بقلم المفكر الكبير
حازم خزام
رئيس الهيئه العامه للإستعلامات برئاسة الجمهورية
تنقلها لكم/ د. نائلة عبد الرحيم بالقصر الجمهوري بعابدين بقطاع المعلومات السياسية ..
تزعجني كثيرًا جدًا، تلك المقاربات المغلوطة، التي يتعامل بها الكثيرون، مع الأحداث التي تجري في إعلامنا وخصوصا تلك التي تتعلق بما يسمي الإرهاب، فالإرهاب لغويًا وقرآنيا، يعني التخويف والتفزيع والترويع لعدو محتمل، أو أعداء محتملين، من مغبة المبادرة بالأعتداء، وذلك عن طريق أعداد القوة اللازمة لمواجهة هذا العدو المحتمل، أو هؤلاء الأعداء المحتملين، باعتبار أن القوة اللازمة لمواجهة الأعداء، من شأنها ردع من يفكر في الأعتداء، لأن من ينتوي الاعتداء يعلم مسبقًا، أنه سيواجه بقوة، يرجح لأنها ستكبده خسائر مادية ومعنوية، تفوق أي مكاسب يحتمل أن يجنيها، من خلال إعتدائه، أي أن الإرهاب هنا، وسيلة دفاعية وقائية استباقية، مشروعة ومقبولة ولا ضرر منها .
وهذا بالتحديد هو المعنى الذي تعتمده القوي الدولية، فيما بينها، ويعرف بـ ( سياسة الردع )، النووي أو الصاروخي أو الجوي، أو أيما كان نوعه، وهو ما يحفظ ( التوازن الدولي )، ويتيح للبشر الإستمرار في الحياة، أيا كان نوعها، على الأقل حتي الآن .
وعلى من يتشكك في ذلك، أن يراجع كيفية تعامل أمريكا، مثلًا، مع العراق بحجة أنه يمتلك أسلحة نووية، وهي تعلم أن ذلك غير صحيح بالمرة، مقارنًا بكيفية تعاملها مع كوريا الشمالية، التي تعلم يقينا أنها بالفعل تمتلك اسلحة نووية، وترسانة صاروخية، قادرة على إلحاق الإذي بأمريكا، أو قواعدها، أو حلفائها، وكذلك الأمر مع إيران، بل الصين وروسيا الإتحادية وغيرهما .
ذلك هو الإرهاب بمعناه الإيجابي محليًا وإقليميًا ودوليًا، ولذلك أعتقد، من وجهة نظري المتواضعة جدًا، أن شعبًا كشعب مصر، المستهدفة على مدار الـ 24 ساعة طوال الوقت، يتوجب عليه أن يدعم كل خطوة يتخذها جيشه الوطني، لإمتلاك القوة اللازمة لإرهاب كل من يفكر في الاعتداء عليها، بشكل أو آخر، لأى سبب، وعليه فأمثالي من المواطنين الذين يعشقون هذا الوطن ينزعجون جدًا، من أي كلمة أو حرف، من شأنه النيل من الجيش الوطني، أو استكمال خطته لإمتلاك أحدث أنواع الأسلحة، حتي يكون قادرًا على تحقيق هذا الهدف، الذي قد يمنع الحروب قبل وقوعها، أو الذي يكفي لمواجهة أي اعتداء عند اللزوم، حتي أني قد اعتبر أي كلام من هذا القبيل، عمل عدائي ضد الوطن، سواء كان عمالة أو جهالة، بقصد أو بغير قصد .
فهل ما نواجهه الآن من إرهاب من هذا النوع ؟
الأحداث المسجلة بالصوت والصورة، والتي لا ينكرها إلا بعض من يمارسون الإرهاب، أو حلفاؤهم، أو المتعاطفون معهم، جهالة أو عمالة، تؤكد أنه نوع من الإرهاب، لا علاقة له بما سبق .
إنه الإرهاب الذي يعني، ببساطة، التهديد باستخدام القوة، أو استخدامها فعلًا، لا لمواجهة اعتداء محتمل، أو قائم فعلا، وهو ما يدخل في إطار ( حق الدفاع الشرعي ) عن النفس، وإنما لفرض رؤيا أو قناعة أو أجندة أو برنامج لتحقيق مصلحة ما، أيا كان نوعها، لمن يمارسه هذا النوع الأسود من الإرهاب، رغم أنوف الآخرين، وهو ما يدخل في إطار ( الأعتداء المباشر أو غير المباشر ) على هؤلاء الأخرين .
