يعد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بإسم داعش علامة فارقة في تطور حركات وتنظيمات الإسلام السياسي ، والجدير بالذكر أن منطقة الشرق الاوسط شهدت نموا لافتا في عدد ونوعية التنظيمات المتطرفة ، والتي باتت تهدد بنية الدولة الوطنية ، بتحديها لأساس نشأة الدولة القومية التي تولدت عن الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولي ، والتي تحتاج لتكاتف الجهود لمواجهة مثل تلك التنظيمات . نشأ تنظيم داعش كرد فعل لمحاولات تهميش السنة في العراق من المشاركة في العملية السياسية ، فبايع أبو مصعب الزرقاوي تنظيم القاعدة وأعلن لو الولاء عقب نشاة التنظيم تحت مسميات مختلفة ، كالتوحيد ، ومجلس شوري المجاهدين ، وسمي بغسم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مرورا بتنظيم الدوة الإسلامية في الشام والعراق والذي أصبح القايدة الأكبر بعد توافر موارد مالية علي الساحتين العربية والإسلامية ، إقليميا ودوليا ، فأصبح تنظيم إرهابي يتوافر لدية ما يتوافر لدي تنظيمات أخري . وكان التنظيم هو الأداء الأفضل من بين التنظيمات في العراق في أعقاب معركة الفلوجة الثانية في 2004 ، حيث نجح في توسيع نطاق سيطرتة ضد الإحتلال الأمريكي وتوسع في الأنبار وكركوك وصلاح الدين والموصل وديالي وفي نهاية 2005 أصدر الزرقاوي فتاوي ضد الشيعة مما أدي إلي زيادة التابين بين التنظيم وفصائل المعقاومة ، وإستغلت الولايات المتحدة هذا وبدأت في تشكيل صحوات لمواجهة التنظيم ، وفي 2007 شهد ممارسات حادة للتنظيم مع فصائل المعارضة ومع العشائر مما حد من نفوذ التنظيم بصورة كبيرة . وكان سقوط الموصل في يد التنظيم في 10 يونيو 2014 بمثابة لحظة فارقة لأبي بكر البغدادي ، لم يكن ليتحقق لأبو مصعب الزرقاوي مؤسس تنظيم القاعدة في العراق ، فمنذ تلك اللحظة وضعت أسس الخلافة الجديدة ، التي أعلنت في 28 يونيو 2014وبذلك صعدت داعش مرة أخري علي الساحة . ومثلت الأزمة السورية المتفاقمة داخل النظام الحاكم في العراق عامب من عوامل ظهور التنظيم مرة اخري بعد أن كاد يختفي مع نهاية 2010 ، إلا أن ظهور أبو بكر البغدادي كزعيم جديد للتنظيم ، وإعادة هيكلتة للتنظيم ، كما ساعد علي ذلك إنسحاب القوات الأمريكية من العراق كما ولدت سياسات المالكي الطائفية حالة من الكراهية الشديدة بين القوي السنية نحو بغدادا وحدوث الإنقسامات التي إستغلها التنظيم للعودة مرة أخري إلي الأماكن التي إنسحب منها من قبل ، وإعادة الروابط مرة أخري مع أعضاء الجماعات المسلحة والسيطرة علي ثلثي البلاد تقريبا ، كما إتخذت سوريا مسارا مختلفا ، حيث شكلت سوريا إحدي أهم القواعد اللوجستية للتنظيم ن فيما يتعلق بنقل الأسلحة والأموال والمتطوعين ، لكن لم يتمكن من إنشاء عمليات شاملة في دمشق ، إلا أنة مع التطورات التي شهدتها الاوضاع في سوريا . إستراتيجية داعش : الأليات والفاعليات : يمتلك التنظيم من المقومات مع تجعلة يتفوق علي أي تنظيم اخر ، فالتنظيم لدية المقومات السياسية والإقتصادية ، حيث حمل في بدايتة القوة العسكرية والقتال سواء ضد الإحتلال الأمريكي أو الميليشيات الشيعية التي شاركت في السلطة وقد تحول داعش م تنظيم مسلح معادي للدولة إلي تنظيم يقترب من إمتلاك مقومات الدولة بما لديها من مساحة حوالي ثلث سوريا والعراق ن وبما لدية من موارمالية من بيع النفط والحصول علي إتاوات علي الرهائن وسرقة الآثار وغيرها من أنشطة إرهابية . ومن عوامل نجاح التنظيم أنة يعمل علي جذب الشباب بما يستخدمة من إستراتيجية إعلامية جاذبة إستطاع الحصول علي تعاطف الكثيرين مع التنظيم . المواقف الإقليمية والدولية تجاة تنظيم داعش : لم يتحرك التحالف الدولي في العراق ضد تجاوزات داعش إلا بعد تجاوزها الخطوط الحمراء وبالتحديد ، بعد تهديد المصالح النفطية الامريكية في شمال العراق وإقليم كردستان وتم إسبعاد إيران من هذا التحالف للخلاف بينها وبين الولايات المتحدة علي مستقبل النظام السوري ، بالإضافة إلي جعل إيران تدخلها مشروطا بتسوية الملف النووي وإحداث نقلة في ملف المفاوضات ، فلم يتم توجية دعوة لإيران لحضور المؤتمر الذي شاركت فية الدول المنضمة للتحالف بالرغم من أن إيران كانت المبادر بتوجية الدعوة للولايات المتحدة ، وتعتبر إيران من الدول التي تسعي إلي مواجهة خطر داعش في المنطقة ليس لإعتبارات طائفية فحسب ، أو المحافظة علي إستمرار حليفها الإسد ، بل لدي إيران تصور أخر وهو أن وجود اعش في المنطقة سيعمل علي إضعاف المقاومة لإسرائيل علي المستوي الإقليمي ، كما أنها تري أن الوجود الداعشي في المنطقة من شانة أن يكون ذريعة للتدخلات الأجنية طيلة الوقت في المنطقة ، وبعيدا عن صحة الربط بين داعش والتدخلات الأجنية إلا أن داعش لديها أجندة ولا يمكن إعتبارها وطنية أو حتي إقليمية ، وخلق كيان جديد إسمة “الدولة الإسلامية ” فوجودها تهديد للسلم والأمن الدوليين ومدعاة لتدخل أجنبي تحت ميثاق الأمم المتحدة ومن هذا المنظور تواجة إيران داعش ، تخوفا من فرض أي سياسات خارجية علي الإقليم . الموقف التركي من داعش : بالرغم من تبني حكومة حزب العدالة والتنمية فكرة عدم الخوض في مغامرات إلتدخل العسكري في مناطق النزاع ، إلا أن دعمها وتأييدها لمعرضي الأسد كجبهة النصرة وداعش ، راجع إلي إدراكها بأن القضاء علي نظام الأسد مرهون بدعمها لتلك التنظيمات ، متناسية أن السياسة في المنطقة تبدلت وأن الأولوية للمجتمع الدولي في القضاء علي داعش ، وطلب التحالف الدولي من تركيا ودول المنطقة السماح لهم بإستخدام قواعدهم الجوية ، إلا أنة مدرك بأن ذلك يتعارض مع مصلحتها القومية إلا انها إقتصرت علي تقديم الدعم اللوجستي ،خوفا من أن تفقد ثقة الولايات المتحدة ، شرط القيام بحركة برية ضد نظام الاسد ، إلا ان الولايات المتحدة لن توافق علي هذة السياسة التي تتجاهل أهدافها الاساسية في التقليل من خطورة داعش ، بالرغم من أنها لا ترغب بالأساس في القضاء الكامل علي داعش ، بل تريد وضعها تحت سيطرتها كي يكون مبررا لها التدخل في المنطقة مرة أخري ، ألا أن تركيا تتبني مواقف متناقضة في تقديم الدعم لكل من يعاني من داعش ، وعليها أن تتوقف عن تقديم الدعم لداعش ، وعن مرور المحاربين من أراضيها . وبالنسبة لإسرائيل فمن مصلحتها إستمرار مثل تلك التنظيمات فتدعم من موقفها في إنشاء دولة يهودية في مواجهة الدولة الإسلامية ، كما أن تفتيت وإضعاف دول المنطقة يصب في صالح إسرائيل . وبالنسبة للدول العربية التي ساهمت في التحالف كالسعودية والإمارات والبحرين والاردن ومصر إكتفت بتقديم التسهيلات وتم إستبعاد إيران وتركيا تتورط في الحرب كلما إقترب من حدودها إلا أنها تدعم منظمات إرهابية لإسقاط نظام بشار . كما أن روسيا تري أن التحالف الدولي خارج عن الشرعية الدولية وانة ليس إلا تحقيقا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة وانها تريد أن تفرض سياستها في المنطقة ، وأن هذا التحالف مشكوك في أمرة ولم تتدخل الولايات المتحدة إلا بعد أن هدد التنظيم مصالحها في المنطقة ، وبعثت روسيا بإمدادت كبيرة من الاسلحة إلي كل من العراق وسوريا ، ومع الضربات الجوية الأخيرة علي سوريا من الجانب الروسي رغم تخوف الولايات المتحدة وكلا من السعودية وتركيا ، حيث أن روسيا تعمل علي إبقاء نظام الأسد كجزء من المعادلة إلا أنة يمكن الإتفاق الأولي بالقضاء علي داعش ثم تظهر الخلافات بشان وضع النظام السوري فيما بعد . سيناريوهات الحرب علي داعش : ينطلق هذا السيناريو من أن قوات التحالف تنجح في القضاء علي التنظيم وتحجيم أثرها في مناطق إنتشارها لتعمد نقلها إلي مناطق أخري كما حصل مع القاعدة وهذا يمكن أن يحدث في حال القضاء علي قوتة العسكرية أو في حال مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي . السيناريو الآخر : إستمرار خطر داعش واستمرار وجودة وإستمرار العنف الداخلي والإنقسامات الداخلية التي لا يمكن أحد التنبؤ بعواقبها . ختاما : للحرب علي داعش تبعات لا يمكن إغفالها إلا أنة لايمكن إغفال أن خيوط اللعبة خرجت من أيدي دول الإقليم لصالح التدخلات الأجنبية ، خاصة بعد التدخلات الجوية في سوريا والعراق ، واصبحت الدول التي تواجة داعش تواجة خيارات مريرة ، فكانت الدول العربة بعد الثورات تسعي إلي الديموقراطية والكرامة بعد زوال النظم الإستبداية التي كانت تفرد الأمن بالقهر والتنيمة الإقتصادية علي حساب الديمقراطية وبالتالي ادت المنظات المتطرفة إلي عودة الشعوب إلي إعادة التفكير في الأمن علي حساب الديموقراطية ، مواجهة التدخلات الأجنبية حيث أدي ظهور داعش إلي عودة القصف الجوي الاجبني علي دول الإقلميم ، وغحتمال تزايد تلك التدخلات الاجنبية اكثر في المدي المنطور ، كما انها تؤدي إلي ضياع الواحدة الوظنية للشعوب علي حساب الدولة الوطنية بسيطرة التنظيمات علي مساحات شاسعة من الدول .