بقلم المهندس/ طارق بدراوى
نويبع مدينة مصرية تتبع محافظة جنوب سيناء تطل على خليج العقبة وتقع على مساحة 5097 كم مربع وتقع على بعد حوالي 85 كم شمال مدينة دهب وحوالي 185 كم من شرم الشيخ و465 كم من قناة السويس ويسكنها قبيلتا المزينة والترابين وهما من قبائل بدو سيناء المعروفة منذ قديم الزمان وقد تطورت المدينة من واحة صحراوية منعزلة إلى مدينة ومنتجع سياحي متميز يقصده السائحون من مختلف الجنسيات بهدف قضاء أجازاتهم والإسترخاء والإستجمام بعيدا عن المدن المزدحمة الصاخبة للإستمتاع بالشواطئ الرملية الرائعة الزاخرة بالخيم البدوية الفريدة ويوجد بالمدينة ميناء بحرى ويعتمد نشاط سكانها في الأساس وبشكل عام على السياحة وأعمال الموانئ والنقل بالإضافة إلى الأنشطة الزراعية والتجارية
وقد إشتهرت المدينة قديما بوجود قلعة تسمي قلعة أو طابية نويبع والتي بنيت بها قديما وهي عبارة عن طابية صغيرة بنتها السردارية المصرية عام 1893م في عهد الخديوى عبلس حلمي الثاني وجعلتها مركزاً للشرطة من الهجانة لحفظ الأمن في تلك المنطقة وللقلعة سور ومزاغل وباب كبير وداخل سورها بئر ماء وتقع علي بعد ميلين من معبد وادي العين شمالا وهي المنطقة التي تسمي حاليا نويبع الترابين وتتبع المدينة قريتا واسط وطابا وعدد 8 تجمعات سكانية أخرى منتشرة على مساحة 1678 فدان وأغلب هذه التجمعات من البدو وينتمون إلي قبيلتي المزينة والترابين كما أسلفنا وباقي سكان المدينة عبارة عن عدد من الوافدين ويعمل معظمهم في مجالات السياحة والموانئ والخدمات وتشتهر نويبع بغناها بالمعالم السياحية البديعة والطبيعة الصحراوية البدوية الساحرة التي تتخللها الكهوف والسهول المدمجة في هدوء مياه خليج العقبة الذى تطل عليه كما أن مناخها يتميز بالإعتدال وخلوه من الرطوبة وإرتفاع نسبة الأكسجين والشمس الساطعة طوال العام ويبلغ متوسط درجة الحرارة في فصل الشتاء 20 درجة مئوية وفي فصل الصيف 33 درجة مئوية ويتميز بالهواء النقي العليل كما تتميز بالهدوء بعيدا عن صخب وزحام المدن الكبرى وتتعدد بها الأودية التي نحتتها مياه الأمطار وشكلتها الرياح لتجعل منها قطع فنية فريدة مثل وادي الشواشي أو وشواشي ووادي غربة
وتزخر نويبع بمواقع الغطس العميقة والضحلة التي تصلح لمحترفي ومبتدئي الغطس والغنية بالمنحدرات الرملية وحدائق الشعاب المرجانية الرائعة والكهوف البحرية بالإضافة إلي فجوات الجدران المرجانية الصلبة والرقيقة وكذلك أصناف وفصائل الأسماك الملونة المختلفة مثل أسماك الباسلت وسمكة الملائكة وسمكة الجروبر ومن هذه المواقع المتميزة موقع تي ريف الذي يقع على بعد 500 متر من الشاطئ ويسهل الوصول إليه بالقارب وهو عبارة عن سهل رملي تعلوه قمم صغيرة تتوافد إليها أسماك الراي الصفراء والسوداء بإستمرار ومنطقة أبو لولو أو هيلتون هاوس وهي منطقة شعاب مرجانية تشتهر بغناها بالحياة البحرية الرائعة بما في ذلك الأسماك الصخرية والسلاحف البحرية والدلافين وسمكة الأسد التي جعلت بعض الغطاسين يطلقون إسم مدينة سمكة الأسد على تلك المنطقة وموقع أم رايشر الذي يقع علي بعد 5 كيلو متر شمالي نويبع وهو مكان مثالي للغطاسين المبتدئين حيث يسهل الوصول من خلاله إلى الشعاب السطحية من الشاطئ كما يسهل الغوص فيه للإستمتاع بأجمل الأحياء البحرية والأعشاب البحرية والقمم البحرية والشعاب المرجانية النادرة التي تغطيها فجوات وفراغات تملأها كائنات بحرية مدهشة مثل الأخطبوط والحبار وغيرها من فصائل الأسماك الشعبية بالإضافة إلى بعض الأسماك التي ترد على هذه المنطقة مثل أسماك البراكودا التي تأتي إلى تلك المنطقة بحثا عن طعامها بين فصائل الأسماك الأصغر منها وموقع بواكي الذي يوفر أجمل لحظات الغطس وسط أجمل الشعاب المرجانية وأروعها ومختلف فصائل الأسماك الموجودة فيها
