بقلم / مجاهد منعثر منشد
(المثقف والثقافة) مشتقان من مادة (ثقف)، وحسب ما جاء في معاجم اللغة العربية وقواميسها فإنها تدل على عدَّة معانٍ، منها: الحذق، وسرعة الفهم، والفطنة، والذكاء، وسرعة التعلُّم، وتسوية المعوجِّ من الأشياء، والظفَر بالشيء.
والمثقف من معرفة بالمعارف أَيْ ذُو ثَقَافَةٍ, فعندما يقال :مُثَقِّفُ الأَجْيَالِ , فيعني : مُهَذِّبُهَا ، مُعَلِّمُهَا ، مُرَبِّيهَا.
وأختصر القول ابن السكيت قائلا : رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ إذا كان ضابِطاً لما يَحْوِيه قائماً به .
ولفظ (الثقافة) مصطلح غربي فيعرفها تايلور: الثقافة هي ذلك المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والأدب والأخلاق والقانون والعرف والقدرات والعادات الأخرى، التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع.
وحسب رأي القاصر من يظهر المصطلح الحديث الثقافة هو المثقف فهو مظهر الثقافة ومصداقها والمعبر عنها وحاملها وغارسها لسواه. وإلا كل مكونات الثقافة ومقوماتها تبقى صوراً تجريدية ذهنية إذا لم يسقطها المثقف كالمطر على أرض الواقع .
أما المثقف اصطلاحا : فهو ناقدٌ اجتماعيٌّ , فلابد له من توافرُ خلفيةٍ قادرةٍ على تحديد المساحات الخاضعة للنقد، من حيث طبيعتها وخصائصها والظروف التي تمرُّ بها ودرجةُ أولوياتها, فإنه ممثل لقوة محركة اجتماعيا لما يمتلكه من قدرة على تطوير المجتمع، من خلال تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه.
ومن خلال إبداعه الثقافي المتجدد كل يوم يستطيع أن يفصل بين تهذيبات القول وتجليات الفكر، بين الثقافة وعدمها , بين التحضر والتطور.
والمثقفُ نوعان:
– موسوعي: ملمُّ بأكثر من مجالٍ ثقافيٍّ.
– تخصصي: المتخصص في أحد العلوم الإنسانية، كالاجتماع والسياسة مثلاً.
يمتاز المثقف بمرونة رأيه و باستعداده لتلقي كل فكرة جديدة و للتأمل فيها و لتملي وجه الصواب فيها , ويتقبل رأيا مخالفا لرأيه برحابة صدر .
و يعتمد التمحيص و البحث و التحري و يراعي الموضوعية و النزاهة حين التعبير عن رايه بعيدا عن التعصب و التحيز. ومن المستحيل أن يقع ضحية الأدلجة والتغييب.
وتفكيره متحررا من قيود الافكار المألوفة السائدة في المجتمع حيث يكسر كل الأطر و المسلمات الخاطئة.
سمو روحه بالإنسانية تجعله يمتلك صفات سامية ومزايا نبيلة , فتجد ظاهرة كباطنه حتى في حروفه مهذبا مستقيما محب للخير وصاحب ضمير يقظ. , فضميره رائده وعقله قائده ومعاملة الناس بالحسنى شعاره وديدنه .
محبا للعلم والمعرفة ويسعى سعيا حثيثا لزيادة معلوماته وتوسيع أفق التفكير لديه .
يؤمن بالمبادئ و المثل العليا تجاه وطنه ومجتمعه وإنسانيته , والمفروض أن تكون أفكاره إيجابية وتحركه فعلا إيجابياً وعينه على المستقبل الآتي بما يحمل من آمال وتطلعات وبما يحقق من أهداف لصالح المجتمع.
وأختم كلامي بأن المثقف العربي أمام مسئولية خطيرة وجسيمة المطلوب فيها أن يمارس دوره كنبي لا كفيلسوف .