بقلم د/ رأفت حجازي المصري كاتب وباحث
هناك علامات استفهام كثيرة حول اختفاء زعماء عرب مثل صدام حسين ومعمر القذافي وحسني مبارك وعبد الله صالح وزين العابدين وبعض ملوك الخليج وغيرهم …
أين ذهب هؤلاء؟ ولماذا؟ وأين هم الآن؟ ولماذا؟ وهل يوجد بين الأمة العربية قادة ومفكرين وعباقرة؟ ولماذا اختفت الهوية العربية؟
وكيف كان للزعماء دولة تحت الأرض ودولة فوق الأرض؟ وما هو هذا الجنين الذي حملت فيه دولة كُبري من شيطان خبيث ليعيش بيننا راكباً علي أكتافنا ؟
وما هذه الأصنام التي يعبدها العرب والتي لا تسمن ولا تغني من جوع؟ وكيف يبني العرب لأبنائهم دولة مستقلة ومستقبلاً مشرقاً يليق بتاريخهم وحضارتهم؟ .
ونبدأ فنقول
أكد المؤرخون أن الرئيس والزعيم ومهما كان قوياً ،لا يمكن له بناء دولة وبكل مؤسساتها والحفاظ عليها بحكم الفرد أو العائلة ولذلك كم من أمم قد انهارت .. وكم من دول قد سقطت .
هذا جمال عبد الناصر و زبانيته والذين حكموا مصر بالحديد والنار فكانت الهزائم المتتالية ،والنكسات الساحقة الماحقة بسبب قراراتهم الغريبة العجيبة ، فكان العدوان الثلاثي ، وبعدها السقوط في مستنقع اليمن وزُج بالجيش ودمروه في حربِ لا ناقة لمصر فيها ولا جمل .
وبعدها كانت النكسة الكبرى عام 1967م علي يد إسرائيل، وتم تدمير بقية الجيش و وقتل وأسر وفقد معظمه، وضاعت البلاد وافتقر العباد لأنها كانت دولة الحاكم الفرد و الزعيم الأوحد .
وهذا معمر القذافي وكتائبه ، عندما لعبوا بالنار مع الكبار في لعبة الموت ، وسقطت البلاد في دوامة الفتن وآلاف من القتلى والجرحى والمهجرين والمشوهين ، و ضاعت مليارات الدولارات وأصبحت البلاد بين متآمرين طامعين، وأجانب متربصين وأصبحت ليبيا دولة مشوهه ..لأنها كانت دولة الحاكم الفرد والزعيم الأوحد.
وأما حسني مبار ك وحاشيته ، والذي جعل مصر هذا البلد العظيم بحضارته وتاريخه وثرواته سوقاً كبيراً لرجال المال والأعمال ، وتاجر بجيش مصر لخدمة الخليج ، وعقد الصفقات مع الاخوان والوهابية وغيرهم ،، وشارك أمريكا في تدمير الجيش العراقي ،كل ذلك ليبقي علي الكرسي اللعين ولكن شاء الله له بنهاية ذليلة وأعوانه، وتأخرت مصر عن غيرها عشرات السنين لأنها كانت دولة الحاكم الفرد والزعيم الأوحد . .
وهذا صدام حسين وزمرته .. والذي كان جيشه من أقوي الجيوش العربية وتصدر الصناعة العربية غامر به وضيعه زعيمه في حربه مع ايران و لعبة الكويت والطائفية ، ولما أراد ت أمريكا القضاء عليه ، قام العدو الصهيوني بضرب المفاعل النووي العراقي ، واستدرجوه لغزو الكويت ، فكانت نهايته .وسقطت الدولة وأبيد الجيش وضاع الوطن لأنها كانت دولة الحاكم الفرد والزعيم الأوحد.
وضاع الحلم العربي لأن مصير العرب كان في يد بضعة أفراد متآمرين ومغامرين ليحصلوا علي مجد مزيف ..ولم تكن في الأمة العربية انتخابات حرة ولا برلمانات حقيقية ليتبادل المختلفون فيها الرأي بدلاً من الرصاص والحوار بدلاً من القنابل
إن الحاكم الفرد له دولتان دولة فوق الأرض، وهي دولة العلن ودولة تحت الأرض من الحرس الخاص والمخابرات والميلشيات والعملاء والجواسيس وأجهزة الأمن القمعية ، واعلاميين مأجورين وهي التي بها يحكمون الوطن ويقهرون المواطن.
وفجأة يفيق العرب من غفلتهم ويدركون أنهم كانوا يمجدون سفاحين ويمدحون طغاة
فتسابقت الشعوب لقتل الجلادين ،ولتهرب من السجن العربي الكبير وتتخلص من الفقر و المرض والجهل في الربيع العربي .
وانكشف العملاء، وركب الخونة علي أعناق الثوار الشرفاء و سقطت التماثيل وكانت الكارثة لم يكن ربيعاً ولا عربياً بل كان خريفً وعبرياً وعندما أرادت الصهيونية العالمية .
نحن نُريد قائداً نبت من هذه الأرض ، جذوره ممتدة إلى أجدادنا العظماء وقلبه معلق برب السماء وشجرته نورانية محمدية لا شرقية ولا غربية.
نُريد قائداً يُحب العلم ويقّدر العلماء ويحتفي بالأدباء
نريد قائداً يُوجعه أنين المرضي ويُؤلمه صرخات الجرحى ويحرقه بكاء اليتامى ويحزنه نداء الثكالى ….لا رئيساً ينطبق عليه قول الله تعالي ( صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون ) 17سورة البقرة
نُريد قائداً يزرع الصحاري ،ويقرب الشباب ويُطلق الحريات ،ويشجع الإبداع والتنوير… لا رئيساً يخرب العمران و يتاجر بالشباب و يكمم الأفواه ويكتم الأنفاس لكل صوت حر ويسجن كل المثقفين و المبدعين.
نُريد قائداً جسوراً لا يهاب الموت ،ولا يخشى المنون ،إذا أُخذت حفنةٌ تراب من الوطن أو أهُين المواطن …لا رئيساً يبيع الأرض ولا يغير على الفرد والعِرض.
نُريد قائداً لا يسكت لهذا الجنين الذي حملت فيه أمريكا سفاحاً من بريطانيا وهو اسرائيل الصهيونية والذي ولدته وأرضعته وكبرته وأسكنته في ديارنا المقدسة بفلسطين وفرضته علي العالم وترضي بفساده وإفساده… لا رئيساً يركع للشرق تارة وللغرب تارة اخرى ويعشق بني صهيون ويتمرغ في أحضانهم ويرضي بضياع مقدساتنا وانتهاك حرماتنا.
نُريد قائداً يصدع بالحق أمام هذه الأصنام (مجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة العربية ) الذين هم لها عاكفون وبحبها يعترفون ومن أموالها يغترفون والتي صنعها الاستعمار ليعبدها العرب وهي لا تنفع و لا تضر إلا لمصلحة الصهيونية ،وهنا فقط تخرج سيوفها وحرابها علي العرب لتقتل الشرفاء وتحرق بسلاحها الأبرياء …
نُريد قائداً يفتتح جامعات وخلوات لتعليم قواعد الدين الصافية والثقافة الراقية..لا رئيساً يحارب الإبداع والمفكرين ويحمي الدواعش والخوارج ويحتمي بالإرهابين والخوان والمجرمين
ولهذا قتل الزعيم العربي وليته لا يعود!
وأختفي القائد الرشيد.. وليته لا يتأخر!
ولنعلم أن التاريخ لا يرحم والديان لا يموت
د/ رأفت حجازي المصري كاتب وباحث بصحف مصرية (الاعلاميين اليوم والنداء وشباب مصر والعالم الحر) وصحف ليبية (الحقيقة والعنوان)