بقلم / وائل نصار نصر
اصدقائي الاعزاء مقالي اليوم غاية في الاهمية , واستغرق مني الكثير من الوقت في البحث والتفكير وكان ذلك بسبب ثلاثة مواقف مررت بهم في الأيام الماضية
الموقف الاول : شاب في العشرينات يتسول في الشارع وحينما سألته لماذا لا تعمل ؟ قال لي ” قدرنا كدا انت مش عايش في البلد ”
الموقف الثاني وجدت رجل يبحث في أكياس القمامة عن طعام مما استفزني الموقف وسألته لماذا تفعل ذلك ” قال نصيبي كدا ربنا عايز كدا ” .
الموقف الثالث : في احدى الصيليات لم تتمكن احدى السيدات من سداد ثمن العلاج الخاص بها بالكامل وكانت إحدى العبارات التي سمعتها من السيدة “احنا ربنا كتب علينا الفقر ”
بغض النظر عن ردود افعالي في هذه المواقف ولكنهم تركتوا في ذهني تساؤلات وعلامات إستفهام كبيرة بحثت عن اجابات لها وفكرت بعمق فيها واحببت أن اشاركم خلاصة ما توصلت اليه .
التساؤلات :
هل فعلا ربنا كتب على هذه الناس الشقاء ؟ هل ربنا اراد لهم الفقر ؟ هو الإنسان في الأصل مسير أم مخير ؟ اذا كان مخيرًا لماذا لم يختار الوقت الذي يولد فيه ؟ واذا كان مسيرًا لماذا سيحاسب ؟ هل الله كتب علينا كل شئ سيحدث ؟ اذا كان نعم لماذا اذًا سنحاسب ؟ ما معنى القضاء ؟ وماذا يعني القدر ؟
هيا بنا نرى إجابات هذه الاسئلة
للإجابة عن الاسئلة المتعلقة بالقضاء والقدر ينبغي أن نتطرق في البداية إلى الفرق بين مصطلحين غاية في الأهمية الا وهما ” إرادة الله .. ومشيئة الله ”
إرادة الله بالانسان دائما خير ” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ” .
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ”
وشاء الله للإنسان الخير والشر ليختار لأن هناك جنة ونار وثواب وعقاب فترك للإنسان المشيئة في إختيار الشئ أو نقيضه في إختيار الإيمان أو الكفر في إختيار الغنى أو الفقر وفي النهاية ان اخذ بالاسباب وصار غنيا فهذا وافق إرادة الله ومشيئة الله وإن لم يأخذ بالأسباب وصار فقيرًا فقد خالف إرادة الله ووافق مشيئة الله ” وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ”
وبالتالي من يلصق فشله أو فقره أو ضعفه بإرادة الله فهذا كذاب كذاب كذاب ولكن هذه هي مشيئته التي سيحاسب عليها
وهنا هيا بنا نتطرق إلى قضاء الله .. والقدر
ما معنى قضاء الله ؟ قضاء الله هو حكمه وهو نوعان
النوع الأول : قضاء جبري .. ليس للإنسان حكم فيه وهو فيه مسير ولا يحاسب عليه , مثل نوعه , لونه ,عمره ,والديه, بلده ” ولو اطلع الإنسان على الغيب لوجد إنه أفضل إحتمال له ” هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا ۖ وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ۖ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ”
النوع الثاني : القضاء الإختياري .. وهو منهج الله , ويمكن للإنسان أن يوافقه أو يخالفه بمعنى أن الإنسان فيه مخير “وسيحاسب عليه وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ”
القدر هو علم الله الازلي بما سيفعله الإنسان ولكن كتابة الأعمال تكتب بعد أن يفعلها الإنسان وسأوضح لكم هذا بمثال تخيل معي مدرس يوجدعنده عدد من الطلبه ويوجد طالب سلوكه سئ ولا يقوم بالمذاكرة وغير مهتم بدروسه فالمدرس قال هذا الطالب سوف يرسب .. واتى الامتحان وفعلا هذا الطالب رسب .. السؤال هنا المدرس المسئول عن رسوب الطالب ؟ ام الطالب نفسه وسلوكياته هي السبب والمدرس كان عنده علم بان الطالب سوف يرسب ؟
وهنا يوجد فرق بين العلم بالأعمال والأفعال التي يقوم بها الانسان وبين كتابتها .. فعلم الله الأزلي الكاشف يعلم ويحيط بكل شئ علمًا ولكن كتابة الأعمال تتم بعد فعلها “بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ”
لذلك نحن نتعامل مع قضاء الله وهو جبري او اختياري والانسان فيه مسير او مخير اما قضاء الله فلا علاقة لنا به لانها تخص الله سبحانه وتعالى من مقادير السموات والارض مقادير في حركات النجوم هذا هو علم الله الازلي الذي يحصي كل شئ
لذلك ” ليس كل ما قضاه الله يكون قدرًا وليس كل قدرًا يوافق قضاء الله” وانت المسئول عن انك تكون غني ام فقير شقي ام سعيد مفسد في الارض ام معمر في الارض لك مطلق الحرية في كل ذلك وإرادة الله بكل البشر خيره فوافق إرادة الله ولا تخالفها .