بدأت فكرة الإسعاف فى العالم عام 1901 على يد الإيطالى بيترو فازاي وكانت الفكرة تهدف إلى إنشاء وحدات طبية مؤقتة للطوارئ فى حالات الأوبئة والكوارث الطبيعية والبشرية وبعد عام من طرح الفكرة “1902” تحمس لها جمهور عريض فى الأسكندرية لمواجهة كارثة الكوليرا أو الشوطة كما كان يسميها الأهالى فتشكلت لجنة لمواجهة الظرف الإستثنائى فكانت جمعية الإسعاف بالأسكندرية أول ظهور لرجال الإسعاف فى مصر وكان المقر الأول للإسعاف بالإسكندرية عبارة عن مجموعة من الدكاكين بشارع الكنيسة الأمريكية وفيها بدأت العناصر الأولي للمتطوعين تمارس دورها تحت اسم الجمعية الدولية للإسعافات الصحية العاجلة وفي عام 1904 أدخلت الإسعاف بنوداً جديدة فى لائحتها الداخلية, فأعطت للسيدات حق الإشتراك في الجمعية والتصويت والإنتخابات وكان محمد يكن باشا- أول رئيس مصري للجمعية عام 1914
إرتباط ظهور الإسعاف بظهور الشوطة ” الكوليرا ” جعل الأهالى يطلقون على المتطوعين لقب “بتوع الشوطة ” وعندما يمر أحدهم كان الناس يهرشون رؤوسهم لأن هذه الحركة تمنع الشر عنهم حسب إعتقادهم وكثيرا ما تعرض المتطوعون لإعتداء الأهالى عليهم بالضرب كما حدث مع متطوعين جمعية القاهرة فى منطقة بولاق 1909 حيث تجمعت سيدات بولاق يحملن الشباشب ويمنعن رجال الإسعاف من نقل مصابة بحروق خطيرة، وكثيرا ما حاول الأهالى منع نقل مصاب إلى مستشفى القصر العينى إذ كانوا يعتقدون بأن من يدخل هذا المستشفى فلن يخرج منه حيا “الداخل مفقود والخارج مولود ” .
قديما كان متطوعى الإسعاف ينقلون المرضى على نقالات تحمل بالأيدى وفى الليل كان يمشى أمام النقالة متطوع يحمل مصباحا ، وبعد ذلك إشترت جمعية الإسعاف نقالة تجرها دراجة بخارية وأهدى المتطوع ” كزالى ” إلى الجمعية عربة يجرها حصان وأول سيارة إسعاف أهداها المسيو دلانكر مدير الترام عام 1916 ، وأخرى من المسيو كوتسيكا ” سميت محطة قطار بإسمه ناحية المعادى ” وسيارة أخرى من المسيو هنرى نوس بك ورابعة من السيدة حفيظة الألفية وخامسة من عبد الحميد شاويش بك .
لم يكن المتطوعون يرتدون زيا خاصا بهم كما هو الحال الآن وكان ما يميزهم هو القبعة فقط وعليها شعار الجمعية ومن بين المتطوعين سقا بجلبابه الأزرق وبلغته الصفراء ويرتدى القبعة ذات الشعار ويحمل قربته وشيخ فقية يلبس القبعة على الجبة والقفطان بالإضافة إلى متطوع مسئول عن حمل المصباح ليلا وكان يمنح ميدلية ذهبية لكل متطوع يشارك فى 300 حادثة فى العام وقد حصل كلا من عبد الرحيم أفندى عوض وعبد العزيز أفندى صالح على هذه الميدلية وكما كان لرجال الإسعاف دورا بطوليا فى معارك أكتوبر 1973 وأحداث ثورة يناير 2011 وصولا إلى ثورة يونيو 2013 كان لهم دورا رائعا فى ثورة 19 فى إسعاف وعلاج الثوار فى جميع ربوع مصر رغم تعرضهم للموت لإعتقاد الثوار أن رجال الإسعاف من رجال الإحتلال ومعاونين لرجال القوة ” البوليس ” وذلك بسبب إرتدائهم خوذ لوقاية الرأس فتعرضوا للقذف بالحجارة والحديد والأدوات المنزلية .
فى 14 من ديسمبر 1924 تم تأسيس اتحاد فى القاهرة تحت رعاية الملك فؤاد الأول يضم جمعيات الإسعاف فى القاهرة والإسكندرية وطنطا والمنصورة فى إتحاد واحد وأطلق عليه الاتحاد الملكى لجمعيات الإسعاف العمومية بالقطر المصرى بعد أن اجتمعت هذه الجمعيات فى جلسة غير اعتيادية وأصدرت قرارا بهذا المعنى وحضر تأسيس الإتحاد رئيس الوزراء وقتها الزعيم سعد زغلول .
تحول الإسعاف من الطابع الأهلى الاجتماعى إلى الطابع الذى يغلب عليه الشكل الحكومى الرسمى وذلك بصدور القانون (49) لسنة 1945 الخاص بالجمعيات الخيرية وإخضاعها لإشراف جهاز المحاسبات لأنها أصبحت تتلقى معونات من الحكومة وبالتالى تتم مراجعة ميزانيتها عن طريق الجهاز ومن ناحية أخري تبوأت عناصر الصفوة الوطنية مكاناً بارزاً في إدارة الإسعاف منذ عام 1945 علي الرغم من أن الطابع الأجنبي ظل واضحا ولما كانت سياسة الإسعاف في مرحلة التمصير قد انتهت إلي حتمية التنسيق مع الوزارات المعنية مثل الشئون الاجتماعية وقد أصبحت الإسعاف فى كنف وزارة الصحة عام 1966 بصدور القانون رقم (8) بشأن الاسعاف الطبى وبمقتضاه أصبح الإسعاف الطبي من المرافق التى تتولاها الدولة .