الأدب و الأدباء

ملحمة كلكامش وقوانين حمو رابي والإسهامات الحضارية …في تاريخ البشرية

صور من ملحمة كلاكامش وقوانين حمورابى
صور من ملحمة كلاكامش وقوانين حمورابى

220px-GilgameshTablet url
كتب الشيخ : لفته عبد النبي الخزرجي
تمكن الدكتور طه باقر ان يضع بين أيدينا .. الترجمة شبه الكاملة لأسطورة الإنسان العراقي الذي عاش فوق تراب هذه الأرض منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة “ملحمة كلكامش ” تلك الوثيقة من التاريخ والمعرفة والفن والأدب والحضارة الأصيلة … وقد استطاعت تلك الترجمة الرصينة أن تقدم للقارئ العربي حصيلة معرفية نادرة .. من خلال تلك الصور الإبداعية والجمالية والفنية لتلك الحضارة الموغلة في القدم “بحدود الألف الرابع قبل الميلاد ” .
ان حضارة وادي الرافدين وتراث الإنسان الذي استوطن على ضفاف نهري دجلة والفرات “ما بين النهرين” قبل ما يزيد على خمسة آلاف عام .. قدمت للإنسانية معالم وآفاق حضارية ومعرفية وتاريخية باذخة الألق  ومنحت الإنسان العراقي مرتبة جعلته في قمة الهرم الحضاري ويعتلي سلم التاريخ البشري بقامة مستطيلة القوام .
وقد إستطاع علم الآثار (الاركيولوجيا ) ان يحدث انقلابا خطيرا في معرفة الإنسان بتأريخه وحضارته وعلومه وتراثه المعرفي والأدبي والفني .حيث قدم هذا العلم دراسات واسعة في مجال الحضارات والمدنيات القديمة وتمكن أن يجعلنا أمام حضارة سبقت كل الحضارات ، حيث كان الباحثون في الغرب يعتبرون ان أولى الحضارات وليس فوقها معارف أو مدنيات وهي حضارة الرومان واليونان التي كان الغرب يراهن عليها أنها هي أقدم حضارة في التاريخ . وقد تأكد العلماء ان حضارة وادي الرافدين قد وضعت البشرية أمام تحد حضاري لا يرقى إليه الشك . حيث ان تلك الحضارة وتلك الانجازات المدنية والمعرفية والفنية والسياسية والأدبية والتي شهدتها الرقعة الجغرافية الممتدة من منبع النهرين الى مصبهما ..كانت واحة واسعة للعديد من الحضارات ” السومرية ،الآشورية / الأكدية ، والبابلية ”  مما دفع بالكثير من (مؤرخي الحضارات عن أصول التمدن البشري وجذوره )1 لتغيير آرائهم حيث ان المجتمع الغربي ورجال الآثار والباحثين في علم الآثار كانوا الى وقت ليس بعيدا يعتقدون ان حضارة الرومان واليونان هي الحضارة الأولى في تاريخ البشرية .
1 – ملحمة كلكامش : طه باقر ط4
ان هذا التحول في موقف الباحثين ومؤرخي تاريخ الحضارات القديمة لم يأت من فراغ  بل انه حصيلة علمية واضحة وبعد ان تمكن الباحثون من فك رموز الخط المسماري في حضارة وادي الرافدين .. ومن خلال هذا الاكتشاف حصلت طفرة نوعية في علم ألآثار الذي عززته التنقيبات الأثرية والحفريات في مناطق معروفة في وادي الرافدين .
وهكذا حصل الإجماع تقريبا  لدى الباحثين ومؤرخي الحضارات القديمة .. ان حضارة وادي الرافدين ووادي النيل من أقدم الحضارات وتم إطلاق مصطلح ” الحضارة الأصيلة او الأصلية ” 2 على هاتين الحضارتين .
وبهذا يتأكد لنا ان حضارة وادي الرافدين وآدابها ومعالمها التراثية .. تعتبر من أرقى وأقدم واسبق جميع الحضارات في العالم بما فيها حضارة وادي النيل .
ويؤكد ذلك الدكتور طه باقر ، كما انه يضيف “وهناك ميزة أخرى تميز أدب العراق القديم على الآداب العالمية القديمة  تلك هي ان كلا من الآداب التي أوردناها للمقارنة به قد عانى الكثير من التحوير والإضافة على أيدي الجامعين والنساخ والشراح ، في حين ان الأدب السومري والبابلي قد جاء إلينا على هيئته ونصوصه الأصلية تقريبا ، كما مدون بأقلام كتبة العراق القديم على ألواح الطين قبل أربعة آلاف عام “1 / ملحمة كلكامش: طه باقر ط4
ومن أتيحت له الفرصة لقراءة هذه الملحمة العراقية ..كاملة ..كما ترجمها الدكتور طه باقر .. فسيرى أنها قد ألمت بكل الحوادث والأعمال والانجازات العلمية والأدبية والعمرانية والحربية والسياسية … فهي عبارة عن انسكلوبيديا تحكي للتاريخ ملفات كلكامش المتعددة حروبه وسياسته وظلمه ووحشيته وغضبه وجبروته  وتسلطه وعنفوانه .وقوته (ولعل ملحمة كلكامش الخالدة خير ما يعبر عن الاتجاه الإبداعي الثوري الذي اتسمت به حضارة وادي الرافدين في مختلف عصورها ، فهي كافية وحدها لان تبوأ هذه الحضارة أسمى مكانة في تاريخ الفكر العالمي والحضارة البشرية ) 3 ” طه باقر – مقدمة الطبعة الثالثة “2 – نفس المصدر
ونقرأ في الفصل الأول من الملحمة .. هذه المقاطع :
من ذا الذي يضارعه في الملوكية ؟
من غير كلكامش من يستطيع أن يقول ” أنا الملك “!
ومن غيره من سمي كلكامش من ساعة ولادته ؟
ثلثاه آله ..وثلثه الباقي بشر
لقد صممت هيئة جسمه ألآله العظيمة
وفي العمود الثاني :
لم يترك كلكامش ابنا طليقا لأبيه
لم تنقطع مظالمه عن الناس ليل نهار
لم يترك كلكامش عذراء طليقة لأمها
ولا ابنة مقاتل ولا خطيبة البطل
إن هذا يؤكد للباحث والقارئ اللبيب  ان الملحمة قد كتبت في زمن غير الزمان الذي عاشه كلكامش لان ما ورد فيها من إشارات واضحة ولا غموض فيها عن المظالم التي كان يستعين بها كلكامش لبسط نفوذه وسلطته ان تلك الإشارات أو بالأحرى ذلك التأكيد على قسوة كلكامش وعنفه وصلابته وتهوره واستبداده وجوره إنما تدلل على ما أوردناه من ان الملحمة قد كتبت في وقت لاحق وبعد كلكامش .أ

ما إذا كانت الملحمة قد صيغت سطورها وسطرت حروفها في زمن وسلطة كلكامش فهذا دليل آخر على عظمة كلكامش لأنه كان ” ديمقراطيا ” ويقبل بالرأي الآخر .لأننا نعرف ان الملوك والسلاطين والأباطرة والأمراء لا يقبلون بأي رأي يخالفهم .. ولا يرغبون أي لسان يتحدث عن مساوئهم وظلمهم وطغيانهم . لأنهم يعتبرون أنفسهم أنصاف آلهة أو كما ورد في النص أعلاه ثلثي ألآله .
ومع إن الأدب الذي أبرزته الملحمة كان يمثل إبداعا معرفيا ( وعلى الرغم من أن هذه كانت أولى المحاولات في تاريخ تطور الإنسان الأدبي بيد أن مما يدهش الفاحص لأدب وادي الرافدين هو انه ، مع إيغاله في القدم وسبقه جميع الآداب العالمية ، يتميز بالصفات الأساسية التي تميز الآداب العالمية الناضجة ، سواء كان ذلك من حيث الأساليب وطرق التعبير ، أم من ناحية المحتوى والموضوعات التي تناولها أم ناحية الأخيلة والصور الفنية والعرض القصصي والروائي ) 4 نفس المصدر السابق 
إن المضمون الإنساني الذي اشتملت عليه الملحمة  والمحتوى الإبداعي الذي أعطى هذه الوثيقة التاريخية  هذا المسار الخالد عبر القرون  لاشك يدل على عمق المعايير الإنسانية التي أطرتها هذه الملحمة ومضمونها الحضاري وأسلوبها المتقن في سياقات الأداء الأدبي والمعرفي والروائي والقص في إطار فني متألق (فالملحمة عبارة عن نص أدبي اجتماعي فكري جمع في طياته كل المعاني الجميلة للحب والصداقة وفعل الخير وانتصار الإنسان للروح الإنسانية ) .
5 الصورة الإبداعية في ملحمة كلكامش / عدي ألعبادي / طريق الشعب العدد 102/ الأربعاء 7/ 1/2015
المصادر :
1 – ملحمة كلكامش : طه باقر / ط4  
2- طريق الشعب / العدد 102 / الأربعاء 7/1/2015م

أسرار وأحداث الطوفان في حضارة وادي الرافدين
المصادر التاريخية التي تناولت أحداث الطوفان العظيم .. تكاد تنحصر في الكتب المقدسة “التوراة ، الإنجيل ، القرآن “

لكن الملفت ان ملحمة كلكامش وأسطورة الخليقة والكثير من النصوص المسمارية التي عثر عليها في جنوب العراق استقطبت انتباه الدارسين والمهتمين بتراث الحضارات القديمة وخاصة الحضارة الإنسانية المتميزة في بلاد وادي الرافدين ونتعرف من خلال العديد من البحوث والدراسات في هذا الجانب  على ان الطوفان موطنه العراق  وجنوب العراق بشكل خاص وفي الوركاء تحديدا.
ويذكر الدكتور طه الباقر  الباحث القدير في حضارات وادي الرافدين والنصوص المسمارية وعلم “الاريكيولوجيا ” في كتابه ( ملحمة كلكامش )  القصص والأساطير والمدونات المسمارية .. حيث يؤكد في الملحق الرابع من كتابه “ملحمة كلكامش ” وفي طبعته الرابعة (لم يصل إلينا عن الطوفان في اللغة السومرية سوى نص واحد مدون في لوح طيني يرجح كثيرا انه عثر عليه في المدينة المشهورة (نفر) القريبة من عفك . ومع ان هذا اللوح غفل من التاريخ ،بيد ان لغته وشكل خطه المسماري ، يشيران إلى انه يرقى في تاريخه الى ما يسمى في تاريخ العراق القديم ب”العصر البابلي القديم ” ) .
ثم إن الدكتور طه باقر يورد القصص والأساطير التي تحدثت وذكرت وتناولت الطوفان ..ومن تلك المصادر التي ذكرها الدكتور باقر :
1 – رواية الطوفان السومرية “زيو – سدرا”.
2 – رواية ” بيرو سس ” عن الطوفان .
3 – ملحمة “اترا – حاسس “.. عن الطوفان.
4 – خبر الطوفان كما جاء في التوراة “سفر التكوين : الصحاح السادس – التاسع “.
الرواية الأولى :رواية الطوفان السومرية (زيو – سدرا ) :
هذه الرواية التي وردت في مؤلف الدكتور طه باقر “ملحمة كلكامش ” تشير إلى أنها جاءت ضمن لوح سومري بنص واحد ” مدون في لوح طيني يرجح كثيرا انه عثر عليه في المدينة الشهيرة – نفر – ” 1 / نفس المصدر أعلاه 
ويؤكد الدكتور باقر أن اللوح كان فارغا من أي معلومات تاريخية … إلا أن ” لغته وشكل خطه المسماري يشيران الى انه يرقى في تاريخه الى ما يسمى في تاريخ العراق القديم ب – العصر البابلي القديم – مطلع الألف الثاني ق.م ” 2
وفي الوقت نفسه يذكر الدكتور باقر بأن الباحث الشهير (أرنو يوبيل ) كان أول من نشر ذلك اللوح عام 1914م . ثم أعقبه باحثون آخرون أشهرهم ( كرامر ) 3
ونفهم من خلاصة هذه الرواية ، حول أحداث الطوفان ، بأن ” زيو – سدرا ” تعني بلغة العراق القديم ” الخالد ، السرمدي ، الأبدي ” وهي مفردة معادلة للاسم البابلي لبطل الطوفان “اوتو نبشتم ” . وخلاصتها أن “زيو – سدرا ” الملك الخالد والذي يخاف ألآله ويقدم له القرابين ، ويسير بتوجيهاته . كان يحكم مدينة – شروباك – وهي من المدن الجنوبية وقريبة على – الوركاء.
هذه الملحمة التاريخية تشير بشكل واضح إن بلاد ما بين النهرين كانت مهدا لحضارة عريقة  وفي الوقت نفسه هي أقدم حضارة إنسانية ساهمت بتقديم صورة مشرقة لإنسان وادي الرافدين وعظمته وإبداعاته كما منحت مساهماتها في الحضارة الإنسانية من خلال هذه الملحمة .

حيث قدمت باقة إبداع ونموذج حضارة ورقي بلاد اسمها ” بلاد ما بين النهرين ” 
حمو رابي والقوانين والتشريعات العراقية القديمة :
المقدمة :
يمكن التأكيد على أن الحضارة العراقية القديمة .. كانت تولي القوانين والتشريعات .. عناية خاصة .. وتعمل جاهدة على تشريع القوانين في مختلف القضايا الإنسانية لتوطيد الأمن وحفظ الحقوق وتوفير الاستقرار وإشاعة الأمن والطمأنينة بين أفراد المجتمع .ويؤكد الباحثون في تاريخ الحضارات القديمة ان القوانين انحصرت في بلاد مابين النهرين “وادي الرافدين ” ولم يلاحظ ظهور قوانين او تشريعات في تاريخ مصر القديم .. وهذا بطبيعة الحال له مبررات تاريخية :
1 – كان الفرعون في مصر هو ألآله وهو مصدر التشريع والقانون .. بينما في وادي الرافدين كان الملك ” نائب ألآله ” في الأرض . 
2 – وهذا كان من الأسباب الرئيسية التي منعت المصريين القدماء من إصدار التشريعات القانونية .. بينما حركت الأفراد والمجموعات الإنسانية في وادي الرافدين للمطالبة بتوفير الأطر القانونية التي تساهم في توفير قدر من الاستقرار و(تضمن للشعب الحرية والعدالة الاجتماعية وبقية المفاهيم الإنسانية ) 1
الإصلاحات والتشريعات القديمة :
ونستشف من البحوث والدراسات التي تناولت التشريعات العراقية القديمة بأن الشعوب التي عاشت في وادي الرافدين  كانت لها مشتركات تضعها في ميزان متقارب من حيث الإحاطة بالتشريعات والأطر القانونية مما يدلل على الفهم الواضح في ضرورة سيادة القانون وحكم القضاء وسلطة الدولة والعدالة الاجتماعية . وفي الوقت نفسه  تؤكد تلك الدراسات ان الشعوب التي بسطت نفوذها على ارض العراق قديما كانت تمتلك حسا قانونيا وتشريعيا جعلها تتمسك بالقوانين لبسط سلطتها وحماية الأفراد والمواطنين وهي حالة ظهرت في العراق القديم قبل ان تعرفها شعوب العالم بفترات بعيدة جدا ولا مثيل لها لدى الشعوب الأخرى .
