كتب – علي تمام إن الزواج في الإسلام عهد وميثاق بين الزوجين يرتبطان به ارتباطًا وثيقًا مدى الحياة ويندمج كل منهما في الآخر اندماجًا كليًّا كما يرشد قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّ}.. [البقرة: 187] ، وقوله تعالى: {وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا * وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا}.. [النساء : 20- 21] ، وجعل الله تعالى الزواج من نعمه وعدَّه من آياته حيث قال: {وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ}.. [الروم: 21] وقال تعالى: {وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةٗ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ هُمۡ يَكۡفُرُونَ}.. [النحل: 72]، فأمر الشارع الحكيم بحسن المعاشرة بين الزوجين، وبيَّن حقوق كل منهما وواجباته في المعاشرة الزوجية، فواجب على كلا الزوجين أن يتقيا الله فيما وجب لكل منهما نحو الآخر. ومما يجدر الإشارة إليه هنا من حق للزوجة على زوجها وواجب عليه نحوها أنه يجب للزوجة على زوجها نفقة شرعية، وهي كل ما تحتاج إليه الزوجة لمعيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخدمة، وما يلزمها من فرش وغطاء وسائر أدوات البيت بحسب المتعارف بين الناس، وسبب وجوب هذه النفقة هو حق الزوج في احتباس زوجته لأجله ودخولها في طاعته، وذلك ليتمكن الزوج من الاستمتاع بزوجته وليجني ثمرات هذا الزواج، فإذا لم يتحقق هذا الاحتباس فلا نفقة للزوجة شرعًا؛ لأنها حينئذ تكون ناشزًا عن طاعته بدون حق فلا تستحق النفقة، فعلى الزوجة المسلمة أن تطيع زوجها في كل ما ليس فيه معصية لله. وقد قرَّر جمهور الفقهاء أن الزوجة لها شخصيتها المدنية ولها ذمتها المالية المستقلة عن شخصية زوجها وذمته، فلكل منهما ذمته المالية المستقلة عن ذمة الآخر، فللزوجة أهليتها في التعاقد وحقها في التمليك ولها مطلق الحق وكامل الأهلية في تحمل الالتزامات وإجراء مختلف العقود محتفظة بحقها في التملك مستقلة عن زوجها. ونظام أموال الزوجين في الإسلام هو نظام الانفصال المطلق واستقلال ذمة كل منهما ماليًّا عن الآخر، وهذه المبادئ قد أرساها القرآن الكريم في آيات كثيرة كالآيات رقم 228 ، 229 من سورة البقرة و4، 20، 21 من سورة النساء، وعلى ذلك فليس من حق الزوج المسلم أن يمنع زوجته من مساعدة والدها كبير السن والعاجز عن العمل مساعدة مالية من مالها الخاص بها، بل إن لها الحقَّ أن تقوم بخدمة والدها هذا إذا كان لا يجد من يخدمه غيرها تعوله وتخدمه ولو كان على غير دينها، ونصيحتنا لكل زوج مسلم أن يحسن معاشرة زوجته وأن يراعي العدل والإحسان في معاملتها، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡٔا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا}.. [النساء : 19] وقال -صلى الله عليه وسلم-: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بَالْـمَعْرُوفِ». ونصيحتنا لكل زوجة مسلمة أن تطيع زوجها فيما هو من شؤون الزوجية مما ليس فيه معصية لله تعالى، وكذلك فيما يلزم لرعاية النشء الذي يكون لهما وتربيته، أما غير ذلك من الشؤون الخاصة بها فلا تجب عليها طاعته فيه كأن يمنعها من التصرف في مالها أو يأمرها أن تتصرف فيه على وجه خاص، فإنه ليس له ولاية على أموالها. وفقنا الله جميعًا لفهم تعاليم الإسلام وأحكامه وهدانا جميعًا سواء السبيل.