الجريمة، بما فيها الجريمة المنظمة، تستهدف تحقيق مصلحة، صغرت أم كبرت، للمجرم، ولكنها في كل الحالات جزئية، ومؤقتة مهما طال زمنها، تطول شخصًا أو جماعةً، أما الإرهاب الأسود الذي نعنيه، والذي نواجهه الآن، فجريمة منظمة تستهدف تحقيق مصلحة للإرهابي المجرم أو مَن وراءه، ولكنها جريمة كلية الطابع ومستمرة الهدف وتطول شعبًا أو أمة أو قطاعًا من هما .
والذي يعنيني هنا، ليس هو البحث في الأسباب والأهداف، فلذلك مقام أخر، وإنما كيف نواجه هذا الإرهاب ؟
الذي يقول بمواجهته بالحوار، والمصالحة وما شابه، يقترح ما يصلح لمواجهة الأسباب والأهداف، بينما نحن الآن بصدد إرهاب إجرامي، يستخدم القوة بأبشع وأخس صورها فعلاً، فهل يصلح معه مثل هذا الكلام ؟ أم يصلح معه استخدام قوة مضاده، تقضي عليه، أو تجبره على مراجعة أسبابه وأهدافه ؟
فرق كبير بين مواجهة الغلو والتشدد والتطرف، الذي ينتج الإرهاب، وهذا يتعامل معه في إطار ( علم الإجتماع السياسي ) و ( علم النفس الإجتماعي )، وبين استخدام القوة، حيث لا اتصور أن يقول لي عاقل : إن هاجمك مسلح يريد قتلك أو الإستيلاء على مالك أو هتك عرضك، حاوره أو صالحه، فهذا نوع من الجنون والعبث والإستهبال، يواجه بالقوة، القوة التي تعني السلاح أو القوة التي تعني القانون، حسب الحالة .
الحوار قد يصلح لمرحلة ما قبل حمل السلاح أو بعدها ولكن ما يصلح لمواجهة السلاح، حال استخدامه، هو السلاح أو القانون .
الخلط بين الحالتين جريمة في حق الوطن، ولو ارتكبها من لا يقصد، فالله لم يترك القتل الخطأ، بدون تبعة بل فرض الدية، وهو نوع من العقاب، فما بالنا بالقتل مع سبق الأصرار والترصد ؟!
إن من يقول أن الفقر أو الجهل أو الإستبداد أو الفساد سبب للإرهاب قد يكون محقًا، ولكن هذا شيئ وحمل السلاح ضد الوطن، ومواطنيه شيئ آخر، فتلك جريمة كاملة لا يشفع فيها أن يكون الإرهابي المجرم فقيرًا أو جاهلًا أو مقاومًا للفساد أو الإستبداد، لأنه ببساطة يرتكب ماهو أكبر من كل هذه الجرائم، وهو القتل والتخريب وتدمير الأوطان والدين والإنسانية، وكل القيم السامية، لأن الأرهاب الأسود يطول الآخرين ممن قد يكونون فقراء وجهلاء ويعانون من الإستبداد والفساد مثله، لو صح هذا الكلام، فالقاعدة الشرعية والإنسانية في العالم أجمع، بطول التاريخ وعرضه، هو أنه ( لا يجوز دفع الضرر بما هو أضر منه ) !!!
ولذلك تزعجني المقاربات المغلوطة، التي تخلط بين موقفين هما التطرف والأرهاب الإسود، واعتبر ذلك نوعًا من تبرير هذا النوع من الإرهاب، وإن كانت الأسباب التي قد تؤدي للتطرف، حقا في حد ذاتها، فالتطرف شيئ والإرهاب شيئ آخر .
فهل يتبصر من يمارس مثل هذا الخلط بدون قصد ؟
حفظ الله مصر وأبناءها الشرفاء ، من كل شر وسوء وضر ، رغم أنف أعدائها بالداخل والخارج بأذن الله .. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وشرطتها ..
شكرا للصديق المحترم حازم بك خزام رئيس الهيئه العامه للاستعلامات برئاسه الجموريه..سمير المسلمانى