85 حالة قتل حكومي قمعي تحت مُسمى الإعدام على يد نظام الملالي في إيران خلال الـ 20 يوماً الماضية، ولا تزال حملات الإعدام تحت هذا المُسمى قائمة ومتصاعدة كإجراء استباقي للهروب من ثورة الشعب التي يترقب النظام حدوثها لإسقاطه ومحوه من الوجود، وتلقي حملات الإعدامات الوحشية هذه والممارسات القمعية المتصاعدة بظلالها السياسي على الوضع السياسي المتأزم أساساً في إيران وتطرح تساؤلات حول مستقبل النظام الحاكم ووجوده.
تصاعد القمع الحكومي
تُعد هذه الموجة من القمع أحدث حلقة في سلسلة من الانتهاكات التي تُمارسها الحكومة الإيرانية ضد مواطنيها ففي السنوات الأخيرة قمعت السلطات بشدة أي شكل من أشكال المعارضة مستخدمةً الاعتقال التعسفي والاحتجاز المطول والمحاكمات الصورية، وتشير الأحداث الأخيرة إلى تصاعد هذا القمع إلى مستويات غير مسبوقة في إيران، وتُعتبر عمليات القتل الأخيرة جزءاً من حملة واسعة تهدف إلى كبح المعارضة وإسكات الأصوات المناوئة للنظام.
الاحتجاجات الشعبية المتزايدة في إيران بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والفساد المستشري، والقمع السياسي من العوامل التي تفسر هذا التصعيد الذي تمارسه سلطات نظام الملالي محاولا بشتى السبل كبح جماح الشعب والحيلولة دون تصعيد الموقف الجماهيري المتأجج من جهة ومن جهة التلويح بالعصا الغليظة لتيارات السلطة الداخلية المتنازعة فيما بينها داخل واقع النظام المتهرئ على السلطة والنفوذ مستغلة الظروف القائمة.
مستقبل النظام الإيراني
اتخذت عمليات الإعدام في إيران منذ نشأة النظام توجهاً ومنهجاً إنتقامياً كان القصد منه القضاء على المعارضين وترويع المواطنين الأمر الذي ترك ردة فعل جماهيرية غاضبة تجاه النظام تجلَّت في الانتفاضات الوطنية المتوالية وكذلك في عمليات مقاومة نوعية استهدفت مؤسسات النظام وكوادره مما دفع الولي الفقيه علي خامنئي إلى توجيه سلطات نظامه الآيل للسقوط نحو بذل أقصى الجهود من أجل السيطرة على الأوضاع من خلال تصعيد عمليات القمع والإعدام وملاحقة النساء واضطهادهن بذريعة الحجاب.
يطرح هذا التصعيد في نهج نظام الملالي العديد من التساؤلات الجدية حول مستقبل النظام؛ فاستمرار القمع والعنف سيؤدي لا محالة إلى مزيد من تأجيج السخط الشعبي ضد النظام وبالنهاية إلى قيام ثورة شعبية واسعة تأتي على الأخضر واليابس ومع ذلك يستمر النظام في نهجه رغم معرفته بالنتائج وبوضعه الداخلي المُتفكك، وهنا لابد لنا أن ننتبه إلى شكل العلاقات بين الملالي والغرب وهو ما يعول عليه النظام من أجل البقاء في السلطة من خلال تغاضي الغرب عن الإعدامات الوحشية والقمع الشديد وانتهاكات حقوق الإنسان.
ووفقاً لتوجُّه نظام الملالي فقد بادر هذا النظام اللاإنساني حسبما أفاد بيانٍ رسمي صادر عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بإعدام عشرة أشخاص من بينهم إمرأة، بتاريخ 8، 9 أيار (مايو) في سجون أرومية وسمنان وكرمان، من بينهم أربعة سجناء من البلوش، وأما مقتل الفنان البلوشي الشهير بلال نصرويي بطعنات سكين أمام الفرقة 88 المدرعة وبجوار مكتب المخابرات في زاهدان فقد كان ملفتاً للنظر إذ لا يمكن لنظام شرعي أن يتبنّى نهج العصابات هذا الذي يتبعه نظام الملالي، حيث تعرَّض قبلها إلى تهديدٍ بالقتل مؤخراً من قِبل عناصر الحرس، وقد أبلغ الضحية أصدقائه بذلك قائلاً: “إذا تم اغتيالي فاعلموا أنه لا أحد سوى الحرس مسؤولٌ عن ذلك إذ ليست لدي أي مشكلة أو قضية مع أي شخص آخر”.
يبدو أن النظام باستهدافه الفنان البلوشي بلال نصرويي والمخرج والناقد السينمائي الشهير محمد رسول بتهمٍ باطلة؛ بات يُركز على إخماد صوت الشعب إما بالقتل أو القمع؛ حيث حكم الملالي على محمد رسول بالسجن 8 سنوات والجلد ودفع غرامة مالية ومصادرة أمواله وهي على حد قول البيان عقوباتٌ لا تتوافق حتى مع قوانين النظام نفسه.
ختام يعيش نظام الملالي أحلك فترات تاريخه المعاصر حيث يواجه النظام تحديات كبيرة في الداخل والخارج، ولن يؤدي القمع الشديد وعمليات القتل الحكومي إلا إلى تعميق الأزمة وزيادة العزلة المفروضة على النظام داخلياً، وهنا يبقى السؤال الأهم قائماً هل سنقف نحن أبناء المنطقة المتضررين من طغيان نظام الملالي إلى جانب ثورة الشعب الإيراني من أجل خلاص دول وشعوب المنطقة من تدخلات نظام الملالي ونهجه العدواني وتحقيق تطلعات الشعب الإيراني في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية أم سنظل في دائرة القلق والاضطراب بعيدا عن الحلول العملية لأزمات المنطقة.