مقالات واراء

منزل الست وسيلة خاتون

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم المهندس/ طارق بدراوى

منزل الست وسيلة خاتون هو منزل أثرى قديم يقع خلف الجامع الأزهر بالقاهرة الفاطمية ويتميز بجمال التصميم وروعة البناء والنقوش والزخارف والتوافق مع البيئة المحيطة ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1074 هجرية الموافق عام 1664م فهو إذن من آثار العصر العثماني وقد قام الأخوان عبد الحق ولطفي أولاد محمد الكناني ببنائه في شارع عطفة العيني إلي جوار منزل عبد الرحمن الهراوى وعلي مقربة من الجامع الأزهر وهذا هو مانجده مكتوبا علي شريط بسقف المقعد الصيفي المتواجد بالدور الأول بهذا المنزل ثم انتقلت ملكية المنزل من شخص لآخر إلى أن امتلكته الست وسيلة خاتون المعروف باسمها البيت حتي اليوم
والست وسيلة خاتون إسمها بالكامل وسيلة بنت عبد الله البيضا معتوقة علي بك الكبير أحد زعماء وأمراء المماليك أما خاتون فهو لقب معناه السيدة الشريفة وكانت الست وسيلة هي آخر من سكنت هذا المنزل ولذلك تسمي باسمها ونسب لها وليس عندنا الكثير عن تفاصيل حياتها إلا تاريخ وفاتها وهو يوم 4 مايو عام 1835م ولكن يبدو أن مالكة هذا المنزل الست وسيلة خاتون كانت معروفة في الحي الذى به منزلها ولذلك توارث وتناقل الأهالي أبا عن جد ترديد إسمها علي البيت الذى سكنت به فأصبح معروفا باسمها حتي اليوم وهو يتبع حاليا صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية تحت ملكية المجلس الأعلى للآثار الذى تحول إلى وزارة حاليا تحت إسم وزارة الآثار ويعتبر مزارا ثقافيا وأثريا يسمي حاليا بيت الشعر
وحيث أن البيت قد تم بناؤه خلال العصر العثماني لذا نجده قد أتخذ الطراز المعمارى الذى كان سائدا في العصرين المملوكي والعثماني وهو ذلك الطراز الذى كان يسعى إلى الحفاظ على الخصوصية وحرمة المنزل فنجده مصمما علي نحو يمكن أهله من رؤية القادم عليهم وفي الوقت نفسه لا يستطيع من في الخارج أن يرى من بالداخل ويتكون كما هي العادة في هذا الطراز من مدخل لايجرح أهل البيت والذى يطلق عليه المدخل المنكسر والذى رأيناه قبل ذلك في بيت السحيمي وفي منزل زينب خاتون والذى يؤدى إلى صحن البيت المكشوف أو الحوش والذى يحوى خدمات ومرافق المنزل وهي مخازن الحبوب والطاحونة وحجرات الخدم واسطبل الخيل ومندرة وإلى يمين الباب توجد بئر مياه وهي التي يحصل منها سكان المنزل علي الماء اللازم للنظافة والطهي والشرب ويتوسط الفناء مقعد من براطيم أو كتل خشبية غليظة تحصر فيما بينها مستطيلات غائرة تزينها زخارف نباتية وهندسية جميلة ومتقنة وعليها كتابات نسخية
وبخصوص الطابق الأرضي للمنزل نجد به القاعة الرئيسية له وهي عبارة عن ايوانين مستويين مرتفعين عن الارض وبينهما نافورة علي عمق 90 سنتيمتر تم اكتشافها مؤخرا عند البدء في ترميم المنزل وسبب وجود الايوانين بهذا الوضع هو أن يكون متاحا لأكبر عدد ممكن من الحضور مشاهدة بعضهم البعض أثناء وجودهم بالمنزل بالإضافة إلى أن وجود الارتفاعات والانخفاضات في القاعة إلى جانب وجود الصحن والشخشيخة المتواجدة في سقف القاعة وهي عبارة عن فانوس خشبي مفرغ لانارة المكان فإن كل هذه العناصر تجعل المنزل متوافقا مع البيئة وتساهم في تحريك الهواء وتهوية المنزل تهوية طبيبعية جيدة وخاصة في فصل الصيف وتطل علي القاعة الرئيسية مجموعة من المشربيات وهي المكان الذى كانت تجلس فيه النساء للإستماع إلى المطرب أو المغني دون أن يراهم أحد ولذلك كانت تسمي تلك المشربيات أحيانا بالمغاني …..
ويوجد علي يسار صحن البيت سلم خشبي يؤدى إلى الدور الأول الذى يشمل المقعد الصيفي وبسقفه نقوش عثمانية جميلة وشريط كتابي مكتوب عليه إسمي مؤسسي المنزل وتاريخ البناء ويتصدر المقعد دواخل كانت تستخدم كدواليب للملابس وأدوات المنزل وأعلى تلك الدواخل توجد رسومات للمحراب للتعريف باتجاه القبلة عند الصلاة وإلى يمين المقعد توجد قاعة النوم وبها نماذج نادرة من اللوحات الزيتية عبارة عن رسومات للأماكن الإسلامية المقدسة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة ففي الجزء الشمالي من القاعة رسم للمسجد النبوى الشريف بالإضافة إلى رسومات لمنازل بالمدينة المنورة بالإضافة إلى لوحة كبيرة للكعبة المشرفة والحرم المكي ومنازل مكة المكرمة بالحرم بشرفاتها الصغيرة وكذلك لوحة كبيرة لمدينة ساحلية ترمز إلى تركيا أما الدور الثاني فيضم قاعة أخرى وحمام يعد من أهم وأجمل الحمامات في العمارة الإسلامية العثمانية وجدرانه مكسوة بالرخام الأبيض وسقفه به زخارف رائعة وهو يتكون من جزئين هما المغطس وهو مكان الاسنحمام والموقد وهو الذى تشعل فيه النيران لتسخين المياه وإلى جانبه توجد غرفة خلع الملابس ويعلو هذا الدور السطح والذى كان لايمثل أهمية لأهل المنزل وبالسقف النهائي للمنزل توجد قبتان مثمنتا الأضلاع يعلوهما غطاء هرمي ووظيفتها توفير الإضاءة الطبيعية لداخل المنزل
وكان هذا المنزل شبه مهدم إلي وقت قريب وكان مدفونا وجزء كبير منه تحت مستوى الشارع فتم عمل خطة ترميم له استفرقت عدة سنوات وشملت إزالة كافة الأتربة والمخلفات والمناطق المتهدمة بالمنزل ثم إعادة إحياء واجهته الحجرية في الجانب الجنوبي الشرقي منه والتي بها عدد 3 فتحات صغيرة يليها فتحة باب مستطيلة يغلق عليها مصراع خشبي وهي المدخل العمومي للمنزل الآن وفي أثناء عملية الترميم عثر علي الحمام القديم والذى سبق وصفهما كما تم إكتشاف نافورة الصحن الرئيسي والطاحونة واستغرقت عملية الترميم حوالي سنتين تم خلالها ترميم المنزل بالكامل مع عمل بعض الإضافات الجديدة التي روعي فيها عدم المساس بأصل المنزل وتم افتتاحه كمزار أثرى وثقافي عام 2005م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى