اسليدرالاسلامياتالثقافةمنوعات ومجتمع

من هم أولو العزم وكم عددهم

احجز مساحتك الاعلانية

الأنبياء هم أصفياء الله من الخلق

اصطفى الله تعالى من البشر أنبياء ورسلًا، أرسلهم برسالة التّوحيد إلى أقوامهم، وقد كان هؤلاء الرّسل والأنبياء مثالاً في البذل والصبر والتّضحية، حتّى بذل الكثير منهم دماءهم رخيصةً في سبيل الثّبات على دعوة الله تعالى، وكان من هؤلاء الأنبياء زكريّا ويحيى وموسى وعيسى وإبراهيم ونوح ومُحمّد عليهم السّلام جميعاً، وقد تفاضل الرّسل والأنبياء فيما بينهم كما يتفاضل سائر البشر فيما بينهم، وقد خاطب الله تعالى نبيّه الكريم في إحدى آيات القرآن الكريم، وحثّه على الصّبر على أذى قومه كما صبر أولوا العزم من الرّسل، فمن هم أولوا العزم من الأنبياء والرّسل؟ وكم كان عددهم؟ ولماذا استحقوا هذا اللقب؟ ذلك ما ستقوم هذه المقالة ببيانه وتفصيله بعد توفيق الله وإرادته

معنى أولي العزم

  • العزم لغةً: يرجع أصل كلمة العزم لغةً إلى القصد وعقد النية القلبيّة على فعل الشيء وإدراك الهدف والغاية، لذلك يُقال للرّجل صاحب الهمّة والنّشاط والذي يسعى إلى تحقيق هدفه: صاحب عزيمة، وثابت العَزْم: الحازم.

أولو العزم اصطلاحاً: هم الأنبياء والرسل الذين صبروا في سبيل الدعوة التي بعثهم الله بها أكثر من غيرهم من الأنبياء والرسل، وجدُّوا في سبيل ذلك لإعلاء كلمة الله ولإنجاح دعوتهم،[١] وقد اعتبر كثيرٌ من العلماء أنبياء الله ورسله جميعهم أصحاب عزيمة وهمّه في سبيل الدّعوة والتّبليغ، ولكن هناك عددٌ من هؤلاء الرّسل والأنبياء تميزوا عن باقي الأنبياء والرسل، فاجتباهم الله تعالى وميّزهم عن غيرهم، وحقيقة التّفضيل هذه ذكرها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه حين قال جلّ من قائل: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ..).[٢]من هم أولو العزم وكم عددهم
يرى العلماء أنّ عدد أولي العزم من الرسل والأنبياء هم خمسةٌ فقط، وهم أكثر الأنبياء معاناةً مع أقوامهم وصبراً على أذاهم، وما تبوّؤا تلك الدّرجة وما استحقوا تلك الصّفة إلا بسبب ما قدّموه وما بلذوه وما تحمّلوه من أقوامهم من الأذى والتعذيب والصدِّ عن دين الله، ومنعهم من إيصال دعوتهم للناس، وتبليغها كما أمرهم الله سبحانه وتعالى،[٣] وقد ذكرهم العلماء بالتّفصيل، وبيّنوا مراتبهم وهم: خاتم النّبيين سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام، وأنبياء الله نوح، وموسى، وإبراهيم، وعيسى عليهم أفضل الصّلاة والتّسليم، وقد جاء ذكر هؤلاء الأنبياء تحديداً في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)،[٤] أما ترتيبهم من حيث الأفضلية فقد اختلف العلماء في ذلك على ما يلي:[٥] _ قيل إن أفضل أولي العزم من الأنبياء والرسل هو محمد -صلى الله عليه وسلم- بإجماع الأمة، ثم إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- ثم اختلف العلماء في ترتيب الأنبياء الثلاثة -عليهم السلام- من حيث الدرجة.

_ قيل إنّ أفضل الأنبياء والمرسلين وأولي العزم إطلاقاً هو سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- اتفاقاً، ثم إبراهيم ثم موسى عليهما السلام، واختلفوا في التفضيل بين نوح وعيسى عليهما السلام.

