بقلم / خالد الترامسي
أول أمس شاهدت برنامجا حواريا للإعلامية لميس الحديدي في ضيافة السيد محافظ البنك المركزي ” طارق عامر ” وكان الحوار ينصب حول سياساته الغير تقليدية والغير معهودة في تاريخ مصر بل وتاريخ العالم كله علي المستويين الإقتصادي والمصرفي .
وبإطلالة سريعة تحمل في طياتها تحليلا لهذا الحوار ومدي قدرة هذا الرجل علي الإجابة علي الأسئلة الموجهة له بنوع من اللؤم ، صعب عليه فهمه ، وكان همه أن يتحدث ويستعرض سياساته ورئاه في معالجة بعض الملفات الحيوية من تحجيم الإرتفاع المتزايد للعملات الصعبة وخاصة الدولار والذي تجاوز سقف العشرة جنيهات في السوق الغير رسمية ، إضافة إلي تعويم سعر الجنيه والذي أدي إلي إحداث موجة تضخمية أثرت علي أرتفاع الأسعار .
وبعيدا عن أنني وطيلة هذا الحوار والذي تجاوز ال ٩٠ دقيقة والذي لم أشتم من خلاله رؤية واضحة لهذا المحافظ ، بل تعبيرا إقتصاديا سليما ، كان حوارا عاديا يفتقد إلي الترتيب والتنقيح ، كنت أتمني أن أري حوارا يتسم بالموضوعية والرؤية الواضحة بعيدا عن سياسة وفكر المصطبة .
كان حوارا هزليا يفتقد إلي المهارية والمعيارية ، فهناك جهات لا يستقيم لها أن تظهر في وسائل الميديا علي الإطلاق ، فبحكم مناصبهم وأهمية عملهم الذي هو صلب وصميم المطبخ السياسي والإقتصادي بالبلاد ، لا يصح أن نراهم في وسائل الميديا وكما أسلف وخاصة شاشات التلفاز ، من بينهم محافظ البنك المركزي لأن أحاديثة غير منقطعة بل يترتب علي سياساته سياسات أخري مستقبلية ، فلا بد أن يحاط بنوع من التكتم والحرص الشديد في إخراج المعلومة .
وأيا ما كان فقد خرج علينا هذا المحافظ وأدلي بدلوه للأعلامية لميس الحديدي ، ومما ذكره أنه سيعيد الدولار إلي الأربعة جنيهات وهذا شيئ من العبث ، تري أيعلم سيادة المحافظ أن الأسعار عندنا في مصر تعلوا ولا تنخفض ؟! أما يعلم سيادة المحافظ أنه بتعويم الجنيه المصري وما تبعه من تضخم سارع التجار علي إقتناص الفرصة ورفع الأسعار ؟! أما يعلم سيادة المحافظ أنه بسياسة الضغط واتباع سياسة الهيمنة علي كافة البنوك وخاصة التجارية الخاصة يعد نوعا من الجمود الذي يؤدي إلي هروب رؤوس الأموال ؟! .
أعتقد أنه لا يعلم والإجابة عندي أننا هللنا له علي تلك القرارات وكأنه فاتح عكا وساعده في ذلك وسائل الميديا المختلفة فأغرقوه في سلسلة من الإخفاقات تمهيدا لإحداث نوع من الفوضي الخلاقة في الجهاز المصرفي وتأثيره علي النشاط الإقتصادي .
لاحظت ذلك وتأكد لي من خلال إتصال هاتفي من الإعلامية لميس الحديدي بنجيب ساويرس والذي جاء وحضر خصياصا لتقطيع وتمزيق فروة محافظ البنك ، وعلي الرغم من أني أنتقدت ساويرس أكثر من مرة ، إلا أن تفنيده لقرارات سيادة المحافظ جد وجيهه من الأخر كدة بلغة المصطبة أكل عمنا المحافظ في الكلام ، وهذا يؤدي بنا إلي أمر أخر ، هل نجحت الإعلامية لميس الحديدي في نصب فخ لمحافظ البنك المركزي لإحراجه أمام الرأي العام ؟ .
وهذا يدخلنا في مدخل أخر هل هناك أتصال بين أصحاب رؤوس الأموال وبين السادة الإعلاميين والقائمين علي تلك القنوات لصناعة وبلورة مواقف وإتجاهات بعينها ؟! أم أن هناك دولا ومخابرات بعينها تدير هذا الملف وتوعز بشكل أو بأخر إلي اللعب علي أوتار الحياة الإقتصادية في مصر ؟!
أترك لكم تلك الإجابة .
ولكني وحريص علي تحقيق أستقرار نسبي في كافة الأوجه التي تشكل عصب الحياة في مصر لا بد وأن أنوه في إطار علاجي لهذه الأزمة ، علينا التحلي بالحكمة لدي صناع القرار وفي حالتنا تلك يتعين علي محافظ البنك المركزي القلعة المهيمنة علي السياسات رسم المالية في مصر أن يكون ثقيلا في حواراته ينظر إلي أبعاد أي تساؤول ، أستطرد القول بأني أتحدث عن وظيفة محافظ البنك المركزي وليس شخصه ، ويا ليته لا يظهر في برامج حوارية ، يتعين علي محافظ البنك المركزي أن يكون واقعيا ويتعايش واقع المرحلة بحلوها ومرها وأن لا يخجل من المصارحة والمكاشفة .
حمي الله مصر وجعلها سندا لعروبتها .