تواصلت الاحتجاجات في أنحاء إيران يوم السبت، حيث عبّرت مجموعات من المواطنين عن استيائهم من تردي الأوضاع الاقتصادية، ورفض السلطات تلبية مطالبهم الأساسية. تأتي هذه الاحتجاجات ضمن موجة مستمرة من التظاهرات التي تعكس حالة الغضب الشعبي المتصاعد من سوء الأحوال المعيشية وتجاهل الحكومة لمشاكل القطاعات المختلفة.
في زنجان شمال غرب إيران، خرج الممرضون في مظاهرات واسعة، مطالبين الحكومة بتحسين الأجور وظروف العمل، خصوصًا مع اقتراب “يوم الممرض الإيراني“. ويواجه نحو 220,000 ممرض وممرضة في إيران رواتب متدنية ومزايا محدودة، رغم وجود حوالي 20,000 ممرض مؤهل غير قادرين على الحصول على وظائف. ولم تتمكن الحكومة من معالجة نقص الكوادر، ما جعل العبء على العاملين أكبر. ويشعر الممرضون بامتعاض شديد بسبب عدم تطبيق القوانين التي تكفل لهم حقوقهم، بما في ذلك التقاعد بعد عشرين عامًا من الخدمة، والإجازات السنوية المدفوعة، وزيادة التعويضات، مما يزيد من الاستياء في هذا القطاع.
ونتيجة لهذه الظروف، يتزايد عدد الممرضين الذين يختارون الهجرة إلى دول الخليج وأوروبا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة، بحثًا عن فرص عمل أفضل. بينما يواصل الباقون في إيران تنظيم الاحتجاجات اليومية، متلقين دعمًا شعبيًا واسعًا لدعواتهم إلى إصلاحات جدية في النظام الصحي.
وفي زنجان أيضًا، نظم دائنون من شركة الإسكان الوطنية “مسكن ملي” المملوكة للدولة مظاهرة، طالبوا فيها بضرورة تسليم مشاريع الإسكان التي تأخرت لأكثر من خمس سنوات، رغم الدفعات المالية الكبيرة التي دفعوها مسبقًا. وندد المتظاهرون بتقاعس الشركة عن الوفاء بوعودها، ما أدى إلى تعميق مشاعر الإحباط لديهم بسبب تأخير المشاريع والخسائر المالية الناتجة.
وفي 4 نوفمبر أيضًا، خرج متقاعدو ومُعاشو شركة الاتصالات الإيرانية (TCI) في مظاهرات بالعديد من المدن، بما فيها بندر عباس، إيلام، تبريز، أصفهان، كرمنشاه، بيجار، وشيراز. وطالب المحتجون بزيادة معاشاتهم وتحسين سبل المعيشة، التي يرون أنها لم تتحسن بما يتناسب مع التضخم الاقتصادي، رغم وجود قوانين تنص على ضرورة تعديل المعاشات وفقًا لتغيرات الأسعار، إلا أن الحكومة تتجاهل تطبيقها، ما يزيد من معاناة المتقاعدين ماليًا.
كما شهدت إيلام في غرب إيران مظاهرات نظمها موظفون رسميون وعقوديون من شركة كهرباء إيلام، احتجاجًا على تدني الأجور وسوء ظروف العمل والتعامل مع شروط العقود. وتعكس احتجاجاتهم الغضب المتزايد من الوضع الاقتصادي، حيث يطالب العمال بظروف معيشية عادلة ومعاملة أفضل.
علاوة على ذلك، تسلط احتجاجات اليوم الضوء على تدهور الأوضاع الاقتصادية للمتقاعدين والعمال في أنحاء إيران. ومع تزايد معدلات التضخم وتراجع قيمة العملة، يجد الكثير من الإيرانيين أنفسهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، حتى في الوقت الذي تؤكد فيه السلطات أن الاقتصاد تحت السيطرة. تعكس هذه الاحتجاجات الجماعية معاناة الإيرانيين من السياسات الاقتصادية التي لم تنجح في تحسين معيشتهم اليومية، ما أفرز موجة من التذمر العارم في مختلف القطاعات.
وتشير هذه التحركات الاحتجاجية من قبل المتقاعدين، والمعلمين، والعاملين في القطاع الصحي، والعمال إلى تغير واضح في المشهد الاجتماعي، حيث تتجاوز المطالب البعد الاقتصادي وبينما تتسع رقعة الاحتجاجات، تجد الحكومة نفسها تحت ضغط متزايد لمعالجة القضايا الاقتصادية المتفاقمة والمطالب السياسية المتنامية، في وقت تزداد فيه مطالب الشعب جرأة وإلحاحًا، ما قد يجعل من تجاهلها أمرًا بالغ الصعوبة بالنسبة للنظام الایراني.