مقالات واراء

متى يتوقف مرشد إيران عن بث سمومه؟بقلم:هاني رشاد

احجز مساحتك الاعلانية

294790_101514329960013_2103043255_n

بقلم :هاني رشاد

متى يتوقف مرشد إيران عن بث سمومه؟.. مجدداً عاد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله على خامنئى، ليبث سمومه فى العالم العربى، مستغلاً خطبة عيد الفطر لزيادة التوتر فى البلدان العربية التى تنظر لها إيران على أنها تابعة لها، دون اعتبار لاستقلالية هذه الدول وسيادتها، فخامنئى الذى تحدث كمستشار قبل ذلك على أن مملكة البحرين إحدى محافظات إيران، قال فى خطبة العيد الأربعاء الماضى: «إذا كان هناك وعى وحصافة سياسية فى هذا البلد، فلا يجب أن يسمحوا بأن يتحول الصراع السياسى إلى حرب أهلية ولا يجب جعل الناس فى مواجهة أحدهم الآخر».

ورغم أنه بدأ حديثه بالجملة المعتادة بأن بلاده لن تتدخل فى الشؤون الداخلية للبحرين، لكنه دائما يتعامل بمنطق دس السم فى العسل، فبعد هذه الجملة التى مللنا تكرارها من خامنئى وبقية أركان النظام الإيرانى، تجدهم ينطلقون فى تصريحات تسير كلها فى اتجاه واحد وهى أن البحرين تابعة لهم، وأن من حقهم النصح والإرشاد لشعبها، وإلا سيكون مصيرهم الفوضى والإرهاب أو «نموذجا آخر من تحويل الصراع السياسى إلى حرب أهلية»، كما قال خامنئى فى خطبة الجمعة.

إيران تنظر للبحرين على أنها جزء من مملكتها، مستغلة فى ذلك الوجد الشيعى فى البحرين الذين يدين بعضه بالولاء للقيادة الروحية فى إيران، وتحركهم أوامر من طهران، وتسبب هذا التدخل فى زيادة حدة التوترات فى المنامة بداية من 2011، حينما تحرك شيعة البحرين الموالين لإيران فى محاولة للضغط على الحكومة والنظام الملكى تحت شعارات براقة مثل الإصلاح السياسى، وحينما استجابت الحكومة لمطالب الإصلاح لم تهدأ حركة الاحتجاج، لأن هدفها كان أكبر من ذلك وهو الإطاحة بنظام الحكم فى البحرين، وهو ما فطن إليه البحرينيون سريعاً ووقفوا سريعاً فى وجه الإطماع الإيرانية فى بلدهم عبر أذرعهم السياسية.

التدخل الإيرانى لا يقتصر فقط على البحرين، وإن كانت البحرين تمثل نموذجاً صارخاً لهذا التدخل، لكنهم يعملون بشكل مكثف فى العراق وسوريا ولبنان واليمن، وقد رأينا الاعتراف العراقى الإيرانى بأن قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى اللواء قاسم سليمانى يعمل «كمستشار» للحكومة العراقية خلال العمليات لتحرير مدينة الفلوجة من سيطرة تنظيم «داعش»، فضلاً عن أشكال متعددة للتدخلات الإيرانية التى لا يخطئها المتابع لمجريات الأحداث فى الشرق الأوسط.

بكل تأكيد فإن النفوذ الإيرانى فى المنطقة سيزداد خلال الفترة المقبلة بعد توقيعها للاتفاق النووى مع الغرب، خاصة أن لديها شعور بالقوة بعدما فتحت العواصم الأوروبية أبوابها لقادة إيران واستقبالهم استقبال الفاتحين، لكن هذا لن يدوم طويلاً تحديداً إذا ما تعرضت المصالح الغربية فى المنطقة للخطر، وهى المعادلة الصعبة التى على إيران أن تفهم أبعادها جيداً، فالاتفاق النووى رغم أهميته ومنحه القوة والنفوذ لطهران فى مواجهة بقية دول المنطقة، لكنه فى نفس الوقت لا يمكن اعتباره صك اعتراف غربى لإيران بأن تفعل ما تريده فى المنطقة.

إيران وفى إطار سعيها للتعامل مع المعادلة الجديدة وفقاً لفهمها هى، تحاول أن تلعب بنفس طريقتها القديمة، بأن تصدر للداخل الإيرانى كونها المتصدى الوحيد فى العالم للقوى لـ«القوى الاستكبارية وعلى رأسها أمريكا»، كما وصفها خامنئى، وأن هذه القوى هى المصدر الرئيسى للحرب والإرهاب فى المنطقة، رغم يقين الجميع بأن طهران فتحت منذ فترة قنوات تواصل مع واشنطن، وقبل أن توقع الاتفاق النووى توصلت إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة التى انتقلت من خانة الأعداء للأصدقاء.

نحن إذن أمام سياسة إيرانية تعتمد الأساليب القديمة رغم التغيرات التى تشهدها المنطقة، يبرمون صفقات سياسية سرية، وفى نفس الوقت يخرج خامنئى ليطلق التوصيفات الإيرانية القديمة، ويمارس هوايته الشهيرة فى الاستقواء وإظهار العضلات معتمداً على مكانته الدينية، وولاء عدد من الشيعة فى الدول العربية له، وبكل تأكيد فإن هذه السياسة ستجر إيران إلى زيادة خلافاتهم مع جيرانها، بما يؤثر على وضعية إيران واستقرارها.

Related Articles

Back to top button