اسليدرالأدب و الأدباء

من الخازندار إلى هشام بركات

احجز مساحتك الاعلانية

09ed8b7745148ed2af680e1dda933d85
د.صلاح عبادة
استيقظت مصر صباح اليوم 29 يونية 2015 ، الثاني عشر من شهر رمضان المعظم 1436 ؛ على أنباء محاولة اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات ،والتي سرعان ما استحالت إلى نبأ مؤكد بالاغتيال ..في محاولة إرهابية يائسة لإرهاب الدولة ومؤسساتها – وعلى قمتها مؤسسة القضاء -التي تحاول التصدي لجرائم التيار الإسلاموسياسي . عملية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات في 2015 تغلق قوسا فُتح في مارس 1948 باغتيال المستشار الخازندار ،عقب حكمه على بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالسجن عشر سنوات على جرائم ارتكبوها ..فاعتبره مرشدها كافرا ومحاربا لدين الله ..وأذاع هذا الرأي على مسمع من رجاله من التنظيم الخاص المسلح فبادروا باغتيال الخازندار على الفور ..فجماعة الإخوان المسلمن، هي أول جماعة في التاريخ تماهي بين نفسها وبين الإسلام ذاته ..فالمختلف مع أفكارها أو شخوصها هو كافر ومحارب للإسلام ( هكذا بإطلاق ) ..ولا يريد للدعوة الإسلامية أن تواصل طريقها ..إلى آخر هذه الترّهات والسمادير والأفكار الدموية الإرهابية القاتلة !!
وكالعادة في مثل هذه الظروف تندلع ردود الفعل السياسية والإعلامية. وفي هذا الصدد يبدو تيار الإسلام السياسي وفي القلب منه جماعة الإخوان والدوائر المتصلة به ؛ وكأنه صحراء من اللامعنى والنمطية والتكرار الببغائى للأخطاء والحجج حتى وإن بدت سخيفة وضعيفة ومتهافتة، وتخاصم أولى بديهيات المنطق العقلى والإنسانى السليم؛ لدرجة أن المتابع لا يكاد يصدق أن عمر هذه الجماعة أكثر من ثمانين عامًا، بل تبدو وكأن عمرها عام واحد ظل يتكرر لأكثر من ثمانين مرّة، دون مراكمة للخبرة أو استقطار لعناصر الحكمة.
وما أثاره الإعلام الإخواني عقب عملية اغتيال المستشار هشام بركات، خاصة الذي يبث من خارج مصر ( على الجزيرة -مكملين – رابعة – مصر الآن) وهو اتهام الدولة المصرية العميقة والأعمق ( حسب توصيفاتهم )وبالتحديد ” ميليشيات السيسي” بالاتفاق مع “بلطجية المخابرات العامة” ( استنادا لتصريحات أبو العلا ماضي)..هو الدليل الناصع على تلك القاعدة العجيبة التي يرتكزون إليها، و هى قاعدة المنطق المقلوب أي ردّ الفعل إلى المفعول به لا إلى الفاعل؛ تعمية وتضليلا عن الفاعل الحقيقى. ولا يزالون يكررون هذه القاعدة مئات المرات، دون أدنى تعديل أو تغيير أو إضافة أى عناصر إقناعية أخرى. تراهم بعد كل عملية إرهابية: اغتيال أو تفجير أو تدمير أو حرق؛ يسارعون ( وكأن على رؤوسهم بطحة) ويبادرون بإلصاقها بالدولة و أجهزتها أي بالضحية؛ فالشرطة تقتل رجالها لإلصاق التهمة بالإخوان، والمخابرات والجيش يقتلون الجنود، ويفجرون الكمائن لخلق ذريعة لحصار الإخوان وإعاقة مشروعهم الكونى!! ومازالت تلك حجتهم منذ إنشاء جماعتهم وتفاعلاتها العنيفة مع الحكومات المتعاقبة والخصوم السياسيين والفكريين، وحتى الأحداث العنيفة التى تلت ثورة 30 يونية، التى أزاحتهم عن سدة الحكم وقوّضت أحلامهم فى الاستئثار بالسلطة التى ظلوا يشتهونها لأكثر من ثمانين عامًا، وما كادوا يتذوقون ثمرتها حتى حيل بينهم وبين ما يشتهون ؛فكرّسوا ما تبقي لهم من قوة مال وإعلام وعمالة لجنون الحقد والانتقام !!
وهي حجة عجيبة حقا وتثير الدهشة والاستغراب و لكن لها جذور ضاربة في العقلية الجمعية الإخوانية . وربما استلهم الإخوان هذه الحجة السالبة ـ أو بالأحرى اللاحجة ـ من ملابسات قضية اغتيال مرشد الجماعة الأول حسن البنا ـ فرغم علم المخابرات البريطانية بتدبير الملك فاروق وحرسه الحديدى لاغتيال حسن البنا نفسه لتجرؤ تنظيمه السري المسلح على اغتيال المستشار الخازندار ثم النقراشي ؛ فإن السفير البريطانى لقّن الملك فاروق هذه الحجة الخرساء، كما ورد فى الوثيقة التى ذكرها «مارك كورتيس» فى كتابه «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» والتى جاء فيها: «فبعد ثلاثة أيام من الاغتيال (اغتيال حسن البنا) سجل السفير البريطانى السير «دونالد كامبل» بعد لقاء بالملك فاروق: «قلت له: إننى أعتقد أن الاغتيال ربما قام به أحد أتباع حسن البنا المتطرفين، خوفا منه، أو اشتباها فى أنه سيتخلى عن القضية». وتلقف الإخوان حجة «كامبل» عن الملك فاروق، وأخذوا يطبقونها بعد ذلك بميكانيكية وآلية، كوصفة جاهزة، بعد كل عملية ارهابية يقومون بها أو تقوم بها إحدى أذرعهم من الجماعات التكفيرية المسلحة المنبثقة عنهم ..المتحالفة معهم .
وما تلك الحجة البلهاء التي أتحدث عنها إلا دليل عقم الخيال وضحالة الفكر..وتصحر الضمير الخلقي لجماعات الخوارج التي لا تجيد إلا احتراف سفك الدماء ابتداء من سيدنا علي بن أبي طالب ..إلى سيدنا عمر بن الخطاب.. إلى سيدنا عثمان بن عفان .. إلى الشيخ الذهبي ..إلى فرج فودةإلى ..هشام بركات ….إلى كل صاحب فكر مختلف أو مناهض أو مقوّض لأُطروحات وانحرافات الإسلاموسياسيين الخوارج القدماء والمحدثين ..الذين يمضون سريعا إلى تبوّء مقاعدهم التي يستحقونها في مزبلة التاريخ في الدنيا ..وفي الدرك الأسفل من النار في الآخرة!!

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

Related Articles

Back to top button