بقلم المهندس/ طارق بدراوى
القصير مدينة مصرية تتبع محافظة البحر الأحمر إدرايا وتبعد عن مدينة الغردقة شمالها بحوالي 145 كم وعن مدينة سفاحة شمالها أيضا بمسافة 85 كم بينما تبعد عن مدينة مرسي علم جنوبها بمسافة 135 كم ومنها قديما بدأت الملكة حتشبسوت رحلتها الاستكشافية إلى بلاد بونت القديمة الصومال حاليا كما كانت موقعا للتنقيب عن الذهب في عصور الفراعنة وفي القرن السادس عشر الميلادى إنضمت إلي أملاك الدولة العثمانية كمدينة مصرية عندما دخل العثمانيون مصر بقيادة السلطان العثماني سليم الأول والذي ما يزال تمثاله موجودا في وسط المدينة حتي الآن وذلك بعد إنتصار العثمانيين علي المماليك الذين كانوا يحكمون مصر حينذاك كما كانت للقصير أهمية إستراتيجية حربية لقربها من حدود مصر الجنوبية ولموقعها المتميز علي شاطيء البحر الأحمرواليوم تعد منتجعا سياحيا هادئا بشواطئها الرملية ورياضاتها المائية المتنوعة ومياهها الزرقاء الصافية وشعابها المرجانية النادرة حيث توجد بها أماكن متميزة تعد من أكبر تجمعات الشعب المرجانية إضافة لذلك تشتهر المنطقة بإستخراج خام الفوسفات كما أنها كانت مركزا لتجمع الحجاج والمعتمرين المسلمين القادمين من مصر والمغرب العربي والأندلس للترحال إلي ميناء جدة السعودى لآداء مناسك الحج والعمرة
وتوجد بالمدينة مجموعة من الآثار المسيحية والإسلامية التابعة لعهود مختلفة فعلى سبيل المثال توجد بها قلعة بنيت في عام 1799م وكان الغرض من بنائها هو حماية الحدود المصرية الجنوبية
وقد زار المسيو دى بوا إيميه وهو أحد رجال الحملة الفرنسية على مصر مدينة القصير ووصف قلعتها التي أسماها القصر بأنه يقع خلف المدينة ويتحكم فيها بشكل تام فهو مشيد فوق هضبة مرتفعة من الحجر الجيري مغطاة بزلط مستدير الشكل وكان هذا القصر عند مجئ الفرنسيين عبارة عن مبني يأخذ شكل المعين وتعلوه أربعة أبراج ويبلغ سمك جدرانه من 26 إلى 30 ديسيمتروهى مبنية بالحجر الجيري ولا يحتوى القصر إلا على عدد صغير من الغرف كما يضم بئرا محفورة مياهها بالغة الثقل ومائلة للملوحة وغير صالحة للإستخدام الآدمي وتستخدم في سقاية الماشية فقط وعلى بعد مائة خطوة من الواجهة الجنوبية الغربية خارج القصر يوجد خزان مياه قديم مكسو بالطوب يمكنه أن يتسع لحوالي 45 مترا مكعبا من المياه وتنتهي إلى قاع الخزان مسارب عديدة تهبط من التلال المحيطة والمجاورة بحيث يمتلئ بشكل طبيعي بالمياه عند سقوط الأمطار وهذا الخزان لم يعد موجودا في الوقت الحاضر وفى الجهة الأخرى من الحصن المسمي بالقصر كان يوجد مسجد وعديد من الأضرحة أو المقابر وقد هدمها الفرنسيون وكذلك توجد بعض البنايات المبنية علي الطراز الإسلامي في وسط البلد كما يوجد بالقصير آثار قبطية ورومانية في منطقة القصير القديمة شمالا ويربط القصير بوادى النيل طريق طوله 180 كيلو متر يمر بوادى الحمامات ويصل إلى مدينة قفط شمالي الأقصر بمحافظة قنا ويوجد بهذا الوادى آثار فرعونيه ترجع إلى عصر الملكة حتشبسوت ومنجم للذهب في وادى الفوأخير ويعود تسمية المدينة بإسم القصير إلى أنها أقصر مسافة تربط بين صعيد مصر والبحر الأحمر وفي الماضي كان هذا هو الطريق الوحيد الرابط بينهما
وتوجد بالقصير مجموعة من السلاسل الجبلية شديدة الخصوصية والتي تحتضن الكثير من الكنوز والمعروفة بإسم مدينة الذهب أو لؤلؤة البحر الأحمر وهذه السلاسل الجبلية كانت ومنذ 5000 عام في دائرة الضوء بما إكتشفه المصريون القدماء بها من المعادن خاصة الذهب ومع ذلك وبرغم غنى المدينة بالمعادن فإن أهلها يعانون الإهمال والفقر والتهميش وبحسب مايقوله سكانها فإنها مهملة من قبل السلطات فهي بلا خدمات ولعل أبرز ملامح ذلك يتمثل في عدم وجود مياه صالحة للشرب حيث يضطر السكان للتجمع لأخذ المياه في عبوات من سيارات نقل تأتيهم من مدينة قنا المجاورة وفي السنوات الأخيرة بدأت الحكومة وبعض المستثمرين في مجال السياحة يهتمون بتطوير المدينة وتنميتها سياحيا وأقيم بها العديد من الفنادق والمنتجعات السياحية المتميزة لجذب السائحين إليها من داخل وخارج مصر من أجل قضاء أجازاتهم بفنادقها ومنتجعاتها السياحية المتميزة ومن الفنادق التي تم إقامتها بالمدينة منتجع الموفنبيك ومنتجع راديسون بلو ومنتجع أكاسيا بيتش ومنتجع فنادير ومنتجع أوناتي بيتش وغيرها
وتشير دراسات العالم الجيولوجي ماهر عزمي إلى أن البيئة الجيولوجية في وسط وجنوب الصحراء الشرقية المصرية وهي المنطقة التي توجد بها القصير مناسبة لإستخراج الذهب وضمن دائرة تكوين هذا المعدن وأن ما استخرجه الفراعنة منها يشير إلى إحتمالية وجود ذهب لم يصلوا إليه في بعض الأعماق كما أشارت الدراسات المنشورة للدكتور ممدوح عابدين بهيئة الإستشعار عن بعد وعلوم الفضاء حول مشروع مثلث الذهب وإنتشار خامات الماجنزيت والكوارتز والمناجم غير المستغلة لكن تبقى الإشكالية هي جاذبية مواقع أخرى بعيدة عن القصير لسهولة التنقيب وإستخراج الذهب منها وحسب التقديرات فإن سلاسل جبال البحر الأحمر وبالتحديد في كل من القصير ومرسى علم ومحافظة أسوان تضم 120 موقعا للذهب منها 92 موقعا محددا لإنتاج الذهب وقد قدر الدكتور عاطف دردير في دراساته بوجود إحتياطي يتجاوز 1.4 مليون طن ذهب في 100 منجم بهذه المنطقة من الصحراء الشرقية