحرية… بشرط ألا تزعج الكلب! لم يشفع له عمره، ولا جهله بالقوانين، ولا أن الواقعة لم تسفر عن أي ضرر دائم للضابط أو للمطار.
في أميركا، كلب الجمارك هو موظف فيدرالي محمي، والاعتداء عليه يُعامل كما لو أنك ضربت شرطيًا.
أما الإنسان القادم من وطنٍ بعيد، فلا صوت له في محكمة الكلاب.
القضية أثارت جدلًا مكتومًا في الجالية العربية: ماذا لو كان المعتدى عليه إنسانًا مهاجرًا؟
هل كانت العدالة ستتحرك بالسرعة نفسها؟
أم أن نباح الكلب أقوى من أنين الغريب؟
ليست القصة عن “كلب شُمّام” ولا عن “راكب مندفع”،
بل عن نظام قانوني وصل إلى نقطة اللا منطق، حين يُعامل الحيوان معاملة المواطن من الدرجة الأولى، بينما يُطرد الإنسان لأنه لم يفهم قواعد اللعبة.
في النهاية، عاد الرجل إلى القاهرة مطرودًا بصمت، بينما بقي “فريدي” في مطار واشنطن، منتصبًا بأنفه، يواصل أداء مهامه، محاطًا بالاحترام والحماية، وكأنه نجم هوليوودي بأربعة أرجل
أحمد مراد amourad978@aol.com