إبراهيم عليه السلام

هو إِبرَاهِيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح، وقيل: هو إِبرَاهِيم بن آزر بن النّاحور بن الشّارغ بن القَاسِم الذِي قسم الأَرض بَينَ أهلها، ابن يعبر بن السّالح بن سنحاريب، واسم أمه نونا بنت كرنبا بن كوثا من بَنِي أرفخشد بن سام.[٩] وُلِدَ نبي الله إبراهيم -عليه السلام- في منطقة حرّان التي تقع في بلاد ما بين النّهرين، وتقع حاليّاً في الجنوب الشرقيّ من دولة تركيا، إلا أنّ الدّلائل التاريخيّة تُشير إلى أنّ مولِدَ إبراهيم -عليه السلام- كان في منطقة أُور قرب بابل وقيل: كان مولده بالأهواز، وقال بعضهم: (كان بالسّواد بناحية كوثا)، وقيل: بل كان مولده بحرَّان. أمّا وقت مولده الشّريف فقد كان ما بين العام 2324 قبل الميلاد والعام 1850 قبل الميلاد، وورد في التّوراة أنّ ولادته كانت قبل 1900 عام قبل الميلاد.[١٠] وَقَد رَوَى أَبُو أُمَامَةُ أَنَّ رجلاً سأل رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، فَقَالَ: (كَم بَينَ نُوحٍ وِإبَرَاهِيمَ؟ فَقَالَ: عَشْرَةُ قُرُونٍ).[١١] عانى إبراهيم -عليه السلام- في مرحلة الدعوة إلى الله من قومه معاناةً شديدة، ومما زاد معاناته وعذابه أنَّ والده كان يُناصر قومه عليه ويُجاهره العداء، فقد هدده بالرجم كما جاء في كتاب الله إن لم ينتهِ عما يدعو إليه من نبذ آلهته والإيمان بالله، كما أن قومه قاموا بتسفيهه وإهانته وتحقير ما يدعو إليه والتقليل من شأنه، ولكنه صبر وتحمَّل كلَّ ذلك في سبيل الدعوة، حتى أقدم قومه مجتمعين على حرقه، وأعدوا لذلك العُدة إلا أنّ إرادة الله حالت دون ذلك، ومع كل ذلك فإن إبراهيم لم يرجع عن رسالته، ولم يقف عن السير في دعوته، بل صبر واحتسب وأوكل أمره لله، وفوّض أمره له، حتى نجاه الله من قومه وجعله كليمه.[١٢] موسى عليه السلام

هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السّلام جميعاً، فهو يرجع في نسبه إلى إبراهيم عليه السّلام،[١٣] واسم أمّه أيارخا، وقيل أياذخت، وقيل يوحاند، وقيل بادونا،[١٤] أما اسم امرأته فهو صفورا بنت شعيب عليه السّلام.[١٣] ثبت أن موسى عليه السّلام ولد في مصر، وكان ذلك عام 1526م تقريباً، أي بعد ولادة إبراهيم – عليه السلام- بأربعمئة وخمس وعشرين سنةً تقريباً، نشأ موسى -عليه السّلام- وتربّى في قصر فرعون، حتى خرج من مصر هارباً بعد أن قتل رجلاً من بني إسرائيل بالخطأ. أما عن نجاته من القتل فقد ألهم الله أمّ مُوسى أن ترضعه ثم تُلقيه في البحر، فأصبح موسى في يد زوجة فرعون وكانت عاقراً، فوجدته ابناً مناسباً لها، وطلبت من فرعون أن يُبقيه فقبل عرضها، قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ*فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ).[١٥] وعاش موسى في قصر فرعون كريماً مُنعَّماً حتى إنهم كانوا يُنادونه بابن فرعون.[١٦] عانى موسى من قومه أيما معاناة، وقد بدأت معاناته بتكذيب فرعون له، وإنكاره لرسالته، ورفضه الرضوخ لدعوة موسى، وقد عرض موسى -عليه السلام- ما يُدلّل على صدق ما جاء به من النبوة، فاتّهمه فرعون بالسحر، كما وصفه بالمَكر والخديعة لمّا انتصر على سَحَرته، وأمر بقتلهم جميعاً، ولم يُصدِّق فرعون موسى بشيءٍ مما جاء به، بل ازداد كفراً وطغياناً إلى كفره، وبدأ يسخر من موسى ودعوته، قال تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَـهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ)،[١٧] لكن موسى عليه السلام واجه كل ذلك بقلب مؤمن متوكل على الله حتى جاءه نصر الله

