أخبار إيرانأهم الاخبار

مخاوف خامنئي من سقوط ولاية الفقيه في إيران

احجز مساحتك الاعلانية

أثار الفشل الاستراتيجي لما يُعرف بـ”محور المقاومة” وضعف العمق الاستراتيجي للنظام الإيراني في سوريا موجة من القلق الشديد داخل النظام. ويمكن ملاحظة هذا القلق في تصريحات وتحليلات كبار المسؤولين ووسائل الإعلام الحكومية، التي تتراوح بين الصدمة والارتباك والخوف وصولاً إلى التصريحات المتناقضة. خطاب علي خامنئي في 11 ديسمبر 2024 كان نموذجًا واضحًا لهذه الحالة، حيث حاول التخفيف من تداعيات الهزائم الاستراتيجية للنظام، وفي الوقت نفسه رفع معنويات مؤيديه المحبطين. إلا أن اعترافه بأن أنصار النظام يعانون من الإحباط يعكس حجم التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها النظام الإيراني.

في محاولة لمواجهة احتمال سقوط نظام بشار الأسد، كرر خامنئي شعارات قديمة مثل “الدفاع عن المقدسات” و”مواجهة المؤامرات الأمريكية والصهيونية” لتبرير وجود القوات الإيرانية في سوريا. وزعم أن نشر ما وصفها بـ”القوات الاستشارية” في سوريا والعراق كان ضروريًا لحماية العتبات المقدسة وضمان أمن إيران الداخلي. إلا أن هذا السرد فقد مصداقيته منذ فترة طويلة. فعلى سبيل المثال، أُثبت تورط النظام الإيراني في تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء بالعراق يوم 22 فبراير 2006. وأكد الجنرال جورج كيسي، قائد القوات متعددة الجنسيات في العراق آنذاك، أن التحقيقات أظهرت تورط إيران في هذا الهجوم. كما كشف طارق الهاشمي، نائب رئيس جمهورية العراق حينها، في مقابلة تلفزيونية، عن مسؤولية النظام الإيراني عن هذا التفجير.

كالعادة، حاول خامنئي تبرير الهزائم الاستراتيجية في سوريا بإلقاء اللوم على ما وصفه بـ”مؤامرات الأعداء الخارجيين”، مدعيًا أن “ما حدث في سوريا هو نتيجة لمخطط مشترك بين الولايات المتحدة والصهاينة”. ومع ذلك، فإن هذا الادعاء لا يخفي العجز الواضح لقوات النظام السوري وأخطاء الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية. وقد اعترف مسؤولون بارزون مثل عباس عراقجي صراحة بأن سرعة الأحداث في سوريا وضعف قوات النظام السوري وقوات إيران الوكيلة كانت مفاجئة. وصرّح عراقجي قائلاً: “ما كان مفاجئًا هو عجز الجيش السوري عن مواجهة هذا الحراك وسرعة تطورات الأحداث في سوريا” (صحيفة دنياي اقتصاد، 8 ديسمبر 2024).

وفي استعراض واضح للتبجح، حاول خامنئي إظهار قواته الوكيلة على أنها ما زالت صامدة وقوية، مدعيًا أن “المناطق المحتلة في سوريا سيتم تحريرها بواسطة الشباب الغيورين السوريين”. لكن الحقائق على الأرض تُظهر عكس ذلك تمامًا. هذه التصريحات لا تعدو كونها دعاية موجهة للاستهلاك الداخلي، هدفها إخفاء عجز النظام عن التعامل مع الهزائم الاستراتيجية. وكما قال خامنئي: “بالتأكيد، سينهض الشباب الغيورون في سوريا، سيصمدون، يضحون، وسيتعرضون لخسائر، لكنهم سيتغلبون على هذا الوضع”.

ولم تقتصر آثار الهزائم الاستراتيجية لإيران في سوريا على السياسة الخارجية وحرب الوكلاء، بل امتدت إلى الداخل، حيث زادت من حالة التشتت واللامبالاة داخل النظام. واعترف خامنئي بأن الانفعال أصاب أنصار النظام، واصفًا ذلك بـ”سمّ الانفعال”. وقال: “في لحظات الفشل، الانفعال سمّ قاتل. أحيانًا يكون خطره أكبر من الهزيمة نفسها”. هذا التصريح يعكس قلق خامنئي العميق من تراجع الروح المعنوية لأنصار النظام وتأثير ذلك على استقراره.

وأقر خامنئي أيضًا بأن الرأي العام الإيراني أصبح أكثر انتقادًا للسياسات الخارجية المكلفة وغير المبررة للنظام. وقال: “الرأي العام في البلاد منشغل بهذه القضايا، لديهم تساؤلات، ويجب توضيح الالتباسات”. هذا الوعي المتزايد يعكس تنامي السخط الشعبي تجاه السياسات التوسعية والإرهابية للنظام. ولعدة سنوات، أدرك الإيرانيون أن عدوهم الحقيقي ليس خارجيًا بل يجلس في طهران.

وفي محاولة لإسكات المعارضة ومنع انتشار تداعيات هذه الهزائم، لجأ خامنئي إلى تهديد المعترضين صراحة، قائلاً: “إذا تحدث أحد بطريقة تُضعف معنويات الشعب، فهذا جُرم يجب متابعته”. هذا النهج القمعي يُظهر الخوف المتزايد للنظام من الانهيار الداخلي.

إن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يعني حتمية تراجع النظام الإيراني الذي يُعتبر الأب الروحي للإرهاب والتطرف في المنطقة. هذا التحول سيُمهد الطريق أمام “الشباب الغيورين” الإيرانيين لإسقاط نظام ولاية الفقيه وحرس النظام الإیراني. ناقوس التغيير قد بدأ بالفعل في دق أجراسه.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى