جمال عبد الناصر أسرار ورعب مبارك و مذكرات المشير أبوغزالة.فى عام 1999: «أبوغزالة يهدد بكشف المستور وفضح فساد الكبار داخل القصر الجمهوري»، وما هي إلا ساعات قليلة أعقبت صدور العدد حتي انقلبت الدنيا رأسًا علي عقب حيث قام مسئول كبير جدًا برئاسة الجمهورية بالاتصال بالأستاذ محمد حسن الألفي رئيس تحرير «الميدان» في هذا الوقت وأبلغه استياء الرئاسة والرئيس حسني مبارك من نشر هذا الخبر.. بل وقام بتكذيب ما نشر جملة وتفصيلاً، واستدعائي رئيس التحرير وأبلغني بمكالمة رئاسة الجمهورية ومطالبتي بنشر تكذيب للخبر في العدد التالي للجريدة.. واعتذرت عن ذلك بسبب تأكدي من مصداقية كل حرف جاء في الخبر فقال لي: انت عايزنا نتحدي رئاسة الجمهورية؟! فقلت له: ليس لي علاقة بهذا الكلام مادمت واثقًا من صحة الخبر.. والحق يقال إن الألفي لم يتخذ ضدي إجراءً ووقف إلي جواري في هذه الأزمة رغم جبروت رئاسة الجمهورية وقياداتها في ذلك الوقت لكنه طلب مني عدم استكمال نشر أي معلومات عن هذا الموضوع. هذه الواقعة المثيرة بدأت عندما كنت استعد لإصدار أحد الكتب التي ترجمتها عن الإنجليزية حول (فضائح البيت الأبيض) الذي صدر عن مكتبة مدبولي الصغير للطبع والنشر. وفي ذلك الوقت جلست مع الأستاذ عاطف منصور المسئول عن النشر بالدار وأبلغني بأنه يستعد لنشر كتاب يتوقع أن يثير الزوابع في مصر لفترة طويلة.. وهذا الكتاب أعدته الزميلة سوسن أبوحسين نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر عن المذكرات الخاصة للمشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع في عهدي مبارك والسادات وسوف يكشف الكثير من كواليس الصراع بين مبارك وأبوغزالة بعد أن كانا صديقين وشريكين في عمليات تجارة السلاح وقت أن كان مبارك نائبًا للرئيس وأبوغزالة ملحقًا عسكريا في سفارة مصر في واشنطن وكان شريكاهما الثالث والرابع منير ثابت مسئول قسم المشتروات العسكرية بسفارة مصر في أمريكا ومعه رجل الأعمال حسين سالم الذي هرب خارج مصر عقب قيام ثورة 25 يناير. ورغم مضي أكثر من «11» عامًا علي تلك الأزمة التي حدثت بسبب ما نشرته عن مذكرات المشير أبوغزالة إلا أنني توصلت إلي معلومات وحقائق مثيرة تكشف عن أسرار رعب مبارك من نشر مذكرات أبوزغزالة. هذه الأسرار تبدأ من فترة زمالتهما بالكلية الحربية حيث كانت دفعتهما واحدة وتخرجا فيها عام 1951 وكان أبوغزالة هو صاحب الترتيب الأول علي الدفعة فيما كان مبارك يحتل المركز الأخير علي الدفعة.. كما أن أبوغزالة وزملاءه في الكلية كانوا يصفون مبارك بلقب «حوستي الخباصة» وكانوا يتندرون عليه لأنه كان يتجسس علي زملائه ويقدم تقارير لبعض الجهات ضدهم.. وقد نقل أبوغزالة هذا السر إلي السادات الذي اعتاد أن ينادي علي مبارك بنفس اللقب في السنوات الأخيرة لحكمه وهو ما أغضب مبارك من أبوغزالة وكان سببًا في اتساع فجوة الخلافات فيما بينهما بعد أن كانا صديقين وشريكين في تجارة السلاح. ويبدو أن مبارك الذي كان يعاني من عقدة النقص تجاه أبوغزالة الذي كان يحظي بحب وتقدير الرئيسين عبدالناصر والسادات علي عكس مبارك الذي كان السادات يعامله علي أنه سياسي درجة تالتة وعينه نائبًا ليمنع الصراعات حول خلافته.. كما أن أبوغزالة أحد القلائل الذين علموا بقرار الرئيس السادات بإبعاد حسني مبارك عن منصبه كنائب للرئيس يوم «5» أكتوبر 1981، وطلب إبلاغه بالخبر بعد انتهاء العرض العسكري يوم 6 أكتوبر 1981 الذي شهد اغتيال الرئيس السادات. ورغم أن مبارك كان أحد الذين أقنعوا السادات باختيار أبوغزالة وزيرًا للدفاع خلفًا للفريق أحمد بدوي الذي لقي مصرعه في حادث سقوط طائرة عسكرية في بداية شهر مارس 1981، ورغم أن مبارك قرر ترقية أبوغزالة إلي رتبة المشير في أبريل عام 1982، إلا أن مبارك شعر بخطورة أبوغزالة وتزايد شعبيته داخل الأوساط السياسية والشعبية، فلجأ إلي عدة وسائل للقضاء علي نفوذه وشعبيته ومن بينها عزله من عضوية المكتب السياسي للحزب الوطني في نوفمبر 1984 وإجراء حركة تغييرات في صفوف الجيش دون الرجوع لأبوغزالة. كما كان مبارك يخشي بقوة من عمق علاقات وزير دفاعه بالأمريكان وكان يعتقد أنه يقوم بإبلاغهم بكل تحركاته وقراراته أولاً بأول.. والدليل علي تخوف مبارك رفض الأمريكان تنفيذ مطلبه بتعيين المشير في منصب نائب الرئيس وعزله من وزارة الدفاع.. وعندما فشل مبارك في ذلك لجأ إلي تدبير حيلة ذكية بمساعدة معاونيه لتشويه صورة أبوغزالة أمام الرأي العام عن طريق توريطه في فضيحة «لوسي آرتين» الشهيرة في أواخر الثمانينيات التي تم التسجيل فيها لأبوغزالة أثناء إجرائه مكالمات مع لوسي آرتين وقيامه بالتوسط لها في إحدي القضايا.. وهي القضية التي استغلها مبارك في تحقيق حلمه بإبعاد أبوغزالة عن وزارة الدفاع وتعيينه مساعدًا «صوريا» لرئيس الجمهورية. وقد كشفت لنا بعض المصادر أن من بين أسباب الخلاف بين مبارك وأبوغزالة هو الالتزام الديني لوزير الدفاع وارتداء زوجته الحجاب بعكس سوزان مبارك التي كانت ولاتزال ترفض ارتداء الحجاب وهو ما أكسب المشير وزوجته شعبية جارفة في الأوساط الشعبية كانت سببًا في «الغيرة» النسائية من جانب سوزان زوجة المشير. كما يذكر الكل لمبارك موقفه المخزي عندما اختبأ تحت الكراسي عقب حادث المنصة حتي أخرجه الحراس في الوقت الذي وقف فيه أبوغزالة شامخًا يطالب الجنود بتعقب مرتكبي الحادث، والآن بعد أن سقط نظام مبارك هل تري مثل هذه الكتب النور لكشف الحقائق للتاريخ وللرأي العام؟