اسليدرأخبار عالميةالتقارير والتحقيقات

من صلاة العيد إلى مكتب العمدة… زهران يقلب الطاولة

احمد مراد يكتب من نيويورك

من صلاة العيد إلى مكتب العمدة… زهران يقلب الطاولة

“إذا لم يجد الفقير مكانًا في الوطن، فسيصنع له وطنًا في الشارع… وإن لم يجد شارعًا، سيصنع الطريق بنفسه.”

– فرانتز فانون في مدينة تشبه الخديعة الكبرى… مدينة بُنيت على عظام المهاجرين، لكنها تمارس إنكارًا جماعيًا لوجودهم… مدينة تُسجّل أسماءهم في ملفات الترحيل، لا في دفاتر الناخبين. في هذه المدينة… نهض شاب. نحيف، داكن البشرة، حادّ العينين، هندي الأصل، أفريقي المولد، مسلم الانتماء… اسمه زهران ممداني. ابن مهاجرين من أوغندا ونيودلهي، صعد السلم من أصغر حارة في كوينز، حتى اقتحم القاعة الزجاجية لمبنى بلدية نيويورك.

شهادة شخصية أنا أحمد مراد. وأفخر أنني أول صحفي عربي التقى بزهران. شاهدته قبل أن تكتشفه الصحف، في صلاة عيد الفطر، يخطب للمصلين في حيّ شعبي، يوزّع الابتسامات على الأطفال، ويصافح أمهات الباعة وكأنهم وزراء. سألته يومها: “هل ستقف إلى جانب باعة الحلال فود؟” فرد فورًا، دون محاولة لتدوير الجملة: “نعم. وسأحارب السوق السوداء والبيروقراطية والفساد.

هؤلاء ليسوا عبئًا… هؤلاء نبض الشارع.” ثم سألته مباشرة: “هل ستدعم منحى ترامب الجديد ضد المهاجرين؟” فقالها كأنها تُقال لأول مرة: “لا. بل سأحارب ترامب حتى تنتصر الديمقراطية.”

يمكنكم مشاهدة احد لقاءاتي معه من هنا

https://youtube.com/shorts/KVuKmQ_Jmx0?feature=shared

التهديد لم يوقفه… فهل توقفه الدولة العميقة؟

في مايو 2025، تلقى زهران رسالة تهديد خطية على زجاج سيارته: “ارجع بلدك قبل ما نفجر عربيتك.”

لكن بدلًا من أن يختبئ أو يسكت… خرج في اليوم التالي وسط حشود مؤيديه، ورفع صوته أكثر: “أنا هنا… ولن أعود للخلف.”

ابن المهاجرين يهزم مليارات بلومبرغ وكوومو في 24 يونيو 2025، وقعت المفاجأة التي زلزلت النخبة السياسية: زهران ممداني: 44%، أندرو كوومو: 36%. كوومو انسحب وقال بمرارة مغلفة بالأناقة: “Tonight is his night… He deserved it.”

وهكذا… في مشهد لم يُكتب في غرفة أخبار بلومبرغ، بل على الأرصفة التي مشى فوقها الزهران…

أُعلنت بداية قصة انتصار كتبتها الأرصفة لا الصحف. معركة بلا توازن… لكن بلا استسلام كوومو دعمته ماكينات الملياردير مايكل بلومبرغ بأكثر من 8 ملايين دولار. زهران دعمه شباب عندهم حسابات Venmo فيها 12 دولار. كوومو استخدم ميكروفونات الإعلام. زهران استخدم صوت الشارع.

تحليل آخر الليل الصراع لم يكن يسارًا ضد يمين، ولا اشتراكيًا ضد رأسمالي…

بل بين مدينة تبحث عن هويتها… وبين منظومة فقدت خجلها، وتدير الانتخابات كأنها بورصة.

زهران ليس مرشحًا تقليديًا… بل تجربة أخلاقية معاصرة.

اختبار حي لقدرة الديمقراطية على النجاة من أنياب رأس المال.

هل سيستلم زهران ممداني مفاتيح بلدية نيويورك في نوفمبر القادم؟

أم أن “الدولة العميقة” ستخرُج لنا في الدقيقة 90، بوجه جديد، وخطة قديمة؟

كل ما نعرفه الآن أن الرهان تغيّر. ونيويورك ربما تستعد لحدث لم تعرفه من قبل: أن يكون ابن مهاجرين مسلم… عمدة مدينة لا ترحم.

⸻ أحمد مراد amourad978@aol.com

احمد فتحي رزق

المشرف العام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى