كتب/ طارق بدراوى
ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية ويعرف أيضا بميدان محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة لوجود تمثال برونزي ضخم له يتوسط حديقته وهو يمتطي ظهر جواده وكان يسمي أيضا ميدان القناصل يعد من أهم وأشهر وأقدم ميادين مدينة الإسكندرية ويتواجد في حي المنشية التجارى الذى يعد أيضا من أعرق وأقدم وأشهر أحياء المدينة وهو يطل على مجموعة من أهم وأشهر شوارع وسط مدينة الإسكندرية منها شارع نوبار باشا وشارع السبع بنات …..
ويعود تاريخ إنشاء ميدان المنشية إلى عام 1834م فقد أدرك محمد علي باشا بعد أن تولى حكم مصر مدى أهمية مدينة الإسكندرية فعمل علي النهوض بها ووضع أسس تنميتها وتطويرها فأنشأ مجلسا أطلق عليه إسم مجلس الأورناطو كانت مهمته وضع لوائح البناء في المدينة وتخطيط شوارعها ومياديئها وكلف هذا المجلس المهندس المعمارى الإيطالي فرانشيسكو مانشيني والذى من إسمه اشتقت كلمة المنشية التي أطلقت علي الميدان وعلي الحي بأكمله بعمل تخطيط الميدان وللمنطقة بالكامل فقام بالمهمة خير قيام فخططه تخطيطا عمرانيا متميزا غلب عليه الطابع الإيطالي وبمرور الوقت أصبح الميدان هو قلب الإسكندرية التجارى وامتد الحي منه متخذا نفس الطابع في مبانيه ومنشآته ويظهر ذلك بوضوح في تصميمات وواجهات العديد من المباني المطلة والقريبة من الميدان مثل مبني وكالة منشة ووكالة مونفراتو وقصر القنصلية الفرنسية ومبنى المحكمة المختلطة الذى يسمى بسراى الحقانية الذى بدأ تشييده عام 1869م في عهد الخديوى إسماعيل علي يد المهندس المعمارى الإيطالي لازروف وتم الإنتهاء من بنائه وافتتاحه رسميا عام 1875م وبعد ذلك تم تجديده مرة أخرى عام 1886م في عهد الخديوى توفيق علي يد المهندسين المعماريين الإيطاليين ألفونسو مانيسيكالكو وأوجستو سيزارياس
وتمثال محمد علي باشا الذى يتوسط الميدان تم صنعه من البرونز في فرنسا بأمر من الخديوى إسماعيل الذى كان أول من قام بتجميل الميادين في مصر بوضع تماثيل العظماء والمشاهير بوسط الميادين الكبرى في المدن الكبيرة فكلف الفنان الفرنسي جاكمان بصنع تمثالين من البرونز لأبيه القائد إبراهيم باشا تم وضعه بميدان الأوبرا بالقاهرة وهو يمتطي ظهر حصانه والثاني لجده محمد علي باشا وهو يمتطي ظهر حصانه أيضا كما أسلفنا وتم وضعه بميدان المنشية بالإسكندرية وبعد ذلك بسنوات عديدة أنشات الجالية الإيطالية بالإسكندرية وكانت أكبر وأشهر جالية اجنبية بالإسكندرية في ذلك الوقت نصبا تذكاريا بامتداد ميدان المنشية تكريما للخديوى إسماعيل يشبه النصب التذكارى للجندى المجهول بميدان فينيسيا بالعاصمة الإيطالية روما ويعتبر نموذجا مصغرا منه وتم صنع تمثال للخديوى إسماعيل وتم وضعه في وسطه إلى أن تم نقله حاليا إلي ميدان الخديوى إسماعيل بكوم الدكة وتخصيص هذا النصب التذكارى للجندى المجهول للقوات البحرية
ويرتبط ميدان المنشية بحدثين هامين كان لهما أثر كبير علي ما تلاهم من أحداث مست جميع أوجه الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية في مصر أولهما كانت محاولة إغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يوم 26 أكتوبر عام 1954م أثناء إلقائه خطابا جماهيريا بالميدان كان يحضره ويستمع إليه حشد جماهيرى غفير وتم توجيه الإتهام إلى شخص إسمه محمود عبد اللطيف ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين مما كان له أثره في إنهاء وإنهيار العلاقات تماما ونهائيا مابين ضباط ثورة يوليو عام 1952م وبين جماعة الإخوان المسلمين وتبع هذا الحادث حملة اعتقالات واسعة لقيادات وأعضاء الجماعة وجرت تحقيقات موسعة للوصول إلى أبعاد محاولة إغتيال الرئيس جمال عبد الناصر والحدث الثاني كان خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مساء يوم 26 يوليو عام 1956م الذى أعلن فيه تأميم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية والذى أثار ضجة عالمية وكان هذا القرار سببا في العدوان الثلاثي علي مصر الذى بدأ يوم 29 أكتوبر عام 1956م واشتركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وأعلن وقتها الرئيس جمال عبد الناصر صمود مصر بجيشها وشعبها وتصديهما للعدوان من فوق منبر الجامع الأزهر الشريف حتي تحقق النصر وخرجت القوات المعتدية من مصر يوم 23 ديسمبر عام 1956م والذى تم اعتباره عيدا للنصر وعيدا قوميا لبورسعيد تحتفل به في كل عام