ومن أهم المخيمات المعروفة بمدينة نويبع مخيم بساطة أو رأس شيطان وهو مخيم بدوي يطل على شاطئ خليج العقبة وتحيطه الجبال الخلابة المغمورة في الماء والأودية والكهوف والسهول. وتشتهر مياه المنطقة بغناها بالشعاب المرجانية الصلبة والأخطبوط وأسماك البافر وأسماك الجروبر القمرية وشقائق النعمان بمختلف أشكالها وألوانها من الأحمر والأخضر والأرجواني مما جعله أحد مواقع الغطس المميزة في شبه جزيرة سيناء
وتوجد بالمدينة قلعة أخرى تسمي قلعة الترابين وهي تقع على مسافة كيلو متر من منطقة الترابين الساحلية الشمالية في المدينة وقد شيد القلعة السلطان المملوكي قنصوة الغوري في بداية القرن السادس عشر الميلادى بهدف حماية منطقة سيناء من خطر الغزو التركي ورعاية المسافرين والحجاج المارين بهذه المنطقة إلا أن القلعة لم تحقق الهدف من تشييدها إذ إحتلها الأتراك بعد تشييدها بفترة قصيرة ولكن ظلت سببا لتوفير مياه الشرب للبدو بإستخدامهم بئر القلعة ومنذ عدة أعوام والقلعة تخضع لأعمال ترميم وتجديد ولم يتم الإنتهاء منها بعد إلا أنها تفتح أبوابها لزوارها
ويوجد بالمدينة أيضا تجمع سكني يسمي نواميس وهو تجمع سكني بدوي بالمدينة تنتشر به آثار ما قبل التاريخ وتعود تسميته إلى ما يعرف بالنواميس بمنطقة وادي الشجيراء عند الكيلو 25 طريق نويبع/سانت كاترين وهي عبارة عن مباني تتكون من دوائر من الأحجار الزلطية الكبيرة على هيئة قباب ترجع إلى العصر البرونزي وقطرها ما بين متر إلى ثلاثة أمتار وبنيت عن طريق رص الأحجار بطريقة بدائية دون إستخدام مونة لاصقة وهي تمثل وتجسد حياة الإنسان الأول بسيناء
وعقب تحرير سيناء عام 1982م أسست كل من مصر والأردن والعراق شركة إسمها الجسر العربي لتعمل على الخط الملاحي نويبع/العقبة وتخدم القادمين من مصر للعمل في كل من الأردن والسعودية والعراق بصفة أساسية وكذلك السياح القادمين من تلك الدول بسياراتهم الخاصة لقضاء أجازاتهم في مصر ومع تشغيل هذا الخط الملاحي بدأ العمل في قرية الصيادين وشهد حفل إفتتاحها عام 1985م الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وملك الأردن حسين بن طلال وسلطان عمان قابوس بن سعيد وقد تم تشييد القرية على الطراز البدوي لتكون قطعة من الطبيعة المحيطة بها وتم بناء منازلها من طابق واحد وإستخدم في بنائها الكثير من الخامات البيئية كجذوع الأشجار والطوب والحطب والأحجار والسعف والسلال بالإضافة إلى كون الديكورات والمفروشات من السجاد والستائر والمفارش وأغطية الأسرة يدوية الصنع وتتميز القرية ببساطتها وتصل سعتها الفندقية إلى 99 غرفة من فئة ثلاث نجوم سياحية وتوفر شتى سبل الرفاهية بالإضافة إلى موقعها المتميز على شاطئ خليج العقبة بين جبال سيناء
وبخصوص ميناء نويبع فهو يتبع الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر ويقع على الساحل الغربي لخليج العقبة على مسافة 168 كم تقريبا شمال شرم الشيخ ومسافة 64 كم جنوب طابا وتصل مساحته الإجمالية إلى 9.9 كم مربع ومساحته المائية إلى 9.5 كم مربع فيما تصل مساحته الأرضية إلى 0.4 كم مربع ويشمل الميناء عدة ساحات ومخازن وصالة سفر ووصول وساحات إنتظار للشاحنات وتبلغ الطاقة التصميمية القصوى للميناء مليون راكب سنويا وحوالي 1.9 مليون طن من البضائع العامة ويعمل على مدار 24 ساعة يوميا كما يعمل الميناء كمنفذ للمعتمرين والحجاج المصريين السالكين للطرق البرية حتى الميناء ثم يستقلون العبارات البحرية حتى ميناء العقبة ومنه بريا إلى الأراضي السعودية
ويصل نويبع بباقي محافظات مصر شبكة من الطرق البرية تتمثل في طريق نويبع/النقب/النفق الذي يخترق شبه جزيرة سيناء عرضيا بطول 350 كم وطريق نويبع سانت كاترين/النفق بطول 425 كيلو متر وطريق نويبع/شرم الشيخ/النفق بطول 550 كيلو متر بالإضافة إلى طريق نويبع/طابا
ومن الأحداث التي شهدتها المدينة أنه في شهر أكتوبر عام 2004م هزت مدينتي نويبع وطابا عدة إنفجارات إرهابية متزامنة إستهدفت كل من مخيمي أرض القمر والبادية بجزيرة رأس شيطان في نويبع وفندق هيلتون بطابا وذلك عن طريق ثلاث سيارات مفخخة وقد أسفرت الإنفجارات عن مصرع 7 مصريين و24 إسرائيلي وإصابة 135 آخرين بجراح كما أسفرت عن تدمير عشرة طوابق من فندق هيلتون طابا