كتب : لفته عبد النبي الخزرجي
وطني جزيرة من ذهب اسود ..
وطني يتقاسمه نهران عظيمان ..
دجلة الخير .. وفرات السنابل ..
وطني يحلق في سعفات النخل ..
ويعوم في بحيرة من زئبق احمر ..
اسمه في الاساطير .. ميسوبوتوميا ..
وفي الخرائط وعلم الارض ..
بلاد ما بين النهرين ..
وفي لغة العرب .. ارض السواد..
انه وطن كلكامش واسطورة الخليقة ..
وزقورة بابل .. وبوابة عشتار ..
وسفينة اتونبشتم .. وشجرة الخلود ..
صحف ابراهيم .. نزلت في اور ..
والنمرود .. كان يمتطي حصانا
عراقيا .. وسفينة خوص ..
يخوض بها غمار التيارات المائية
المتحدرة من سفوح الجبال ..
والبصرة والكوفة .. منارة التاريخ ..
وبغداد عاصمة السلام .. ومهبط
العلم والحكمة والشعر …
في بغداد مدرسة اسمها المستنصرية ..
عمرها الف عام .. كانت بيتا للعلم ..
يقصدها طلاب العلم من بلاد الصين ..
والهند وبلاد الافرنج ..
بعد ان دخلها هولاكو ..
اصبحت مكتباتها .. جسورا لجيش
هولاكو .. ودماؤها شعارا لنكبتها ..
وجاءتها جيوش وجيوش وجيوش ..
واجهزت عليها .. سيوف ورماح وبنادق ..
وسكنتها اقوام واقوام واقوام ..
واستبدلت ثوبها .. بغداد مزقت ثوبها ..
حزنا ومقتا .. وعاقرت الهبوط والتراجع ..
وفي مطلع قرننا هذا ..
زحفت عليها اطماع الغرب ..
وحلقت في سمائها اسراب الجراد ..
لتأكل الاخضر واليابس ..
ودخل المهووسين بقشور الدين ..
لينهبوا .. ويخربوا .. ويعيثوا
في الارض فسادا ..
اجهزوا على مواردنا ..
استوطنوا في قصور شعبنا ..
اباحوا كل محرم ..
ونهبوا كل موجود ..
اضاعوا سيادة البلاد ..
تركوا افلاذ اكبادنا .. يفترشون الارض
ويدخلوا خرائب طين ..
اسموها مدارس زورا وبهتانا ..
والوطن يجتر الصبر ..
يتلاعبون .. بمصيرنا ..
ويخنقون العلم والتاريخ والتراث ..
انهم .. يمارسون .. السطو على
ضميرنا .. ويذبحون الشمس في
ديارنا .. لينشروا الظلام ..
يستبيحون دجلة والفرات ..
يعلوا صراخهم .. وجعجعة ولا طحين ..
لكن وطن الحسين لن يطول به الصبر ..
وطن الانبياء .. وسومر وآشور ..
لن يطول خنوعه .. انه يتململ ..
شعبي .. لن يدوم معه الخنوع ..
ما زال يعض على الجرح ..
يتوثب .. ولن يعلق آماله ..
الا على حقه في .. وطن معافى
وطن يخفر ثغوره ابناؤه ..
وطن لا تجوع فيه نساؤه ..
وطن لا يبتزه اعداؤه ..
وطن لا تجف مياه جداوله وانهاره
نعم انه وطني .. ومدرسة الطين
تحمل اسم وطني ..