كتبه : د. طاهر حسن أحمد
مستشار أسري وتربوي
ومدرب دولى تنمية بشرية وتطوير الذات
مما قرات وأعجبنى فى الصحة النفسية ” نظرية الموزة “
————–
مما قرأت وأعجبنى وأثر فى نفسي وجعلنى اسرح معه متأملا فى حياتنا التى نحياها بكل المتناقضات فى المشاعر والأحاسيس والتصرفات ، المتناقضات فى الأقوال والأفعال ، فالانسان يعيش بأكثر من وجه فى الحياة ليحاول مدارة مشاكله النفسية وعدم إظهارها للعن ، ويتظاهر أمام الناس بالقوة وهو فى غاية الضعف من الداخل ، ويتظاهر بمعرفته لكل الأمور وخبرته فى التعامل مع المشكلات ، وعند وقوعه فى مشكلة بسيطة تخصه تخور قواه أمامها ولا يعرف لحلها سبيل ، فكم واحد منا واجهته هذه المشاعر الداخلية والصراعات النفسية بين رغباته المكبوتة التى يريد اشباعها وبين الواقع الأليم الذي يمنعه من التنفيس عن هذه الرغبات المكبوتة ، فيقع المحظور ، ونجد إنسان مشطور لنصفين ، نصف يعيش مع رغباته المكبوته وبحاول اشباعها بشتى الطرق ، ونصف يتظاهر امام الناس بالقوة والشجاعة وأنه لا يقهره قاهر ، ويحدث الصراع الداخلى ويتمزق المسكين بين الصراعين الدخلى والخارجي ويشعر بالاحباط ، ولكن عادة ما يقرر أنه يتخلص من هذا الصراع ويفشل كل مرة ويعاود جلده ذاته مرات ومرات وينتهي به الأمر لترك الأمور تسير فى مقاديرها إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا .
فهيا نعيش سويا مع مقالة دكتور محمود أبو العزايم استشاري الأمراض النفسية فى هذا الصدد حيث يقول فى مقالة بعنوان ” نظرية الموزة ” ما يلى :
عندما كنت طفلا، أعطتني أمي موزة لآكلها، فوضعتها في جيب حقيبتي المدرسية.. وعند استراحة الظهر في المدرسة فتحت حقيبتي لآكل الموزة فوجدتها
…
مسحوقة تماماً.. تركت الموزة مكانها على أمل أن أزيلها من الحقيبة لاحقاً.. لكني، وبسبب عطلة نهاية الأسبوع، نسيتها.. وعندما فتحت جيب الحقيبة وجدت
الموزة وقد أصابها العفن..
أغلقت الجيب، ولم أخبر أحداً.. وبقيت الموزة سرّي الدفين لثلاثة أيام إضافية إلى أن أصبحت رائحة الحقيبة لا تطاق.. حتى رفاقي كانوا يتسائلون من أين تنبعث
هذه الرائحة الكريهة في الصف مما زاد في إحراجي.. فقررت عندها مواجهة الوضع وقمت بإزالة آثار الموزة المتعفّنة ونظّفت حقيبتي وأنهيت المشكلة..
هذا ما يحصل معنا تماماً..نسحق مشاعرنا من جرّاء اختبار مؤلم أو صدمة نتعرّض لها..
فنبقيها مخبّئة في جيب حقيبتنا الشعورية..
ولا نخبر أحداً عنها..
فتصاب مشاعرنا بالتلف..
رغم إنكارنا، وتجاهلنا لها، وإحكام الإغلاق عليها..
لكن “رائحة” اختبارنا المؤلم، الذي قمنا بدفنه داخلنا، تنتقل من داخل “حقيبة” مشاعرنا إلى الخارج.. فتحوّلنا إلى أشخاص مضطربين، محبطين، نشعر بالكره،
بالحقد، بالذنب، أو بالظلم..
الحل الوحيد لهذه المشكلة هو مواجهة الأمر.. وفتح “حقيبتنا” الداخلية ونتظيفها وإزالة بقايا مشاعرنا وأحاسيسنا المتعفنة..
كيف؟
بالشفافية، بالاعتراف أمام أنفسنا وأمام من نثق بهم بأن لدينا مشكلة حقيقية داخلنا..
فالكبت والإنكار.. ولفلفة المشاعر الدفينة والظهور أمام الآخرين بأن كل شيء معنا هو على ما يرام.. وبأننا مسيطرون على الوضع، لا تنفع، بل تُفاقِم المشكلة..
فمهما كانت محرجة آلية البوح بما في داخلنا، تكون أسهل بعشرات الأضعاف من أن نبقى سجّانين دائمين لآلامنا الدائمة..
فلنفتح “حقائبنا”، ولننظّفها من العفن..
ولندع نور الشمس يدخل عتمتها..
هذه هي “نظرية الموزة” التي طبّقتها على حقيبتي المدرسية..
فلنحاول تطبيقها على “الموز” المتعفّن في “حقائبنا” الداخلية الفكرية، والعاطفية..
ولنبدأ معاً حملة النظافة
*منقول
عن الدكتور محمود أبو العزايم
استشارى الأمراضالنفسية