نظام عالمي ومستقبل إيران: رسائل مؤتمر إيران الحرة 2025

شكل مؤتمر “إيران الحرة 2025″، الذي حظي بدعم واسع من البرلمان البريطاني وبمشاركة 560 نائبًا من مجلسي العموم واللوردات، نقطة تحول محورية في التعامل الدولي مع الملف الإيراني وبديله الديمقراطي. هذا الحدث البارز يشير إلى تغيير في النهج المتبع تجاه الفاشية الدينية الحاكمة في طهران، ويعلن عن قبول رسمي لـ “بديل ديمقراطي شرعي” لمستقبل إيران.
البديل الديمقراطي: موقع متزايد في الأجندة الدولية
كان أحد أبرز معالم المؤتمر هو التأكيد المتكرر على “خطة النقاط العشر للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” كحل حقيقي للأزمة الهيكلية في إيران. أشار بوب بلاكمان، عضو البرلمان البريطاني ورئيس لجنة 1922، إلى كتاب يحوي تواقيع أكثر من 230 نائبًا برلمانيًا دعمًا لهذه الخطة، مؤكدًا: “نحن نشعر بالحزن لفقدان السير ديفيد إيمس… لكننا نقف اليوم إلى جانب الشعب الإيراني، بدعمنا لبرنامج يضمن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران.”
يتجاوز هذا الدعم مجرد التعاطف أو التعبير عن الأمل؛ فمن منظور القانون الدولي والممارسات الدبلوماسية، يُعد ذلك تأييدًا رسميًا لوجود بديل سياسي ديمقراطي في مواجهة الفاشية الدينية.
شرعية النظام الديني: أزمة داخلية وتآكل دولي
في كلمتها، تطرقت البارونة أولون، العضو البارز في مجلس اللوردات البريطاني، إلى جذور الإرهاب وإثارة الحروب في المنطقة، مشددة على أن: “العالم كله يعلم اليوم أن مركز الإرهاب وإثارة الحروب في المنطقة هو نظام الملالي… والآن يجب على الجميع، وخاصة الحكومات، أن يتقبلوا سياستكم ونشاطكم في دعم الشعب الإيراني.”
هذه التصريحات تعكس أن شرعية الفاشية الدينية لا تواجه أزمة داخلية فحسب، بل تتعرض لتآكل مستمر على المستوى الدولي. في المقابل، يتم تقديم المجلس والمقاومة المنظمة كخيار مقبول لإدارة الفترة الانتقالية ومستقبل إيران ما بعد سقوط النظام.
المجلس الوطني للمقاومة: الدرع الحقيقي أمام البرنامج النووي
في جزء آخر من خطابه، أشار بوب بلاكمان إلى الدور الحاسم للمقاومة في كشف البرنامج النووي للنظام، مؤكدًا: “حركتكم المقاومة كشفت إرهاب النظام وبرنامجه السري للأسلحة النووية… لولا يقظة المجلس الوطني للمقاومة وشبكة منظمة مجاهدي خلق الشجاعة، لربما كنا الآن نواجه نظامًا مسلحًا نوويًا.”
وتكتسب هذه النقطة أهمية خاصة في سياق السياسات الدولية. يُقدم بلاكمان حركة مقاومة داخلية كعامل رئيسي في منع النظام من حيازة الأسلحة النووية، مما يعكس المكانة السياسية والأمنية للمقاومة في المعادلات العالمية والضمائر الدولية المنصفة.
“لا للحكم القسري”: مكونات خطاب الحرية
شعار السيدة رجوي الأساسي الذي أكد عليه بلاكمان أيضًا – “لا للحجاب القسري، لا للدين القسري، لا للحكومة القسرية” – يتجاوز كونه موقفًا أخلاقيًا. هذه الثلاثية تشكل مكونات خطاب سياسي بديل مبني على رفض هيمنة الأصولية والاستبداد الديني والقمع الهيكلي. ونتيجة لذلك، تُعرف المقاومة الإيرانية في الخطاب الغربي الحالي ليس فقط كقوة معارضة، بل كحاملة لمشروع حضاري حديث ومستقبلي.
ضرورة التحرك الحكومي الملموس
من نقاط قوة هذا المؤتمر هو الانتقال من مجرد التعاطف إلى المطالبة السياسية. في هذا السياق، صرح ديفيد جونز، العضو السابق في البرلمان البريطاني: “هذه المبادرة تطالب الحكومة البريطانية بمحاسبة النظام الإيراني على انتهاكاته لحقوق الإنسان، بما في ذلك مجزرة عام 1988، ودعم تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة.”
يُعد هذا التركيز على المساءلة القانونية والدولية خطوة مهمة نحو نقل الخطاب من المقاومة الأخلاقية إلى السعي لتحقيق العدالة الدولية. إن دعم تقارير الأمم المتحدة، وتطبيق آليات الزناد، وإعادة فرض العقوبات النووية، هي اقتراحات رفعت المؤتمر إلى مستوى المطالب السياسية القابلة للتنفيذ.
قطع العلاقات مع النظام: بداية علاقة مع الشعب الإيراني
في الختام، دعا بوب بلاكمان إلى إنهاء العلاقات الدبلوماسية مع الفاشية الدينية وبدء علاقة جديدة مع المجلس الوطني للمقاومة: “العلاقة الدبلوماسية الوحيدة التي نحتاجها هي مع المجلس الوطني للمقاومة، السيدة رجوي، والشعب الإيراني.” هذا الموقف – الذي هو رمزي وعملي في آن واحد – يطالب بالاعتراف بالمقاومة كممثل شرعي للشعب الإيراني واستبدال العلاقة المتمحورة حول الدولة بعلاقة تتمحور حول الشعب.
ويمكن اعتبار مؤتمر إيران الحرة 2025 نقطة تحول في إنهاء سياسة الاسترضاء مع النظام الديني. فقد تجاوز هذا المؤتمر، بتوافق غير مسبوق بين ممثلي الشعب المنتخبين في المملكة المتحدة، مستوى الدعم الأخلاقي ليدخل ساحة المطالبة السياسية. إن دعم “خطة النقاط العشر ” للسيدة مريم رجوي، وكشف البرنامج النووي للنظام، والتأكيد على ضرورة تفكيك القدرات النووية للنظام بالكامل، والمطالبة بالاعتراف بالمقاومة الإيرانية، كلها مؤشرات على مكانة البديل الديمقراطي على الساحة الدولية.
إن “إيران الحرة” ليست مجرد شعار، بل هي أفق سياسي قابل للتحقق، يمكن تحقيقه من خلال الأنشطة الدؤوبة للكوادر المضحية وأنصار هذه المقاومة، تضحيات ونضالات وحدات الانتفاضة داخل إيران.