كان اختراع الكتابة في جنوب بلاد الرافدين ، قبل أكثر من خمسة آلاف سنة تقريبا قد أضاف حلقة جديدة في مسار تطور الإنسان في هذه البلاد ، وبذلك حصلت طفرة نوعية في تاريخ البلاد بعد هذا الاختراع الكبير
وقد أنتجت هذه الانتقالة النوعية في معرفة الكتابة ، جملة إصلاحات ووضعت الأسس الابتدائية للقوانين  وهكذا كانت ” إصلاحات اوروكاجينا وهي نصوص سومرية جاءت مكتوبة بالخط المسماري القديم تلك الإصلاحات أصدرها حاكم (لكش) من السلالة الأولى ويعود تاريخها إلى 2351 – 2342 ق م ) .
ورغم إن تلك الإصلاحات لا تشكل قانونا  إلا انها كانت بداية موفقة للتواصل مع تشريعات جوهرية تأتي تباعا لمواكبة حركة الإصلاح وحاجة الإنسان لحماية مؤطرة بتشريعات وقوانين واضحة 
ويؤكد الباحث الدكتور جيا فخري عمر محمد علي (إن أقدم الوثائق تعود إلى عهد الوركاء – الطبقة الرابعة ، وهي مدونة بالكتابة التصويرية منذ نهاية الألف الرابع قبل الميلاد )1 القوانين السومرية والقوانين البابلية القديمة  
ويعطينا الباحث نفسه فكرة واضحة عن إن المعبد ” هو الفيصل في المشاكل الناتجة عن الناحية الاقتصادية والاجتماعية ، فهو مركز الرحى الذي يدور المجتمع حوله ومع التطور السياسي وبروز السلطة الملكية وانفصال السلطتين الدينية والسياسية برزت المشاكل الاقتصادية والإدارية والاجتماعية الناتجة عن تطور المجتمع او تدهوره مما يتطلب إجراء الإصلاحات “2 نفس المصدر  
أما أقدم الشرائع التي برزت في العراق القديم فهي “شريعة اورنمو ” والتي تم العثور على الألواح الطينية التي كتبت عليها مواد الشريعة ..في مدينو(نفر) ثم حصلت تنقيبات في مدينة أور القديمة حيث تم العثور على ألواح طينية أخرى تحمل جزء من مواد قانونية تعود لشريعة اورنمو .
الأسباب الموجبة لظهور القوانين المدنية في العراق القديم :
لا يمكن ان نتصور ما يعانيه الإنسان في ظل اللاقانون  وفي أتون الفوضى الاجتماعية وعدم الانصياع للضوابط التي تحدد العلاقات بين البشر .
وعلى ضوء هذا الاستنتاج .. فقد كان الإنسان العراقي ، وقبل أكثر من خمسة آلاف عام .. يحاول ان يضع الضوابط التي تحد من الفوضى والجريمة وتحقيق العدالة ..وقد استطاع هذا الإنسان ان يضع اللمسات الأخيرة لأبرز وثيقة قانونية ، كان مضمونها الأساسي حماية الناس وتوفير الأمن والعدالة .. وقد ذكر الكاتب الدكتور فوزي رشيد في كتابه – الشرائع العراقية القديمة – ان ((الملك السومري ” اوركاجينا “قد قنن القوانين التي وفرت للشعب الحرية والعدالة الاجتماعية .. ولكن للأسف الشديد  لم تصلنا لحد الآن أية نسخة من هذه القوانين))1 .
أما شريعة حمو رابي 00 فهي من القوانين التي لا تق ” رقيا عن شريعة أية دولة أوربية حديثة ” 2 0 د: جيا فخري عمر محمد علي الجاف / القوانين السومرية والبابلية القديمة 
وفي الأسباب الموجبة لصدور هذا التشريع هي :
1 – توحيد الديانة في الدولة البابلية وعبادة الإله مردوخ  
2 – توحيد الإمارات الجنوبية تحت قيادة حمو رابي وسيادة مملكة بابل  
3- سيادة اللغة الاكدية في المملكة واعتبارها لغة رسمية للبلاد 
ويؤكد الدكتور جيا فخري الجاف  في كتابه ” القوانين السومرية والقوانين البابلية القديمة ” بأن قانون حمو رابي ليس قانونا دينيا بل هو قانون علماني بحت ولم يظهر تأثير الطابع الديني على شريعة حمو رابي إلا من خلال المقدمة أو ما يطلق عليه حديثا ” الديباجة ”  حيث أشارت المقدمة إلى أن ألآله قد أطلقت اسم حمو رابي على الحاكم ” الأمير النقي ” وهذا هو معنى حمو رابي 
إن هذا التشريع القانوني والذي صدر قبل أكثر من أربعة ألاف سنة  لاشك يعتبر حلقة متطورة أسهمت بشكل كبير في الحضارة الإنسانية  وأعطت رسالة واضحة عن قدم حضارة وادي الرافدين وقدرات الإنسان العراقي في التعامل مع القوانين وتنظيم الحياة العامة وضبط إيقاع المجتمع بما يحفظ للآخرين حقوقهم وحياتهم وممتلكاتهم  
مصادر البحث :
1 – ملحمة كلكامش : طه باقر ط4 1980م
2 – الشرائع العراقية القديمة / الدكتور فوزي رشيد 1987م
3 – القوانين السومرية والقوانين البابلية القديمة / د: جيا فخري عمر محمد علي الجاف 2011م

كتب الشيخ : لفته عبد النبي الخزرجي
تمكن الدكتور طه باقر ان يضع بين أيدينا .. الترجمة شبه الكاملة لأسطورة الإنسان العراقي الذي عاش فوق تراب هذه الأرض منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة “ملحمة كلكامش ” تلك الوثيقة من التاريخ والمعرفة والفن والأدب والحضارة الأصيلة … وقد استطاعت تلك الترجمة الرصينة أن تقدم للقارئ العربي حصيلة معرفية نادرة .. من خلال تلك الصور الإبداعية والجمالية والفنية لتلك الحضارة الموغلة في القدم “بحدود الألف الرابع قبل الميلاد ” .
ان حضارة وادي الرافدين وتراث الإنسان الذي استوطن على ضفاف نهري دجلة والفرات “ما بين النهرين” قبل ما يزيد على خمسة آلاف عام .. قدمت للإنسانية معالم وآفاق حضارية ومعرفية وتاريخية باذخة الألق  ومنحت الإنسان العراقي مرتبة جعلته في قمة الهرم الحضاري ويعتلي سلم التاريخ البشري بقامة مستطيلة القوام .
وقد إستطاع علم الآثار (الاركيولوجيا ) ان يحدث انقلابا خطيرا في معرفة الإنسان بتأريخه وحضارته وعلومه وتراثه المعرفي والأدبي والفني .حيث قدم هذا العلم دراسات واسعة في مجال الحضارات والمدنيات القديمة وتمكن أن يجعلنا أمام حضارة سبقت كل الحضارات ، حيث كان الباحثون في الغرب يعتبرون ان أولى الحضارات وليس فوقها معارف أو مدنيات وهي حضارة الرومان واليونان التي كان الغرب يراهن عليها أنها هي أقدم حضارة في التاريخ . وقد تأكد العلماء ان حضارة وادي الرافدين قد وضعت البشرية أمام تحد حضاري لا يرقى إليه الشك . حيث ان تلك الحضارة وتلك الانجازات المدنية والمعرفية والفنية والسياسية والأدبية والتي شهدتها الرقعة الجغرافية الممتدة من منبع النهرين الى مصبهما ..كانت واحة واسعة للعديد من الحضارات ” السومرية ،الآشورية / الأكدية ، والبابلية ”  مما دفع بالكثير من (مؤرخي الحضارات عن أصول التمدن البشري وجذوره )1 لتغيير آرائهم حيث ان المجتمع الغربي ورجال الآثار والباحثين في علم الآثار كانوا الى وقت ليس بعيدا يعتقدون ان حضارة الرومان واليونان هي الحضارة الأولى في تاريخ البشرية .
1 – ملحمة كلكامش : طه باقر ط4
ان هذا التحول في موقف الباحثين ومؤرخي تاريخ الحضارات القديمة لم يأت من فراغ  بل انه حصيلة علمية واضحة وبعد ان تمكن الباحثون من فك رموز الخط المسماري في حضارة وادي الرافدين .. ومن خلال هذا الاكتشاف حصلت طفرة نوعية في علم ألآثار الذي عززته التنقيبات الأثرية والحفريات في مناطق معروفة في وادي الرافدين .
وهكذا حصل الإجماع تقريبا  لدى الباحثين ومؤرخي الحضارات القديمة .. ان حضارة وادي الرافدين ووادي النيل من أقدم الحضارات وتم إطلاق مصطلح ” الحضارة الأصيلة او الأصلية ” 2 على هاتين الحضارتين .
وبهذا يتأكد لنا ان حضارة وادي الرافدين وآدابها ومعالمها التراثية .. تعتبر من أرقى وأقدم واسبق جميع الحضارات في العالم بما فيها حضارة وادي النيل .
ويؤكد ذلك الدكتور طه باقر ، كما انه يضيف “وهناك ميزة أخرى تميز أدب العراق القديم على الآداب العالمية القديمة  تلك هي ان كلا من الآداب التي أوردناها للمقارنة به قد عانى الكثير من التحوير والإضافة على أيدي الجامعين والنساخ والشراح ، في حين ان الأدب السومري والبابلي قد جاء إلينا على هيئته ونصوصه الأصلية تقريبا ، كما مدون بأقلام كتبة العراق القديم على ألواح الطين قبل أربعة آلاف عام “1 / ملحمة كلكامش: طه باقر ط4
ومن أتيحت له الفرصة لقراءة هذه الملحمة العراقية ..كاملة ..كما ترجمها الدكتور طه باقر .. فسيرى أنها قد ألمت بكل الحوادث والأعمال والانجازات العلمية والأدبية والعمرانية والحربية والسياسية … فهي عبارة عن انسكلوبيديا تحكي للتاريخ ملفات كلكامش المتعددة حروبه وسياسته وظلمه ووحشيته وغضبه وجبروته  وتسلطه وعنفوانه .وقوته (ولعل ملحمة كلكامش الخالدة خير ما يعبر عن الاتجاه الإبداعي الثوري الذي اتسمت به حضارة وادي الرافدين في مختلف عصورها ، فهي كافية وحدها لان تبوأ هذه الحضارة أسمى مكانة في تاريخ الفكر العالمي والحضارة البشرية ) 3 ” طه باقر – مقدمة الطبعة الثالثة “2 – نفس المصدر
ونقرأ في الفصل الأول من الملحمة .. هذه المقاطع :
من ذا الذي يضارعه في الملوكية ؟
من غير كلكامش من يستطيع أن يقول ” أنا الملك “!
