مقالات واراء

مصر فى العقل الصحفى الإسرائيلى استراتيجيات وتوجهات

احجز مساحتك الاعلانية

 

كتب : علاء الفار

دائما ما ينشغل عقل الكيان الإسرائيلى بكل ما يدور داخل القلب المصرى من تطورات سياسية وإقتصادية على جميع الأصعدة والتوجهات وهو مانراه بوضوح منعكسا على تناول مراكز الأبحاث الإسرائيلية والصحف والتقارير الحكومية وحتى على مستوى القنوات التلفزيونية خاصة الإخبارية منها .
ويأتى هذا الإهتمام ليس فقط من منطلق أن مصر دولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط وحسب ، وإنما أيضا من خلال القناعة الإسرائيلية التامة بأن مصر هى العدو الأول فى المنطقة حتى لو إدعت إظهار خلاف ذلك .
ولعل حالة التردد والإرتباك التى إنتابت الموقف الإسرائيلى إيزاء التحول السياسى فى مصر أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو لخير برهان على عمق هذا الإهتمام ، ويعزز هذا الأمر التغير السريع فى رؤيته لما حدث فى مصر حيث سلم بأنه إستجابة لإرادة شعبية جارفة أبت أن تستمر تحت حكم دينى مستبد وقررت أن تتحرر مبكرا قبل فوات الأوان ، بعد أن كانت كل وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية ومقالات أبرز الكتاب اليهود يرون أن مع حدث فى مصر هو قفز على العملية الديمقراطية .
وفى هذا الإطار كان قد أشار الكاتب الإسرائيلي” رؤوبين ميران ” أن ما جري في مصر ثورة حقيقية على خلفية تعامي السلطة المستبدة عن مطالب الجماهير، منوها إلى أن “الانتفاضة الشعبية الوطنية التي جرت في مصر أثبتت أنه ليس من الضرورى أن تكون اشتراكيا كي تثور على وضع اقتصادي واجتماعي وسياسي غير مقبول”.
وعلى المستوى الرسمى داخل الحكومة الإسرائيلية فضل عدم القطع بأن ما حدث فى مصر قفزا على السلطة وأن يكتفى بدور المراقب وإنتظار ما سوف تسفر عنه التطورات على الأرض متحليا بالتريث وترقب تحديد هوية مستجدات المشهد السياسي لدى الجارة الجنوبية، أملاً في اللعب على الجواد الرابح أو بعبارة أخرى التعاطي معه، إنطلاقًا من زاوية براجماتية.
وبرر الكاتب والخبير الإسرائيلي «يارون فريدمان» موقف الترقب الذي تنتهجه بلاده، بأنه حالة من حالات انتظار زوال غيوم العاصفة، مؤكداً أن إعادة ترتيب الأوراق السياسية يقتضي التعامل مع الواقع، أو بعبارة أخرى اللعب مع الرابح. وحينما أثبتت بوصلة المتابعة الإسرائيلية أنه لاحُكم للإخوان في مصر بعد اليوم، لاحت بالأفق التحولات المفصلية في موقف الدولة العبرية، ونكصت أبواقها الإعلامية على عقبيها، ولم يقتصر نكوصها على الإعتراف بثورة الثلاثين من يونية، وإنما تجاوزته لتخاطب الإدارة الأمريكية وتحذرها من مغبة إدارة ظهرها للواقع المصري الجديد، لاسيما حينما جمدت واشنطن جزءًا من مساعداتها العسكرية للقاهرة، حينئذ اعترفت “أميرة أورون” مدير إدارة مصر بالخارجية الإسرائيلية، أن بلادها بعثت برسائل سرية للبيت الأبيض، أكدت فيها ضرورة الحفاظ على العلاقات المتينة مع القاهرة، تفاديًا لانعكاسات سلبية قد تهدد مصالح الولايات المتحدة في مصر وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
التحول الجذرى في الموقف الاسرائيلي من ثورة الثلاثين من يونية بات واضحاً في رأى الكاتب والمحلل السياسي الاسرائيلي ” جاكي حوجي ” ، ففي حين عكف على نشر مقالات للرأي بمختلف الصحف الإسرائيلية بما في ذلك «معاريف وماكوريشون وجلوبس»، فضلاً عن موقع إذاعة جيش الإحتلال على شبكة الإنترنت، وتأكيده صراحة أن ما جرى في مصر ليس بثورة، إلا أنه خالف قناعاته التي لم تغاير كثيرًا قناعات الإخوان، وتبنى نفس التأكيد حينما احتل لفظ «الثورة المصرية» جميع مقالاته اللاحقة، فضلا أنه لعب دور «المنظّر» وربما الناصح الأمين لمسار العملية السياسة الجديدة في مصر.
وذكر البروفيسور ” يورام أميتال ” فى صحيفة ( يديعوت أحرونوت ) واصفا الوضع فى مصر بعد الثورة الثانية بأنها بمثابة حرب قرر ” السيسى ” مواجهتها مع جماعة الإخوان المسلمين بالإنابة عن الشعب،وقارن بينها وبين الحرب التي شنها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي على الفصيل السياسي ذاته، ولعل ذلك وفقاً لتقديرات الخبير الاسرائيلي هو ما جعل لكل من السيسي وناصر مؤيدين لا حصر لهم.
ولم يقتصر التحول على كتاب الرأى داخل الصحف الإسرائيلية بل أيضا مراكز الأبحاث ، فتجد مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الذي يديره رئيس الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق «عاموس يادلين»، تحول هو الآخر في توجه الدراسات التي عكف باحثوه على إعدادها عن ثورة يونية، ففي حين استخدمت الكوادر الأكاديمية في المركز مصطلح «إنقلاب» عند الحديث عن يونية، لكنه بمرور الوقت شن المركز هجمات ممنهجة على جماعة الإخوان المسلمين، ورأى أن السيسي والجيش هما حصن الأمان للدولة المصرية الجديدة.
وآخذت وتيرة التأييد تتنامى كثيرا تارة وتتقلص كثيرا تارة أخرى وفقا للمتغيرات السياسة والإقتصادية خاصة العسكرى منها فيما يخص صفقات التسليح المصرية المستمرة على مختلف القطاعات ، وأيضا تبعا للمعطيات الإقليمية التى تفرض نفسها بين الحين والآخر .
بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى ك افتتاح قناة السويس الجديدة ، واكتشاف حقل الغاز فى البحر المتوسط والتطلعات الإقتصادية المصرية الطامحة ذلك من جانب ، ومن جانب آخر العمليات العسكرية فى سيناء الرامية إلى تطهيرها من براثن الإرهاب قبل وبعد حادث سقوط الطائرة الروسية وذلك بما يتيح إقامة تنمية حقيقية وشاملة بها وهو ما لايرحب به الكيان الإسرائيلى .

 
صورة ‏‎Alaa Mohamed Elfar‎‏.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى