بقلم / آية محمد مصطفي
لكل شخص نظرة في أي شئ أمامه ، وجهة نظر أو رأي في أي موقف يواجهه أو يواجه غيره ، لكل شخص نقد أو تأييد لأي عمل.
تراهم ينقدون وهم محل النقد، تراهم يعيبون وهم……. ما خطبهم؟؟؟؟؟
تحسبهم يعيشون حياتهم فقط لنقد هذا وذاك.
يتناقشون تحسبهم يتقاتلون ، أصبح النقاش أشبه بالحرب وكل شخص يحاول هزيمة خصمه بأساليبه الخاصة.
البعض يستخدم رفع الصوت ويظنه وسيلة للفوز ، يظن أن خصمه سيخاف من رفع صوته وسيقتنع في النهاية .
ولكن في أيامنا هذه لا تجد سوي ضعيفي الشخصية هم من يخافون من هذه الأساليب الدنيئة بل بالأحري هم لا يتجرأون للدخول في النقاش مطلقا ؛ لأنهم مدركون أنهم في النهاية خاسرون .
ولكن غيرهم لا يتأثر بهذه الأساليب الدنيئة ويعلم أن النقاش مع أمثالهم بهذا الشكل عاقبته وخيمة لذلك يترك النقاش حول هذه القضية.
نري أن النقد أنواع فقد يكون بناء ….. وهذا النوع من النقد يكون بين شخصين أو أكثر ، يتم نقد موقف ، فعل ،حديث أو غيره، يري أحد الطرفين أن ما يقوم به الطرف الآخر غير لائق من وجهة نظره لعدة أسباب فيقوم بنقده سائقا هذه الأسباب والأدلة لإثبات أن ما يقوم به الطرف الأخر غير صحيح ثم يدافع الطرف المنتقد عن نفسه سائقا إيضا وسائله الخاصة للدفاع عن نفسه في حدود آداب الحوار وأخلاقه وبهدوء تام ،
وينتهي الحديث بإقناع أحد الطرفين للآخر بوجهة نظره فقد يقتنع الناقد بأنه كان علي خطأ عندما انتقد الطرف الآخر أو قد يقتنع المنتقد بأنه بالفعل قام بعمل غير لائق وجعله محلا للنقد من الآخرين.
أما النوع الآخر من النقد …. يتخذ فيه الناقد شعار “سأعيش حياتي بأكملها ناقدا” فكأن الناقد يعيش حياته كلها ووقته بأكمله لنقد كل ما حوله من أشخاص ومواقف وأفعال وأحاديث.
يحسب أن وجهة نظره هي دائما الصواب، لايقتنع أبدا بأنه قد يكون علي خطأ ، وبالإضافة إلى ذلك أنه يحاول بكل الوسائل الممكنة إقناع من حوله بآرائه التي تكون أغلبها مجردة من الأدلة والبراهين.
فهو يتخذ آرائه ويبنيها علي مايراه من مصدر واحد دون البحث في أكثر من مصدر مختلف علي معلوماته التي يحاول إقناع غيره بها وتحكيم عقله في محاولة فهم المجهول،
وفي النهاية قد يكون المصدر خاطئ ،أو يتخذ معلوماته عن طريق ما سمعه من أقوال مرددة بين هذا وذاك ويقتنع بها سواء عن طريق عقله أو قلبه في الأمور التي تغلب عليها العاطفة أكثر. فعلي الرغم من اختلاف آراء الكثيرين بين استخدام القلب أو العقل كوسيلة لفهم الأمور العاطفية والاقتناع بها إلا أن كليهما يعتمد علي التمحيص الدقيق في الأمور ليسوق الإنسان إلي الاقتناع في النهاية .
ولكن بدون البحث الدقيق للمعلومة قبل الاقتناع بها فيجب أن يتوقع الناقد بأنه خاسر في النهاية.
وهناك نوع آخر من النقد وهو النقد لمجرد النقد….. وهذا النوع من النقد يقوم به صغيري العقول بدون أي هدف فهو يري أن أي عمل ناجح أو فاشل هو محل للنقد لأنه في حقيقة الأمر لا يستطيع التفريق بين الأعمال الناجحة والفاشلة فيعتبرها كلها فاشلة.
فهو لايمتلك البصيرة لتوقع ماذا يحدث إذا تم هذا أو ذاك ،
فعلي الرغم من وجود الأدلة والاثباتات والبراهين إلا أنه لا يتمكن من توقع خفايا الأمور سواء في نظام الدولة أو الحكم، العمل ، المنزل أو علي أقل الاحتمالات حياته الشخصية.
فهو ينهل آرائه واعتقاداته من أي مصدر سواء من شخص يحتذي به أو غيره وهو لا يقدر أن البشر خطائون، فعلي الرغم من أن الشخص الذي يمثل منبع لآرائه واعتقاداته والذي يعتبره قدوة ويحتذي به في مسيرة حياته بأكملها قد لا يكون إلا نموذج صغير من أشباه المثقفين أو قد لا يكون محل للاقتداء به بتاتا إلا أنه من المتوقع أن يكون القدوة- من وجهة نظره- مخطأ في الكثير من آرائه واعتقاداته لأنها إيضا قد لا تكون مبنية علي معلومات مثبتة.
فأما هذا الناقد يعتقد في الشئ ولا يعطي فرصة للحوار معه مطلقا ، فهو مقتنع أو دعونا نقول أنه مسير بشكل أشبه بالتنويم المغناطيسي فلا يتحاور معه إلا من يملك شفرة هذا التنويم ألا وهو قدوته.
فإن قام قدوته بتغير وجهة نظره حول موضوع معين تغيرت آرائه بشكل تلقائي ويقوم بإطلاق الأسباب المبتدعة لإقناع من حوله أنه علي صواب وأن هذه آرائه الخاصة وغير مقتبسة من أي شخص بالرغم من أن أسبابه تكون غير مقنعة إطلاقا.
وأما غيره من المحاورين يتركه وشأنه لأنه يعلم أنه ليس مقتنعا ولا فاهما أصلا وأنما هو مساق من أحدهم سياق البعير ……
ففي النهاية أود أن أوضح بأن النقد ليس حربا علي أرض المشاحنات يستخدم فيها الألفاظ البذيئة ورفع الصوت وغيرهم كأسلحة فتاكة تنتهي في النهاية علي أقل الاحتمالات بالخصام بين الطرفين ،
إنما هو أسلوب راقي للتعبير عن وجهات النظر فالهدف منه هو تبادل وجهات النظر في حوار راقي يليق ببني البشر لاقتناع الطرفين بوجهة النظر الأمثل علي أساس من الصحة باستخدام المعلومات المثبتة والأدلة الصحيحة للوصول إلي الحل الأمثل للقضية المطروحة علي طاولة النقد. فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية .
فمن يتبع أسلوب أن لم تكن معي فأنت ضدى هذا هو اسوء وأقبح سلوك يمكن أن يدمر مجتمع بأكمله ويهدم أستقراره وأمانه
ولتكن نظرة الناقد بذلك نظرة وقحة منبوذة من جميع من حوله