في إطار ما يتردد في الأونة الأخيرة عن المصالحة مع الإخوان المسلمي من جانب النظام المصري علي ألسنة الباحثين والساسة ، والتدخلات من أطراف وسيطة لطرح مبادرات الصلح مع الجماعة ، وقد طرحت هذة المبادرات كثيرا منها مبادرة الدكتور سعد الدين إبراهيم وغيرة كثيرا ، ومازاد من الحديث مؤخرا عن المصالحة مع الإخوان ، ما قالة الرئيس السيس في زيارتة للرياض أثناء حضور القمة العربية اللاتينية بأن مشكلة الإخوان مع الشعب وليس مع النظام وهذا ما اكد علية الرئيس أثناء زيارتة لبريطانيا ن مما دعا إلي ترديد الاقاويل بأن هناك ضغوط إقليمية ودولية تمارس علي النظام المصري من أجل المصالحة مع الإخوان . وقبل الحديث عن أي مصالحة مع الإخوان يجب إمعان النظر في طبيعة العلاقة بين النظام والمجتمع المصري والإخوان بالإضافة إلي طبيعة علاقات النظام الإقليمية والدولية ووما هي دواعي النظام لعقد مثل تلك المصالحة ، فطبيعة أي مفاوضات بين أي طرفين تقتضي بان يكون لدي كل طرف ما يقدمة للطرف الأخر ، ويكون لدية القدرة علي تقديم بعض التنازلات حتي يمكن الحديث عن مصالحة ، وبالنظر إلي معطيات الواقع ، ففي الوقت الراهن لا يوجد لدي أي طرف نية لتقديم تنازلات بل أن الطرفين لا يعترف كل منهما بالآخر من الأساس للجلوس علي طاولة مفاوضات لعقد مثل تلك المصالحة . ماهي طبيعة العلاقة بين النظام المصري وجماعة الإخوان : من المعروف عن جماعة الإخوان أن لديها قدرة علي التملق لأي نظام حاكم بإثتثناء الفترة الراهنة التي تواجة فيها النظام عليا بإفتراض منها بأن النظام إستمد شرعيتة من سلبة إياها من الجماعة ، فما تتعرض لة الجماعة من أزمة حالية هو الاخطر في تاريخها فقد تعرضت لأزمات علي مدار تاريخها منذ عهد عبد الناصر فبعد تعرضة لمحاولات إغتيال وقد أتهمت فيها الجماعة وتم سجن الكثير من أعضائها ، ومع ما تعرضت لة عقب إغتيال السادات عام 1981 ، إلا أنها بدأت تأخذ مسارا سياسيا بعيداعن العنف وبدأت تنخرط في الحياة السياسية عن طريق الإنتخابات البرلمانية في 2005 وفي 2011 كان الصعود الاكبر للإخوان ، وما حدث في في 30 يونيو لم يأتس بعزل الإخوان سياسيا فقط ولكن تم عزلهم إجتماعيا ، والذي ساهم في ذلك خطاب الإخوان خلال فترة حكمهم القصيرة ، فجماعة الإخوان أصبحت منبوذة من غالبية المجتمع المصري وليس النظام فقط ، فشرعية النظام قائمة بالأساس علي درء خطر الإخوان عن المجتمع المصري . لذا عند الحديث عن المصالحة بين الإخوان والنظام يجب النظر إلي طبيعة العلاقة بينهم لكي نتنبأ بإحتمالية تلك المصالحة خاصة مع ما شهدتة الفترة الماضية من أعمال عنف وإرهاب وتخريب في الشارع المصري وإستهداف الجنود مما رسخ الكراهية المتبادلة بين الشعب والجماعة فالنظام وإن كان الرئيس عبر بخطابا دبلوماسيا عن عدم وجود خلاف بين النظام والجماعة فلا يعني هذا سهولة المصالحة وإندماج الجماعة مرة أخري فسيقابل النظام حينها ضغوطا من المجتمع الرافض لهذة الجماعة بشكل مطلق ، فالنظام المصري لبس بحاجة إلي مصالحة الإخوان إلا لتهدئة الأوضاع والإستقرار وتعزيز الأمن لدي المواطن ، وعلي الصعيد الأخر نري الجماعة غير قادرة علي تقديم تنازلات ولا تؤمن بالمشاركة فتريد الإستحواذ علي الحكم بشكل مطلق ، كما أنها لا تؤمن بالنظام من الاساس ، ولا تري أي سبل سلمية للتصالح ، فالبرغم من أنها ليست جماعة ثورة وتؤمن بالغصلاح التدريجي في المجتمع وتصرح في خطاباتها بنبذ العنف وإنتهاج السلمية ، إلا أن الواقع يدفعها إلي إنتهاج العنف والوسائل غير السلمية لتحقيق أهدافها ، وتعد نتائج إتخابات البرلمان الجارية خير دليل علي نبذ الشارع المصري لتيار الإسلام السياسي برمتة ، فترسخ لدي المواطن المصري بل لدي الشعوب كافة بان العنف والتطرف والإرهاب مرتبط بتيارات وحركات الإسلام السياسي التي تنتهج العنف سبيلا لتحقيق