الاسلاميات

من بلاغة القرآن المجيد ودقته البيانيّة في استخدام كلمتي ( حيّة – ثعبان )

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم : د. مصعب أبوبكر أحمد

في معاجم اللغة العربية وجدنا أن هناك فرق بين كلمتي ، الحية والثعبان : الحية تطلق على الصغير ، بينما يطلق الثعبان على الكبير المخيف.
انظروا كيف كانت دقة القرآن التى أعجزت العرب حينما استخدم الكلمتين. قد أوجزناها في ثلاثة مشاهد إليك بيانها :
المشهد الأول : عندما سار سيدنا موسى عليه السلام ً بأهله ليلاً فأبصر ناراً وجاء ليستأنس بها فناداه الله أن يلقي عصاه.
قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى؛ هذا مناسب لسيدنا موسى لأن المطلوب أن يرى معجزة وليس المطلوب أن يخاف منها، لذلك تحولت العصا إلى حية صغيرة . أما في المشهد التاني : فعندما ذهب موسى إلى فرعون فطلب منه فرعون الدليل على صدق رسالته من الله تعالى فألقى موسى عصاه
. فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ
فالمطلوب إخافة فرعون لعله يؤمن ويستيقن بصدق موسى، فتحولت هنا إلى ثعبان . أما المشهد الثالث : عندما تجمهر السَّحَرة وألقوا حبالهم وعصيّهم وسحروا أعين الناس، فألقى موسى عصاه. فجاءت كلمات الله جلّ شأنه :
” وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ”
لا نجد أي حديث في هذا الموقف عن ثعبان أو حية فلماذا؟
إذا تأملنا الآيات بدقة نجد أن السحرة أوهموا الناس بأن الحبال تتحرك وتسعى، كما قال تعالى:
فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى
وهنا ليس المطلوب أن يخاف الناس بالثعبان، وليس المطلوب أن تتحول العصا إلى حية، بل المطلوب أن تتحرك العصا وتلتهم جميع الحبال والعصِيَ بشكل حقيقي، لإقناع السحرة والناس بأن حبالهم تمثل السحر والباطل، وعصا موسى تمثل الحق والصدق
ولذلك يقول تعالى:
” فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ” .
سبحان الله العظيم على الدقة المعجزة…حقا لا يمكن احلال كلمة مكان أخرى فى القرآن..
لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى