بقلم
اللواء محمد فوزى
تدين أجيال كثيرة من أطفال المصريين لهذا الرجل السويسري بالسعادة، عموما كانت البهجة كاملة تتجلى في الغزالة النحيلة الموجودة على غلاف الشيكولاتة، كانت رمزا للسعادة، وفى الوقت نفسه رمز شركة كورونا الذى اختاره الخواجة تومى خريستو أول من أدخل صناعة الشيكولاتة إلى مصر، الرجل الذى تدين له قلوب أجيال كثيرة من أطفال المصريين بالسعادة.
يقول عقد شراء الأرض التي أقيم عليها المصنع عام 1919 أن المشترى (تومى خريستو ابن ايفن غيبور) مولود و مقيم بالإسكندرية، وانه دفع ثمنا لقطعة الأرض الموجودة في محرم بك ما يقرب من ألفى جنيه، لكنها ليست البداية، بدأ خريستو نشاطه بمصنع صغير في الإسماعيلية أطلق على منتجاته اسم (شيكولاتة رويال)، ثم انتقل إلى الإسكندرية و بدأ بقطعة أرض صغيرة ،كان خريستو ينتقى العاملين بعناية، لأن الماكينات التي استوردها من أوربا لعمل عجينة الشيكولاتة تحتاج لمهارة ما، وكانت البداية بعدد قليل من اليونانيين و المصريين..كان خريستو يؤمن بشرط مهم لصناعة الشيكولاتة، وهو أهمية ان يكون صانع كل هذه السعادة سعيدا، اختار قطعة أرض قريبة من المصنع و أعدها كملعب كرة قدم، كان تقام عليه مباريات بين العاملين يديرها بنفسه.
في الوقت نفسه كان يرى السينما و هي تدخل إلى مصر ببطء لكن بثقة، وقع في غرامها و أراد ان يشارك في التجربة، فبنى دارى عرض هما الأشهر في الإسكندرية حتى الآن ( سينما ستراند، و سينما رويال)، وكانت مكافاة نهاية الأسبوع للعاملين هي دعوات مجانية لإصطحاب عائلاتهم لمشاهدة الأفلام، عهد إلى شقيقه ديمى خريستو بإدارة العمل معظم الوقت و كانت وصيته هي حالتهم النفسية، فعجينة الشيكولاتة حساسة جدا وتلتقط بسهولة مزاج من يطبخها.
عرف المصريون ثلاثة أنواع من شوكولاتة كورونا: ذات الغلاف التركواز المخطط بالأصفر وكانت بالحليب، وذات الغلاف الأزرق، أما ذات الغلاف الأحمر فهي بالبندق.
استقرت شوكولاتة خريستو في تفاصيل حياة المصريين، وكان الجميع يعرفون الشعار المميز لإعلاناتها التي حملت شعار “لنأكلها سوياً” وذيُلت بجملة “كورونا.. حلم جميل يداعب طفلك” مع صورة لطفل نائم نوماً عميقاً.
على مقربة منه قام رجل يونانى اسمه بولين موريس نادلر، بإقامة مصنع آخر للحلويات، لكنه تخصص في البونبونى و الأرواح، كان مصنعا صغيرا و لسبب ما حدث ما يشبه الشراكة بينه و بين مصنع خريستو، كان خريستو يستخدم حلويات نادلر لخلطها بالشيكولاتة و تقديم أنواع جديدة، و كانت شراكة ناجحة، و بالرغم من أنها لم تكن شراكة رسمية .
في عام 1963 أصدرت الحكومة المصرية قراراً بتأميم كورونا، وضمت إليها أيضاً شركة “نادلر” ، وتم اعتبارهما كياناً واحداً تحت مسمى شركة “الإسكندرية”.
كان التأميم محبطا لـ (آل خريستو)، استقر تومى في سويسرا إلى الأبد، أما شقيقه (ديمى) فقد مات حزنا على ضياع الحلم بعد فترة قصيرة و أوصى بدفنه في الأسكندرية، بعدها حولت الدولة منزله إلى مقر تابع للأمن، أما (نادلر) فلا أخبار عنه سوى أن ابنته الكبرى (ليا) تزوجت من دبلوماسي صغير صار أمينا للأمم المتحدة اسمه (بطرس غالى)، وتزوجت شقيقتها من وزير اسرائيلى، ويقال أن الأختين كان لهما دور ما في بدايات معاهدة السلام.