أهدافها . طبيعة العلاقات والواقع الإقليمي والدولي بالنظر إلي الواقع وطبيعة التفاعلات الإقليمية والدولية التي يري البعض أنها باعث للتصالح ، فمع ما تشهدة سوريا والعراق من العنف والإهراب جراء ماتفعلة داعش وجبهة والنصرة وغيرهم من الحركات الإرهابية والمتطرفة ومع نشوب الصراعات الدينية والطائفية ، والتي تمهد الطريق لتفتيت المنطقة وتنفيذ مخطط تقسيم الشرق الاوسط ، ومع إنقسام الدول العربية في موقفها بشأن الثورات وحركات الإسلام السياسي ومع تأييد قطر للإخوان ومعها تركيا التي تدعم الحركات الإرهابية في سوريا ، ورغبة السعودية في تشكيل تحالف سني قوي في مواجهة داعش والتطرف ، ومواجهة المد الشيعي والتمدد الإيراني في المنطقة ، فمن مصلحة السعودية تهدئة الموقف مع الإخوان ودعوة مصر إلي التصالح معهم ، ومع حركة حماس لتهدئة الاوضاع ، وفي ظل نظام دولي من مصلحتة إشتعال الحروب في المنطقة ومع تباطيء ضربات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش ، ومع تأييد مصر للضربات الروسية علي سوريا وإختلاف وجهات النظر ما بين من يؤيد إستمرار نظام بشار كسوريا وإيران ورغبة السعودية في أن يكون رحيل نظام بشار جزء من حل الأزمة ، وبالنظر إلي الأوضاع الداخلية في مصر وتردي الاوضاع الإقتصادية ، ورد فعل الدول في سحب رعاياها من مصر جراء احداث الطائرة الروسية والتي كان من ضمن مسبباتها مساندة مصر للموقف الروسي في سوريا ، فطبيعة الموقف تحتم ليس علي مصر فقط بل علي كافة دول الإقليم أن تعمل جاهدة علي تهدئة أوضاعها الداخلية وإحتواء كافة الطوائف والجماعات ونبذ التطرف والعنف والإرهاب ، إلا أن ذلك يتطلب رغية جميع الاطراف وهو ما نجدة صعب مع هذة الجماعات التي لا تقبل التصالح . ختاما إن الحديث عن المصالحة مع جماعة الإخوان في كافة الدول العربية ليس مستحيلا لكنة صعبا وخاصة مع زيادة القبضة الأمنية للنظام تجاة هذة الجماعات ومع الضربات التي قام بها النظام في ليبيا ، فالنظام لا يأمن هذة الجماعات حتي لو تمت المصالحة معهم التي يري أنهم يسعون رويدا رويدا حتي يستطيعوا السيطرة مرة أخري علي مقاليد الحكم ، وفي الوقت الراهن لا بد أن تعترف الجماعة بأنها الطرف الأضعف وأن عليها تقبل فكرة تقديم تنازلات وعليها أن تعيد مراجعة خطابها وأفكارها ، وخاصة مع الصراعات الداخلية التي تعاني منها الجماعة بين قادتها وتمرد الصفوف الشابة علي القيادات ، كما أن عليها أن تكتفي بالجانب الدعوي وتترك العمل السياسي ، وان تثبت حسن نيتها للنظام والمجتمع كي تستطيع الغنخراط مرة اخري في صفوف الجماهير وخير مثال علي ذلك ما حدث في دولة الجزائر من صراعات دموية دامت لسنوات منذ إزاحة جبهة الإنقاذ من السلطة عام 1992، بعد ان كانت حصلت الجبهة علي أغلبة الاصوات الإنتخابية 80% وكان لديها ميليشيا مسلحة أسمتها الجيش الإسلامي للإنقاذ ، إلا أنة لم تعقد معهم مصالحة وكانت تحت مسمي الوئام الوطني-مسمي القانون الذي أصدرة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأقرة البرلمان عام 1999 لينهي حالة الأزمة في البلاد – وليس المصالحة لأنهم الطرف الذي يجب علية تقديم التنازلات والموافقة علي ما يملية عليهم النظام والشعب أما المصالحة تقتضي طرفين متعادلين في الظروف والقوة أو متقاربين إلي حد ما ولديهم مصلحة مشتركة تدفع كل طرف منهما إلي السعي لتقديم تنازلات ، وهو ما يجب أن تدركة جماعة الإخوان إذا أردات تجاوز أزمتها عليها إن تدرك أخطائها وتعمل علي إصلاحها وأن تتوافق مع نفسها أولا وتخرج بخطاب جديد ورؤية جديدة دعوية كانت أم إصلاحية ، إلا انها لا يجب أن تمارس العمل السياسي بإستخدام الشعارات الدينية كسند وداعم لها واللعب علي عواطف الشعب بإستخدام الدين ، وإن أصرت علي موقفها السياسي فلا حديث عن مصالحة ، وعلي الجماعة تحمل تبعات إختيارها .