كتب لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل :
عندما سئل الشاعر الكبير نزار قباني ، عن سر رواج كتبه ودواوينه ، اجاب : وما العيب في ذلك ؟ انني اخرجت الشعر من مرحلة الاستعطاء الى مرحلة الكبرياء ” وبعد ان اوضح مهمة الشاعر في نهايات القرن العشرين ، قال ” ولذا فانني كلما كسرت جسورا وامتدت قاعدتي الشعبية ، ارتفع الصراخ ” لماذا هذا الصراخ والعويل يلاحق الشاعر ؟؟ ويرد نزار قباني ” كأنه مفروض على الشاعر ان يبقى الى ابد الآبدين حاجبا على باب امير المؤمنين ، او سائسا في اسطبل ” . ان هذا التاريخ المغلف بالاستجداء والمديح الفارغ ، لم يعد متاحا امام الشاعر ، والاسباب لاتخفى على العاقل اللبيب ، ولذلك يتواصل الشاعر نزار قباني مع اجابته المطولة على السؤال السابق فبقول ” وانا يشرفني انني انقذت الشعر من حالة الاستزلام وخلعت كل الملوك لاجعله هو الملك ” ، ان هذا منتهى الاخلاص للمهنة الادبية الراقية ، وهي ان يكون الشعر بمرتبة الملوك ، ما اعظم هذا الشاعر ، واسمعه كيف يتعامل مع ذائقة الشعر الفنية ، حيث انه قد خلع الملوك من ذاكرة الشعراء ليحرر الشعر وليجعله الملك ، ثم يضيف ” جعلت الملوك في حاشية الشعر ، بدلا من ان يكون الشعر في حاشيتهم ” 1، لله درك يا قباني .. ماذا تريد ان يتبوأ الشعر ؟؟ لقد رفعته الى قمة المجد والكبرياء واطلقت له العنان .
يوصف نزار قباني بانه شاعر المرأة وشاعر الحب وشاعر الحضارة والمستقبل . وفي الوقت نفسه فهو شاعر الامل وشاعر الحرية وشاعر الجنس ، لانه اراد ان تكون نظرتنا الى الجنس نظرة تقديس وسلطان لانظرة تدنيس وشيطان .
ان من يقرأ نزار قباني متأملا في تنويعاته ومتابعا لادبياته ، لابد ان يصاب بالذهول وهو يتلمس خطوات هذا الشاعر الذي قيل عنه ” وانك لتعجب اشد العجب عندما تلمس في ادب هذا الشاعر روح طفولة وبراءة عالم من الرجس والشهوة ، روح صفاء وجلاء في غياهب صفيقة من الدنس والمجون ” 2
وقد تدرج الشاعر قباني في اطواره الشعرية الخمسة كما يذكرها الاستاذ “خريستو نجم “في كتابه – النرجسية في ادب نزار قباني – :
1 ) مرحلة العطش والجوع : من عام 1944- 1950 ونفهم ذلك من خلال دواوينه ” قالت لي السمراء ” ، طفولة نهد ، سامبا ، انت لي ” .
2 ) مرحلة مابين الذات والآخرين ” من عام 1956 – 1968 : ونتعرف عليها من خلال دواوينه ” حبيبتي ، يوميات امراة لا مبالية ، قصائد نزار قباني “.
3 ) مرحلة الارتواء والانطواء : وتمتد من ” 1966- 1970 ” وهي في اطار دواوينه ومؤلفاته ” كتاب الحب ، قصائد متوحشة ، مئة رسالة حب ، “.
4 ) مرحلة التخمة وافلاس الشعور : وتتمثل في ديوانه “اشعار خارجة على القانون ” وهي في العام 1972 .
5 ) مرحلة الهاجس والجنس : في العام1981 : وقد صدر له فيها الدواوين والمؤلفات التالية ” كل عام وانت حبيبتي ، احبك احبك والبقية تاتي ، اشهد ان لا امراة الا انت ، هكذا اكتب تاريخ النساء ، قاموس العاشقين ” .
ومهما نكتب عن هذا الشاعر لاندرك حقه ..
1،2/ عن كتاب الجامع في تاريخ الادب العربي الحديث : حنا فاخوري .