ومن غيره من سمي كلكامش من ساعة ولادته ؟
ثلثاه آله ..وثلثه الباقي بشر
لقد صممت هيئة جسمه ألآله العظيمة
وفي العمود الثاني :
لم يترك كلكامش ابنا طليقا لأبيه
لم تنقطع مظالمه عن الناس ليل نهار
لم يترك كلكامش عذراء طليقة لأمها
ولا ابنة مقاتل ولا خطيبة البطل
إن هذا يؤكد للباحث والقارئ اللبيب  ان الملحمة قد كتبت في زمن غير الزمان الذي عاشه كلكامش لان ما ورد فيها من إشارات واضحة ولا غموض فيها عن المظالم التي كان يستعين بها كلكامش لبسط نفوذه وسلطته ان تلك الإشارات أو بالأحرى ذلك التأكيد على قسوة كلكامش وعنفه وصلابته وتهوره واستبداده وجوره إنما تدلل على ما أوردناه من ان الملحمة قد كتبت في وقت لاحق وبعد كلكامش .أ

ما إذا كانت الملحمة قد صيغت سطورها وسطرت حروفها في زمن وسلطة كلكامش فهذا دليل آخر على عظمة كلكامش لأنه كان ” ديمقراطيا ” ويقبل بالرأي الآخر .لأننا نعرف ان الملوك والسلاطين والأباطرة والأمراء لا يقبلون بأي رأي يخالفهم .. ولا يرغبون أي لسان يتحدث عن مساوئهم وظلمهم وطغيانهم . لأنهم يعتبرون أنفسهم أنصاف آلهة أو كما ورد في النص أعلاه ثلثي ألآله .
ومع إن الأدب الذي أبرزته الملحمة كان يمثل إبداعا معرفيا ( وعلى الرغم من أن هذه كانت أولى المحاولات في تاريخ تطور الإنسان الأدبي بيد أن مما يدهش الفاحص لأدب وادي الرافدين هو انه ، مع إيغاله في القدم وسبقه جميع الآداب العالمية ، يتميز بالصفات الأساسية التي تميز الآداب العالمية الناضجة ، سواء كان ذلك من حيث الأساليب وطرق التعبير ، أم من ناحية المحتوى والموضوعات التي تناولها أم ناحية الأخيلة والصور الفنية والعرض القصصي والروائي ) 4 نفس المصدر السابق 
إن المضمون الإنساني الذي اشتملت عليه الملحمة  والمحتوى الإبداعي الذي أعطى هذه الوثيقة التاريخية  هذا المسار الخالد عبر القرون  لاشك يدل على عمق المعايير الإنسانية التي أطرتها هذه الملحمة ومضمونها الحضاري وأسلوبها المتقن في سياقات الأداء الأدبي والمعرفي والروائي والقص في إطار فني متألق (فالملحمة عبارة عن نص أدبي اجتماعي فكري جمع في طياته كل المعاني الجميلة للحب والصداقة وفعل الخير وانتصار الإنسان للروح الإنسانية ) .
5 الصورة الإبداعية في ملحمة كلكامش / عدي ألعبادي / طريق الشعب العدد 102/ الأربعاء 7/ 1/2015
المصادر :
1 – ملحمة كلكامش : طه باقر / ط4  
2- طريق الشعب / العدد 102 / الأربعاء 7/1/2015م

أسرار وأحداث الطوفان في حضارة وادي الرافدين
المصادر التاريخية التي تناولت أحداث الطوفان العظيم .. تكاد تنحصر في الكتب المقدسة “التوراة ، الإنجيل ، القرآن “

لكن الملفت ان ملحمة كلكامش وأسطورة الخليقة والكثير من النصوص المسمارية التي عثر عليها في جنوب العراق استقطبت انتباه الدارسين والمهتمين بتراث الحضارات القديمة وخاصة الحضارة الإنسانية المتميزة في بلاد وادي الرافدين ونتعرف من خلال العديد من البحوث والدراسات في هذا الجانب  على ان الطوفان موطنه العراق  وجنوب العراق بشكل خاص وفي الوركاء تحديدا.
ويذكر الدكتور طه الباقر  الباحث القدير في حضارات وادي الرافدين والنصوص المسمارية وعلم “الاريكيولوجيا ” في كتابه ( ملحمة كلكامش )  القصص والأساطير والمدونات المسمارية .. حيث يؤكد في الملحق الرابع من كتابه “ملحمة كلكامش ” وفي طبعته الرابعة (لم يصل إلينا عن الطوفان في اللغة السومرية سوى نص واحد مدون في لوح طيني يرجح كثيرا انه عثر عليه في المدينة المشهورة (نفر) القريبة من عفك . ومع ان هذا اللوح غفل من التاريخ ،بيد ان لغته وشكل خطه المسماري ، يشيران إلى انه يرقى في تاريخه الى ما يسمى في تاريخ العراق القديم ب”العصر البابلي القديم ” ) .
