بقلم المهندس/ طارق بدراوى
تم وضع حجر أساس مستشفي الدمرداش عام 1928م في عهد الملك فؤاد وقام محمد محمود باشا رئيس مجلس الوزراء آنذاك بهذا اﻷمر نيابة عن ملك البﻻد وقد تم إنشاؤها يتبرع من السيد عبد الرحيم الدمرداش باشا وتوجد بحي العباسية بالقاهرة وهذا المستشفي العريق أصبح بعد ذلك هو المستشفي التعليمي لكلية طب عين شمس بعد إنشائها عام 1947م في عهد الملك فاروق ومايزال يؤدى رسالته حتي اليوم مثل شقيقه اﻷكبر مستشفي القصر العيني المستشفي التعليمي لكلية طب القاهرة واللذان يفد إليهما أبناء الشعب بجميع طبقاته من كافة أنحاء البﻻد لتلقي العﻻج
وبدأت قصة إنشاء هذا المستشفي بدعوة من صاحب السعادة السيد عبد الرحيم الدمرداش باشا وجهها ذات ليلة في شهر نوفمبر عام 1928م إلى دولة رئيس مجلس الوزراء محمد محمود باشا ومعالي الوزراء وسلمهم كتابا يتضمن تبرعه بمبلغ 25 ألف جنيه وتبرع كريمته قوت القلوب هانم بمبلغ 50 ألف جنيه والسيدة قرينته بمبلغ 25 ألف جنيه فيكون إجمالي مبلغ التبرع 100 ألف جنيه بالإضافة إلي مساحة من الأرض تبلغ مساحتها 15 ألف متر مربع بشارع الملكة نازلي سابقا شارع رمسيس حاليا أمام جامع الدمرداش بحي العباسية بالقاهرة لكي يبني عليها مستشفى خيرى بتكلفة قدرها 40 ألف جنيه والمتبقي من إجمالي مبلغ التبرع وقدره 60 ألف جنيه يخصص دخله للإنفاق علي المستشفى وتم افتتاح المستشفى بالفعل عام 1931م وتم صنع تمثال نصفي للسيد عبد الرحيم الدمرداش باشا وتم تثبيته يوم الافتتاح علي قاعدته الرخامية الكائنة أمام مدخل المستشفي وكان السيد عبد الرحيم الدمرداش باشا قد اشترط عند التبرع بتكاليف إنشاء المستشفي ذلك حتى يكون اسوة وقدوة لغيره من الأغنياء والموسرين من أجل توجيه تبرعاتهم إلى الأعمال الخيرية مثل إنشاء المستشفيات والمدارس بدلا من التبرع للأسبلة والتكايا والأضرحة كما اشترط أيضا أن يكون هناك مصلى بالمستشفي وأن تبني له فيها حجرة لكي يدفن فيها وأن يكون المستشفي عاما لجميع الأمراض فيما عدا المعدية وأن يتم علاج جميع الفقراء مجانا دون النظر إلى دياناتهم أو جنسياتهم اما المرضى القادرين فيعالجوا نظير رسوم توجه إلى الإنفاق والصرف علي صيانة وتحديث المستشفي ودفع رواتب العاملين بها وقد قبلت الحكومة هذه الشروط وعليه تم إنشاء المستشفى وافتتاحه في التاريخ المذكور
ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن العباسية كانت دائما هي المكان الذى يقع عليه الإختيار لبناء المستشفيات في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين نظرا لنقاء جوها وعدم تلوثه ووجود زراعات قرببة تساعد على تنقية الجو بما تمتصه من غاز ثاني أوكسيد الكربون وماتنتجه من غاز الأوكسجين وكان من أشهر المستشفيات التي تم انشاؤها بها قبل مستشفي الدمرداش المستشفي النمساوى عام 1881م والمستشفي الأوروبي عام 1885م ومستشفي الحميات عام 1894م والمستشفي الفرنسي عام 1901م ومستشفي الأمراض العقلية عام 1903م والمستشفى الإيطالي عام 1904م والمستشفى العسكرى عام 1906م والمستشفي اليوناني عام 1908م
وجدير بالذكر أن محمد محمود باشا الذى نراه في الصورة المرفقة وهو يضع حجر أساس مستشفي الدمرداش هو الرئيس الثاني لحزب اﻷحرار الدستوريين بعد عدلي يكن باشا وكان رجﻻ صعيديا ولد ببلدة ساحل سليم بمديرية أسيوط وكان يتكلم اللهجة الصعيدية وظل يتكلم بها طوال حياته وقد تقلد رئاسة مجلس الوزراء مرتين اﻷولي من منتصف عام 1928م إلي منتصف عام 1929م تقريبا وعرفت هذه الوزارة بوزارة اليد الحديدية كما أطلق هو بنفسه عليها هذا اﻹسم والمرة الثانية كانت أوائل عام 1938م وحتي شهر سبتمبر 1939م وكان معروفا عنه الشدة والصرامة والصراحة الشديدة في عرض رأيه حتي مع الملك نفسه وبعد تولي علي ماهر باشا رئاسة مجلس الوزراء بعده وكانت نذر قيام الحرب العالمية الثانية قد بدت في اﻷفق إبتعد عن الحياة السياسية لمرضه الشديد حتي توفاه الله في أوائل اﻷربعينيات وقد أطلق إسمه علي أحد الشوارع الرئيسية في وسط القاهرة والذى يمتد من منطقة عابدين وينتهي في ميدان التحرير