عيسى عليه السلام

وُلد عيسى ابن مريم -عليهما السلام- بلا أب، وكان مولده معجزةً إلهيةً يعجز العقل البشري عن تصوّرها، وكان ذلك تكريماً من الله لمريم التي أحصنت فرجها وأطاعت ربها، دعا عيسى -عليه السلام- بني إسرائيل إلى توحيد الله وعبادته، ونبذ ما كان يعبد آباؤهم، والأخذ بأحكام التوراة والإنجيل، وأخذ يُحاورهم بالمنطق ليكشف لهم فساد عقيدتهم، فعاندوه وكذبوه وكفروا بما جاء به، ولم يؤمن به إلا اثنا عشر رجلاً من الحواريين فقط، وقد أيَّد الله نبيه عيسى -عليه السلام- بمعجزات عظيمة تُدلل على صدق نبوّته وحقيقة دعوته، من ذلك أن كان يخلق من الطين على شكل طيرٍ ثم ينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وكان يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، ويحيي الموتى بإذن الله، ويخبر الناس بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم، فزاد عداء اليهود له، وازدادوا كفراً به، ورموه بالسحر والكهانة والجنون، واتهموا أمه بالفاحشة. وعندما رأوا أن الضعفاء والمستضعفين والفقراء يؤمنون به ويُصدّقون بدعوته، ويلتفّون حوله دبروا له مكيدة لقتله، وقاموا بتحريض الرومان ضده، وأوهموا حاكم الروم أن في ما جاء به عيسى -عليه السلام- وما يدعو له زوالاً لملكه، فصدّقهم ملك الروم وأصدر أوامره بالقبض على عيسى وصلبه، فجعل الله الرجل الذي وشى به شبيهاً به، فظنه الجنود عيسى، وقبضوا عليه وصلبوه، ونجا عيسى من مكرهم بأمر الله.[١٨]

نوح عليه السلام

اسم سيدنا نوح هو: نوح بن لامك بن متو شلخ بن متوشلخ بن خنوخ، وقد كان مولده -عليه السلام- بعد وفاة آدم بمئة وست وعشرين سنة، وكانت نشأته في الفترة التي ظهر فيها الفساد وعبادة الأوثان والأصنام في الأرض، حيث صوَّر الشيطان لأهل تلك الفترة تخليد عُظمائهم وساداتهم بصور تماثيل حجريّة، حتى إذا مات من خلّدوا هؤلاء الرجال أوهم أبناءهم أنهم كانوا يعبدون تلك الأصنام فعبدوهم، ومن هؤلاء العظماء: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فجاءهم نوح بعبادة الله وحده، وتنزيهه عن عبادة غيره من المخلوقات أو الأشياء، فنبذوا ذلك لاعتقادهم أن دين أبائهم أولى مما جاء به نوح، واستكبروا في الأرض وعتوا عن أمره، ولم يؤمن معه منهم إلا فئةٌ قليلةٌ جداً، قيل إنهم لم يبلغوا إلا أحد عشر رجلاً على الأكثر في فترة بلغت فيها الدعوة ما يقارب 950 عاماً، وقد بلغ إيذاء قوم نوح له واستهزاؤهم به إلى أن دعا الله أن يُهلكهم لكفرهم وعتوّهم، فاستجاب الله له وأغرقهم بالطوفان بعد أن أنجى نوحاً ومن تبعه من المؤمنين. مكث نوح يدعو قومه تسعمئة وخمسين عاماً كما جاء بيانه في كتاب الله، وقد كان عمره قبل أن يُوحى إليه خمسين عاماً، وقيل بل كان عمره حينها ثلاثمئة وستين عاماً، وقيل أكثر من ذلك، وعاش بعد الطوفان في قومه ثلاثمئة وستين عاماً كذلك، وقيل بل أكثر؛ لتبلغ مدة حياته ما يقارب ألفاً وسبعمئة وثمانين عاماً، عاش معظمها في الدعوة إلى الله، ولقي ما لقي من الاستهزاء والتكذيب والتعذيب.[١٩]

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

Related Articles

Back to top button