د. محمد الموسوي
أمد/ بعد قراءة مستفيضة أدرك الغرب أن ما لم يتمكنوا من تحقيقه من خلال الحروب المباشرة، وحتى ما لا يمكن تحقيقه بالسلاح الذري في الشرق الأوسط يمكن تحقيقه من خلال إثارة الفتن والنعارات العرقية والدينية والمذهبية تدمير المجتمعات وعقائدها وهويتها وموروثها التاريخي، وبعد تقسيم المنطقة إلى دولٍ ودويلات وفرض أنماط حكم جديدة بالمنطقة كان على الغرب أن يبحث عن أدوات يعزز وجودها بالمنطقة لتحقق أهدافه؛ ومن بين هذه الأدوات كان نظامي الشاه والملالي المتعاقبين بالظلم والطغيان على رقاب الشعب الإيراني المنكوب وشعوب المنطقة..، وبالإضافة إلى ما يُلِم بدول وشعوب المنطقة من كوارث ها هو نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران يشارك الغرب الاستعماري في نواياهم الشريرة ضد دول وشعوب المنطقة مستهدفين استقرارهم واقتصادهم ومستقبل أبنائهم.. إذ يسعى ملالي إيران كسلفهم الشاه إلى تهديد أمن دول المنطقة وتمزيق مجتمعاتها وزرع الفتن فيها وتفتيتها، ونقل أزماتهم ومشاكلهم وتطرفهم ومخدراتهم إلى دول المنطقة كما فعلوا في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين وكذلك الحال إلى دول المنطقة.
ثورة 1979 خلاصاً للشعب الإيراني وإنقاذاً للمنطقة
كان مُخطط تفتيت العراق الهيمنة عليه في الحقبة الشاهنشاهية حُلماً قائماً في إيران وهدفاً يتابعه الشاه ونظامه الدكتاتوري بدعمٍ وتوجيهٍ من الغرب.. مُخططاً يبدأ بالعراق وينتهي بباقي دول المنطقة التي لن تصمد طويلا بعد العراق، فجاءت ثورة فبراير/ شباط سنة 1979 التي خلعت الشاه ونظامه وقبرت كل مخططاته بشأن إيران ودول المنطقة.. وبالتالي كانت هذه الثورة منقذاً لجميع شعوب المنطقة، وتدارك الغرب الذي توقع الثورة فراغه المرتقب في إيران ومصالحه المهددة في إيران والمنطقة فسارع ليأتي بـ عمامة ليضعها على سدة السلطة ليعاودوا ممارسة الطغيان خلفاً للشاه وعلى خطاه، وما أخفق الشاه في تحقيقه سيعمل الملالي على تحقيقه من خلال فكرهم العنصري الطائفي المتطرف وتدخلاتهم السافرة في دول المنطقة تحت ذرائع مختلفة بالتعاون مع شريكهم الأول بالمنطقة نظام الأسد في سوريا.
كان العراق عصياً على نظام الشاه الدكتاتوري وكذلك على دكتاتورية الملالي في إيران منذ أن تسلطوا على مقاليد الحكم حتى وضعت الحرب الإيرانية العراقية أوزارها، وقد أنهاها الغرب قبل أن تقضي على وجود نظام الملالي وبذلك تقضي على آمال الغرب بتفتيت الدول العربية، وانتهت حرب السنوات الثمانية ولم ينجو منها سوى ملالي السوء إذ تم استهداف العراق بعدها باستدراجه إلى الكويت التي كان اجتياحها بداية مخطط هدم العراق بعد فشل حرب الملالي ضده، وكان الحصار تمهيداً للضربة القاضية التي وجهها الغرب للعراق في احتلاله سنة 2003 بمساعدة نظام الولي الفقيه، وما أعقب ذلك من تفكيك للدولة العراقية وحل الجيش ووزارات الدولة السيادية وتحويل الجيش العراقي فيما بعد إلى قوة غير نظامية وغير منتمية من المرتزقة، وتحويل الأمن بيد جماعات حزبية مختلفة متنوعة وغير متفقة فيما بينها ولا تعرف معنى الولاء للوطن تقدم تقاريرها وولائها لأحزابها ولمن يدفع ويوفر الامتيازات وفرص الحياة الأفضل، وكذلك الحال لمؤسسات السلطة الأخرى في العراق التي تتقاسمها الأحزاب منزوعة الإرادة فيما بينها.. بعد تفصيل السلطة في العراق على الطريقة التي توافق عليها الغرب والملالي معاً بدأت عملية الهدم الاجتماعي بالعراق من خلال بث روح الفرقة العرقية والدينية والطائفية والمناطقية على يد نظام الملالي ليُصبح القتل على الهوية والاسم في مجتمع عاش متآخياً عبر تاريخٍ طويل من الزمن لم يفرقهم عرق ولا عقائد، وما مشروع داعش إلا وسيلة لإتمام مخطط الهدم الاجتماعي والعقائدي وها هو العراق اليوم دولة بلا دولة وهوية وتاريخٌ آيل للزوال والتلاشي، واقتصاد في حالة الإنعاش على الرغم من مئات مليارات الدولارات التي دخلت الخزينة العراقية في قرابة عقدٍ ونصف من الزمن، وما أحدثه الملالي في العراق بدعم من الغرب فعلوه من قبل في لبنان وكرروه في سوريا واليمن ودعموه في ليبيا، وسيعملون على استنهاض فتن واضطرابات في الجزيرة العربية بعد أن قضوا على أمل قيام الدولة الفلسطينية، وأكثر ما أخشاه أن أصبح لأرى مخاوفي حقائق تتجلى على الأرض كأمر واقع علي القبول به خاصة بعد حروب العملة والاقتصاد والمخدرات والميليشيات الراعية لتجارة المخدرات، ومن أراد معرفة حقيقة نظام الأفاعي الحاكمة في إيران عليه أن يتساءل من المستفيد من هذا التفتيت ويقرأ مشاريع الغرب الرامية إلى تدمير دول وشعوب المنطقة؛ وتبقى الثورة الإيرانية المرتقبة مرةً أُخرى خياراً ومُنقِذاً للشعب الإيراني وشعوب دول المنطقة.. وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.