بقلم _ أشرف الحواط
هناك شخصيات كان لها أثر كبير في حياة أمتها ووطنها فاستطاعت أن تكون جزءاً كبيراً وتشغل مساحة من تاريخ بلادها لأنها حولت مجرى التاريخ وشكّلت معالم الإنسانية ومن بين هذه الشخصيات شخصية قيادة صاحبة أعمال وأقوال لا تنسى سطرها التاريخ بحروف من نور لتضئ طريق أمتها وبني وطنها من بعده إنها شخصية القائد صاحب الثورة التي سميت باسمه هو الزعيم أحمد عرابي .
ولد أحمد الحسيني عرابي في 31 مارس من عام 1841م بقرية هرية رزنة بالزقازيق محافظة الشرقية ، تلقى تعليمه الأول بالأزهر الشريف والتحق بالجيش المصري في 6 ديسمبر 1854 م كاتبًا بدرجة ” أمين بلوك” ثم ترقي إلى أن وصل لي منصب ناظر الجهادية ( وزارة الدفاع حالياً )، وكان أميرالاي (عميد حالياً) وأتم تعليم القرآن في صغره .
كان أول ظهور حقيقي لاسم عرابى على الساحة حين تقدم مع مجموعه من زملائه مطالبين الخديوى توفيق بترقية الضباط المصريين وعزل رياض باشا رئيس مجلس النظار وزيادة عدد الجيش المصري. لم يتقبل الخديوى هذه المطالب وبدأ في التخطيط للقبض على عرابى وزملائه حيث اعتبرهم من المتأمرين .
تنبه عرابى للخطر وقاد المواجهة الشهيرة مع الخديوي توفيق يوم 9 سبتمبر 1881م فيما يعد أول ثورة وطنيه في تاريخ مصر الحديث والتي سميت آنذاك هوجة عرابي .
وخطبته الشهيرة :-
الخديوي توفيق:- ” كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساننا “.
عرابي:- ” لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم ” .
اضطر الخديوي توفيق للاستجابة لمطالب الجيش حين رأى التفاف الشعب حول عرابى .
تقع هرية رزنة على بعد 2 كم من الزقازيق على الطريق المؤدي إلى فاقوس وصان الحجر ، ولأنها مسقط رأس الزعيم أحمد عرابي فقد وقع عليها الاختيار لتكون مقراً لمتحف الشرقية القومي وقد أفتتح المتحف عام 1973 م ويضم المتحف أربعة مجموعات .
تتعلق المجموعة الأولى بالزعيم أحمد عرابي حيث تضم لوحات تاريخية وتماثيل نصفية ووثائق تتعلق بالزعيم ورفاقه .
أما المجموعة الثانية فتخص العادات والتقاليد والتراث الشعبي لمواطني محافظة الشرقية ، وخصصت المجموعة الثالثة لشهداء بحر البقر وهم تلاميذ مدرسة بحر البقر الذين ألقت عليهم إسرائيل أثناء عدوانها عام 1970 م قنبلة أودت بحياة عدد كبير منهم .
أما المجموعة الرابعة فهي مجموعة الآثار التي خرجت من مناطق أثرية في محافظة الشرقية وتضم تماثيل معدنية وتمثال على شكل أبو الهول وتمائم وأواني فخارية وحجرية وتماثيل لأفراد من أحجار ومعادن وأقنعة ومجموعة من الحلي وموائد القرابين وتماثيل وغيرها.
قال سيد عبد الفتاح عرابى، حفيد الزعيم الراحل أحمد عرابى، إن متحف عرابى بالشرقية تحول إلى “خرابة “، معتبراً أن محافظ الشرقية الأسبق حسين رمزى كاظم، هو السبب في الحالة السيئة التي وصل إليها المتحف، بعد صدور قرار منه بإغلاقه عام 2007، بحجة ترميمه .
وخلال مراسم الاحتفال بذكري الثورة العرابية يجدد حفيد عرابى المشهد التاريخى الشهير لوقفة الزعيم احمد عرابى أمام الخديوى توفيق بقصر عابدين واعتلى الجواد وسط احتفالية ضخمة على أنغام الأغانى والأناشيد الوطنية والفنون الشعبية ، والطبل والمزمار .
وطالب حفيد عرابي، بإحياء المتحف من جديد، وترميمه وافتتاحه للسياح، باعتباره ثروة تاريخية وقومية، كما أضاف عدد من سكان قرية “هرية رزنة ” بالشرقية أن المتحف تحول إلى وكر لتعاطي المخدرات، ومكان للقمامة.
فكل يوم ترتكب جرائم فى حق المبانى الأثرية وبجوار متحف الزعيم أحمد عرابي بأمتار قليلة يوجد منزله البسيط الذي عاش فيه وشهدت جدران هذا المنزل على كثير من الأحداث والأسرار من تاريخ مصر في هذه الفترة .
وتمكن الإعلامي المتميز أحمد رجب بتليفزيون الحياة من دخول المنزل الريفى القديم الذى تم بناؤه منذ أكثر من 150عاماً، وهو المنزل الذى عاش فيه عرابى وحفظ على سطحه القرآن الكريم، ورصد أحمد رجب من داخل المنزل الأثرى لقطات مؤسفة إذ تحول المسكن إلى شبه خرابة فالقمامة تحيطه وأطفال القرية يكتبون بالطباشير على بابه والبيئة وعدت بنظافته وتشكيل لجنة لمعاينته.. والمحافظ ينتظر رد الآثار لتنظيف البيت.
وتحدث الإعلامي أحمد رجب مع أحد أحفاد الزعيم الراحل عرابي والذي انهار من البكاء لما يراه من تراث مصر وتراث جده الذي يضيع بسبب إهمال الدولة وناشد رئيس الجمهورية للتدخل السريع لإنقاذ الموقف وخصوصاً أن المتحف مغلق لقرابة 10 عاماً .
لماذا تتباطأ الدولة أو لا تبالي بالحفاظ على الكثير من تاريخها ومتحف عرابي ومنزله بالشرقية ليسوا أول ضحايا إهمال للتراث والتاريخ لذلك نناشد رئيس الدولة بالتدخل السريع لإنقاذ تاريخ وحضارة مصر من مسلسل الإهمال والضياع .