ثم إن الدكتور طه باقر يورد القصص والأساطير التي تحدثت وذكرت وتناولت الطوفان ..ومن تلك المصادر التي ذكرها الدكتور باقر :
1 – رواية الطوفان السومرية “زيو – سدرا”.
2 – رواية ” بيرو سس ” عن الطوفان .
3 – ملحمة “اترا – حاسس “.. عن الطوفان.
4 – خبر الطوفان كما جاء في التوراة “سفر التكوين : الصحاح السادس – التاسع “.
الرواية الأولى :رواية الطوفان السومرية (زيو – سدرا ) :
هذه الرواية التي وردت في مؤلف الدكتور طه باقر “ملحمة كلكامش ” تشير إلى أنها جاءت ضمن لوح سومري بنص واحد ” مدون في لوح طيني يرجح كثيرا انه عثر عليه في المدينة الشهيرة – نفر – ” 1 / نفس المصدر أعلاه 
ويؤكد الدكتور باقر أن اللوح كان فارغا من أي معلومات تاريخية … إلا أن ” لغته وشكل خطه المسماري يشيران الى انه يرقى في تاريخه الى ما يسمى في تاريخ العراق القديم ب – العصر البابلي القديم – مطلع الألف الثاني ق.م ” 2
وفي الوقت نفسه يذكر الدكتور باقر بأن الباحث الشهير (أرنو يوبيل ) كان أول من نشر ذلك اللوح عام 1914م . ثم أعقبه باحثون آخرون أشهرهم ( كرامر ) 3
ونفهم من خلاصة هذه الرواية ، حول أحداث الطوفان ، بأن ” زيو – سدرا ” تعني بلغة العراق القديم ” الخالد ، السرمدي ، الأبدي ” وهي مفردة معادلة للاسم البابلي لبطل الطوفان “اوتو نبشتم ” . وخلاصتها أن “زيو – سدرا ” الملك الخالد والذي يخاف ألآله ويقدم له القرابين ، ويسير بتوجيهاته . كان يحكم مدينة – شروباك – وهي من المدن الجنوبية وقريبة على – الوركاء.
هذه الملحمة التاريخية تشير بشكل واضح إن بلاد ما بين النهرين كانت مهدا لحضارة عريقة  وفي الوقت نفسه هي أقدم حضارة إنسانية ساهمت بتقديم صورة مشرقة لإنسان وادي الرافدين وعظمته وإبداعاته كما منحت مساهماتها في الحضارة الإنسانية من خلال هذه الملحمة .

حيث قدمت باقة إبداع ونموذج حضارة ورقي بلاد اسمها ” بلاد ما بين النهرين ” 
حمو رابي والقوانين والتشريعات العراقية القديمة :
المقدمة :
يمكن التأكيد على أن الحضارة العراقية القديمة .. كانت تولي القوانين والتشريعات .. عناية خاصة .. وتعمل جاهدة على تشريع القوانين في مختلف القضايا الإنسانية لتوطيد الأمن وحفظ الحقوق وتوفير الاستقرار وإشاعة الأمن والطمأنينة بين أفراد المجتمع .ويؤكد الباحثون في تاريخ الحضارات القديمة ان القوانين انحصرت في بلاد مابين النهرين “وادي الرافدين ” ولم يلاحظ ظهور قوانين او تشريعات في تاريخ مصر القديم .. وهذا بطبيعة الحال له مبررات تاريخية :
1 – كان الفرعون في مصر هو ألآله وهو مصدر التشريع والقانون .. بينما في وادي الرافدين كان الملك ” نائب ألآله ” في الأرض . 
2 – وهذا كان من الأسباب الرئيسية التي منعت المصريين القدماء من إصدار التشريعات القانونية .. بينما حركت الأفراد والمجموعات الإنسانية في وادي الرافدين للمطالبة بتوفير الأطر القانونية التي تساهم في توفير قدر من الاستقرار و(تضمن للشعب الحرية والعدالة الاجتماعية وبقية المفاهيم الإنسانية ) 1
الإصلاحات والتشريعات القديمة :
ونستشف من البحوث والدراسات التي تناولت التشريعات العراقية القديمة بأن الشعوب التي عاشت في وادي الرافدين  كانت لها مشتركات تضعها في ميزان متقارب من حيث الإحاطة بالتشريعات والأطر القانونية مما يدلل على الفهم الواضح في ضرورة سيادة القانون وحكم القضاء وسلطة الدولة والعدالة الاجتماعية . وفي الوقت نفسه  تؤكد تلك الدراسات ان الشعوب التي بسطت نفوذها على ارض العراق قديما كانت تمتلك حسا قانونيا وتشريعيا جعلها تتمسك بالقوانين لبسط سلطتها وحماية الأفراد والمواطنين وهي حالة ظهرت في العراق القديم قبل ان تعرفها شعوب العالم بفترات بعيدة جدا ولا مثيل لها لدى الشعوب الأخرى .
كان اختراع الكتابة في جنوب بلاد الرافدين ، قبل أكثر من خمسة آلاف سنة تقريبا قد أضاف حلقة جديدة في مسار تطور الإنسان في هذه البلاد ، وبذلك حصلت طفرة نوعية في تاريخ البلاد بعد هذا الاختراع الكبير
وقد أنتجت هذه الانتقالة النوعية في معرفة الكتابة ، جملة إصلاحات ووضعت الأسس الابتدائية للقوانين  وهكذا كانت ” إصلاحات اوروكاجينا وهي نصوص سومرية جاءت مكتوبة بالخط المسماري القديم تلك الإصلاحات أصدرها حاكم (لكش) من السلالة الأولى ويعود تاريخها إلى 2351 – 2342 ق م ) .
ورغم إن تلك الإصلاحات لا تشكل قانونا  إلا انها كانت بداية موفقة للتواصل مع تشريعات جوهرية تأتي تباعا لمواكبة حركة الإصلاح وحاجة الإنسان لحماية مؤطرة بتشريعات وقوانين واضحة 
ويؤكد الباحث الدكتور جيا فخري عمر محمد علي (إن أقدم الوثائق تعود إلى عهد الوركاء – الطبقة الرابعة ، وهي مدونة بالكتابة التصويرية منذ نهاية الألف الرابع قبل الميلاد )1 القوانين السومرية والقوانين البابلية القديمة  
ويعطينا الباحث نفسه فكرة واضحة عن إن المعبد ” هو الفيصل في المشاكل الناتجة عن الناحية الاقتصادية والاجتماعية ، فهو مركز الرحى الذي يدور المجتمع حوله ومع التطور السياسي وبروز السلطة الملكية وانفصال السلطتين الدينية والسياسية برزت المشاكل الاقتصادية والإدارية والاجتماعية الناتجة عن تطور المجتمع او تدهوره مما يتطلب إجراء الإصلاحات “2 نفس المصدر  
أما أقدم الشرائع التي برزت في العراق القديم فهي “شريعة اورنمو ” والتي تم العثور على الألواح الطينية التي كتبت عليها مواد الشريعة ..في مدينو(نفر) ثم حصلت تنقيبات في مدينة أور القديمة حيث تم العثور على ألواح طينية أخرى تحمل جزء من مواد قانونية تعود لشريعة اورنمو .
الأسباب الموجبة لظهور القوانين المدنية في العراق القديم :
لا يمكن ان نتصور ما يعانيه الإنسان في ظل اللاقانون  وفي أتون الفوضى الاجتماعية وعدم الانصياع للضوابط التي تحدد العلاقات بين البشر .
وعلى ضوء هذا الاستنتاج .. فقد كان الإنسان العراقي ، وقبل أكثر من خمسة آلاف عام .. يحاول ان يضع الضوابط التي تحد من الفوضى والجريمة وتحقيق العدالة ..وقد استطاع هذا الإنسان ان يضع اللمسات الأخيرة لأبرز وثيقة قانونية ، كان مضمونها الأساسي حماية الناس وتوفير الأمن والعدالة .. وقد ذكر الكاتب الدكتور فوزي رشيد في كتابه – الشرائع العراقية القديمة – ان ((الملك السومري ” اوركاجينا “قد قنن القوانين التي وفرت للشعب الحرية والعدالة الاجتماعية .. ولكن للأسف الشديد  لم تصلنا لحد الآن أية نسخة من هذه القوانين))1 .
أما شريعة حمو رابي 00 فهي من القوانين التي لا تق ” رقيا عن شريعة أية دولة أوربية حديثة ” 2 0 د: جيا فخري عمر محمد علي الجاف / القوانين السومرية والبابلية القديمة 
وفي الأسباب الموجبة لصدور هذا التشريع هي :
1 – توحيد الديانة في الدولة البابلية وعبادة الإله مردوخ  
2 – توحيد الإمارات الجنوبية تحت قيادة حمو رابي وسيادة مملكة بابل  
3- سيادة اللغة الاكدية في المملكة واعتبارها لغة رسمية للبلاد 
ويؤكد الدكتور جيا فخري الجاف  في كتابه ” القوانين السومرية والقوانين البابلية القديمة ” بأن قانون حمو رابي ليس قانونا دينيا بل هو قانون علماني بحت ولم يظهر تأثير الطابع الديني على شريعة حمو رابي إلا من خلال المقدمة أو ما يطلق عليه حديثا ” الديباجة ”  حيث أشارت المقدمة إلى أن ألآله قد أطلقت اسم حمو رابي على الحاكم ” الأمير النقي ” وهذا هو معنى حمو رابي 
إن هذا التشريع القانوني والذي صدر قبل أكثر من أربعة ألاف سنة  لاشك يعتبر حلقة متطورة أسهمت بشكل كبير في الحضارة الإنسانية  وأعطت رسالة واضحة عن قدم حضارة وادي الرافدين وقدرات الإنسان العراقي في التعامل مع القوانين وتنظيم الحياة العامة وضبط إيقاع المجتمع بما يحفظ للآخرين حقوقهم وحياتهم وممتلكاتهم  
مصادر البحث :
1 – ملحمة كلكامش : طه باقر ط4 1980م
2 – الشرائع العراقية القديمة / الدكتور فوزي رشيد 1987م
3 – القوانين السومرية والقوانين البابلية القديمة / د: جيا فخري عمر محمد علي الجاف 2011م

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى