الأدب و الأدباءالتقارير والتحقيقاتالثقافةحصرى لــ"العالم الحر"

لونا قصير..ارسمني وردة في خيالك، واقطف كل ورقة بتأني.

احجز مساحتك الاعلانية

 الاعلامى سمير المسلمانى

فى حوار

مع الروائيه الروائية لونا قصير.

ارسمني وردة في خيالك، واقطف كل ورقة بتأني. توقف عند الأخيرة، تنشق عطرها، مع كل نبضة قلب، ألف مرة نعم.. فلماذا تسألني بعد؟

الروائية لونا أحمد قصير ، هى  امرأة حالمة، رومانسية، متفائلة، الأنثى التي تتكلم عن المحبة بشغف والمرأة القوية التي تعمل ولا تستسلم. من اب لبناني وام فرنسية ولدت وترعرت في طرابلس الشمال. غادرت لبنان مع عائلتها خلال الحرب الأهلية في لبنان، وعادت بعد سنتين من الغربة بفكر مختلف اسس لمفهوم ثقافي جديد وهي في سن المراهقة.. لونا قصير امرأة مختلفة، فهي متعددة الثقافات صنعت لنفسها منجز أدبي على الرغم من ظهورها المتأخر على الساحة الثقافية اللبنانية والعربية ونالت رواياتها مديات واسعة.
حبها للكتابة ليس بجديد، فمنذ سن المراهقة كانت تكتب يومياتها الشخصية وكل ما يدور من حولها من أحداث وخاصة أن الحرب الأهلية في لبنان في عزها، ولا بل تخطت الواقع وراحت تكتب ما بعد الحدث وما تأثيره على الفرد. تتصف رواياتها بالرومانسية والواقعية، تأخذنا رواياتها إلى أعماق النفس الإنسانية ، وتتنقل مع أمكنة تنسجها لوحات فنية مليئة بالمشاعر و المعرفة العميقة..

تقول لونا: بعضُ القرارتِ في الحياة، نحنُ نختارُها، أمّا قرارُ الكتابة، فهو ليس بجديدٍ بالنسبةِ لي. لقد رافقني منذ سنينِ، على أوراقٍ نثرتُها هنا و هناك. لم تَدم عُمراً، لأنني كنت أمزّقُها، مع بزوغ الفجر!!
منذ أربع سنوات وبالتحديد في عام 2014/ عادت ذاكرةُ الماضي، لم تنسَ ما كتبته، على أوراقِ قديمة، راحت تبتسمُ، وتقولُ لها: اكتبيني واكتبيهم. صدر لها القميص الزهري أول باكورة أعمالها وهو عبارة عن ثمانية وسبعين نصا متنوعا: وجدانيات وخواطر و قصص قصيرة كتبت فيه عن مواضيع مختلفة : انسانية واجتماعية ولم تنس الطبيعة التي تعتبرها ملهمة أساسية بالإضافة إلى الموسيقى..
تقول لونا: الكتابة حرية لا يعرفها أو يشعر بها إلا كاتبها، أنت سيد نفسك، تغط وتحلق وتسافر أينما شئت، لا أحد يستطيع أن يزعج أفكارك ويمنعك من كتابة ما تريد وما أنت مقتنع به. أقضي أوقاتاً طويلة في الكتابة فهي فن مثل الرسم والموسيقى، بعض الكتابات تصل إلى القارىء وكأنه أمام مشهد سينمائي، إن استطعت أن تنقله معك إلى عالمك وجعلته يعيش الأحداث مع أبطالها فأنت نجحت.. أوليس هذا نوع من الفن!! بل من أصعب الفنون لأنك تحرك مشاعر القارىء من غير مشاهد حسية ومن خلال حروف ترقص كنغمات الموسيقى ومهما كان نوعها، نغمات حزينة أم فرحة، أم مقنعة، المهم أن تصل إليه وتحرك مشاعره سلباً أو إيجاباً.. الكتابة دواء للكاتب والسامع والقارىء، الكتابة تنقي النفس من الألم والحزن والمعاناة والوجع والمشاعر المتناقضة والمتخبطة فهنيئا لكل شخص كتب ويكتب ليعبر عن مكنوناته وما يجول في فكره، الحروف وفية تحتضن جميع القلوب دون استثناء وبغض النظر عن انتماءه ومعتقداته..
وتنهي قائلة:
فمن ليس لديه قصة يرويها في الحياة!!! كل فرد لديه أكثر من قصة الفرق يكن في كيفية ايصالها إلى الاَخر واستنتاج الحكمة والعبرة منها!!

لقد نجحت لونا قصير بفترة زمنية قصيرة أن تثبت مكانتها في عالم الرواية الرومانسية، ووظفت أدبها وصقلته بمواهب الإنسانة التي تريد أن تقفز إلى الأمام لتواكب الحضارة في تطورها، فنجددها تطرح الكثير من المشاكل الإجتماعية والإنسانية، ومفارقات بين الغرب والشرق، و تاثير الحروب على قدر الفرد وبالتالي المجتمعات، اسلوبها السهل الممتنع ، فهي تمتلك الموهبة والإحساس الفائق لتوصل الفكرة إلى القارئ باسلوب سلس ومتمكنة من حيث الحبكة وتسلسل الأفكار والأحداث والإنسيابية والتشويق فلا تشعر بالملل خلال القراءة..
عندما سألتها إن كان لديها طقوس معينة للكتابة، بعفوية تجيب أن الصدق، والإحساس والشفافية والتأمل والوحدة والنضوج والموسيقى والطبيعة هم من أهم أدوات الكتابة. كتابة الرواية لديها هي الإنتقال إلى عالم اَخر فتعيشه حقيقة، ومهما تعدد ت أبطالها، يبقى الكاتب هو البطل الأساسي يحرك الشخصيات كما يريد ومتى يشاء.
الموسيقى بالنسبة لها مهمة جدًا فهي تؤجج المشاعر الراكدة في العقل والقلب، فعندما تسمع الموسيقى الحزينة تتدفق المشاعر الراكدة، فالبعض تنهمر دموعهم بصمت والبعض الاَخر يكتبون بصمت، ويتركون العنان للحروف بالبكاء عنهم في صرخة تنتشر أصداءها حيث يجب لتبقى وتخلد..
أنا وأنت والقليل من الموسيقى، نرضى.. هذا الحب لا يحتاج إلى رسائل ليتوحّد العالم في لحظات.. اسمع الكثير منها واترك روحك تعلو في أفق بلا حدود، لتصل دمعة سلام لأهل السلام، ولمن قست عليهم الحياة..

تأخذنا في بعض الأحيان الحياة بضجيجها وننسى أشياء كثيرة. فجأة تعود تلك اللحظة على غفلة في أغنية، في صورة، في ابتسامة، في حركة، نجلس وكأننا أصبنا بصدمة.. تتأجج في قلوبنا ذكريات وإن كانت جميلة، نشعر بغصّة لن تواسيها إلا دمعة واحدة، ونكمل من بعدها طريقنا..
تعتبر لونا أنه من المستحيل أن تكتب رواية من غير أن تكون بصمات شخصيتها واضحة في بعض الأحيان، فكل رواية تبدأ من واقع، هو بمثابة أساس كل لرواية ومن بعدها تحلق في عالم آخر ممكن أن يكون من خلال أحداث لا علاقة لها بها وخيال الكاتب الذي يوظفه لصالح الرواية.. وهنا تكمن قوة ابداع الكاتب في نقل القارئ الى عالمه ولكن يجب أن يكون المضمون يمس القارئ إن كان من الناحية الإجتماعية أو الإنسانية ، كتابة الرواية بالنسبة للونا تعني الإنتقال إلى عالم اَخر فنعيشه حقيقة، ومهما تعددت أبطالها، يبقى الكاتب البطل الوحيد الذي يحرك الشخصيات كما يريد ومتى يشاء. في النهاية الرواية هي مجموعة أحداث متفرقة نجمعها كمن يلتقط النجوم في السماء و يضعها في قالب وكله حسب الحدث وإن كان في غير مكان وزمان لكن يجب أن يكون كل حدث قد ترك أثرا في قلبه كي يستطيع أن ينقله بكل صدق وشفافية..
تقول لونا: الروايات حقيقة، لكنها لا تخلو من الخيال، يغير الروائي الحدث حسب ما يتمناه أم ما يراه مناسبا، و في بعض الأحيان للهروب من واقع حزين فيعكسه حسب ما يتمناه، أم يتركه كما هو، لكن تبقى الرسالة والعبرة هي الأساس، وهذه الإضافة الخيالية

القميص الزهري 2014
.
القميص الزهري وهو أول باكورة أعمالي كتبت عن الحب والموت والمرض والغربة والطبيعة، لكن جاءت على شكل نصوص متفرقة إن كان في الزمان والمكان ، ولكن المشاعر لم تتغير والهدف كان دائماً التطرق إلى الإنسان ومشاعره في جميع الأحداث والمواضيع..

الجسد والروح

أنتِ وأنا نضحك حيناً ونبكي أحيان، ونرضى معاً
أنت وأنا كُتب لنا ألا ننفصل،
حزنك دموع ووجعي دواء،
إن إجتمعا قُضي علينا،
لا أستطيع أن أحميك من جسدي الضعيف،ولا أنت تساعدين لأنهض من جديد،
فننزلق معاً.
تبتسمين لي،
أصدقك،
أركض الى مراَتي و أنتقي أجمل حلّة،
نسافر معاً إلى عالم مجنون،
نقطف وروداً وأحلاماً وقصصاً كتبناها معاً على ضوء القمر.
يحلو لنا العيش مع ابتسامة و كلمة حب خُلقت لنا،
أنت لا تكبرين ،
وأنا سيُحسب كلّ يوم من عمري سنة..

رواية بلاد القبلات: 2015
من أين لك هذه الكلمات؟ أنت يا امرأة ضحكت عند شروق الشمس.. لم أتخيلك ﹰيوما أنك ترقصين في الليل مع حروف حب كتبها لك قلبك. من ﹼعلمك الحقد؟ لتكتبي نقيضه. ﹶمن ﹼعلمك الحب؟ لتدافعين عنه؟

رواية بلاد القُبلات سلسلة من الأحداث والمغامرات المُشوقة والمتنوعة، درامية لكنها لا تخلو من المواقف البريئة والمضحكة…. السعادة لحظات أو ساعات، لا نتردد في حياتنا عند كل مناسبة من استقبالها لننعش ذاكرتنا بها ونبتسم في الأوقات الصعبة.. وما اكثرها..
الوجدانياتْ والخواطرْ في القميصْ الزهري، هي النواةْ الأساسيةْ، التي أثمرتْ ولادةْ رواية بلادْ القُبلات.. كتبتُها بصيغة المُتكلم لسببين: أولا:
لإيصال المشاعر بشكل مُباشِرٍ الى القارىء.
وثانياً
لأنَها في الحقيقةْ تمُتْ بصلة وثيقة بأحداث واقعية من الحياة، لكِنَها لا تخلو من الخيال.
من خلال هذه الأحداثْ، انتقلتُ من رؤية مُحايِدة الى رؤية ذاتية داخلية كتبتُ فيها عن وجهَة نظري. وتركتُ الحُرية للقارىء كي يختار الرؤية الصحيحة التي يراها مناسِبة في التعامل مع الحياة…
يتخذ عاملْ الزمن في الرواية إيقاعاً استرجاعياً، السردْ والتصويرْ يتماشىَ مع العاملْ الزمني والإنتقالْ بينَ مراحلْ العُمرْ لأنَهُ يرتكزْ على الذاكرة (Flash Back (
“بلاد القبلات” جزءٌ لا يتجزأ من النصْ وهو النُقطةْ الأساسية لتحوّل شخصية فتاةْ، سافرت الى فرنسا ، وبدأت تقارن بين التقاليد والعادات الإجتماعية في الشرق والغرب.. واختلاف التربية والثقافة بينهما، ومدى تأثيرِها علينا وخاصة في مرحلة المُراهقة.. لأننا في هذه المرحلة كالعجينة قابلة للتأقلم بسرعة.. فالحريات والتقاليد والعادات عندَهم لا تُشبه مجتمعَنا العربي.. فأيٌ منها الأصح وما الفرق؟ فهل نحن مجتمعٌ منفتحٌ كما ندعي؟
تبدأ الرواية بحوار بسيط، لن يفهم القارىء من الشخص المتلقي إلا في نهاية الرواية.. تروي السيدة عن أحداثٍ ابتدأت من مهدْ الطفولة الى سنٍ متقدمَ من العمر، عَبرَ حوارها وفي كل حدث علامة استفهام تطرح من خلالِه ما مدى علاقة هذه الأحداثْ في تغيير مصيرِنا في الحياة.
الحربْ الأهلية في لبنان كانت سبباَ مباشِرا لإنعطاف مسارْ ومصيرالكثيرين من أبناء جيلي. هذه الحرب التي وللأسف لم يزل المجتمعْ العربي يعاني منها بسبب الحروبْ الدامية التي تحيطُ بنا وإن كانت بأساليبَ اخرى لكنها لم تزل موجودة.. وهنا أتساءل هل نحن من يختار مُستقبَلَنا أم قدرَنا مكتوبٌ علينا؟
في الحرب كما في الحياة.. لا نسأل لماذا اندلعت؟ بل نُفكر بالنجاة ؟ وكذلك في معركة الحياة لا نستطيع أن نحللَ بعضَ الأحداث في حينِها رُبما بعد مرورِ الزمن نقرَأُُها بشكل محايدْ لأننا ابتعدْنَا عنَها.. فكيف نطلب من براعم الحياة أن تتفتح كالوردة وهي لم تَشُمَ من عَبَقِها إلا الأحلام الجميلة التي رسمتها. العلمُ والثقافةُ هما الخلاص الوحيد لإنماء ثقتهم بنفسهم ومواجهة مصاعب الحياة لتأسيس مجتمعٍ صالحٍ وبالتالي الحفاظْ على الوطن..
كما تطرقت الى مدى قدرةْ الإنسان على التحملْ؟ هل الإستسلام للأمر الواقع هو هروبْ مؤقت بسبب الإرهاقْ الفكري والجسدي ؟ هل التجارِب القاسية التي يمر بها الإنسان ستمنَحُه القوة أو ستقضي عليه مع الوقت؟ أمْ أنَّ الطاقَات الجسدية والعاطفية تختلفُ من شخص الى اَخر؟
انهمرت دموعي على وجنتي، وبدأ صوتي يرتجف   بسرعة ناولتني محرمة من جيبها.. محرمة بللتها الدموع، كانت تجففها كل يوم وتعود تناولني إياها في اللحظة المناسبة.. إن عصرت فاحت منها أسرار وأسرار.. ثم تعود وتأخذها مني وتخبئها من جديد في جيبها لليوم التالي..

لم انسَ ان أذكرَ أيضاً الصعوبات التي تتعرض اليها المرأة العاملة..هل نحنُ لم نزل نعيش في مجتمعٍ ذكوري؟
تحدثت عن المرض والموت ومعاناتِه والعجائز المَنسيّين من قبل أولادهم وعائلاتهم ومصيرِهم المجهول. من يحمِيهم في شيخوختهم؟
من قال إن أمطرت عندك.. تشرق الشمس في سماء تختلف عن وقتك.. ليتني معك.. كنت استطعت أن أشاركك.. كاليوم الذي كنت معك،علي أسرق من دموعك.. وأخفف القليل من أحزانك..

يلعب الإنسان الحكيم دوراً مهماً في الرواية. وكيف يمكنُه أن يُغير ويُؤثر في حياة الاَخرين.. وكم نحن نفتقدُ الى أمثالهم في أيامِنا هذهِ..
ارتكزتُ في الرواية على نُقطة مهمة ألا وهي الحب، تمسكتُ به لأنه السِلاح الوحيد الذي يستطيع الإنسان من خلالِه أن يُنسى قَساوة البشر، وتخطي الصُعوبات التي تعترضُه في الحياة، وهم يتطلَّعون الى غد أفضل..
عندما تَحضَرُعطيّة القبلات يعيشُ الحب من جديد.. فأخترتُه عنواناً لروايتي.. ليبقى الحبُ خميرةً في كلِ خُطوةٍ في حياتنا. وإن غابَ في بعضِ الأحيان، لا نَمَلُ من البحث عنه دفعاً للعبث في رحلة الحياة.. لا رواية من غيرِ حب..
يشيخ العقل والجسد لكن القلب لا يتنازل عن عدد دقَاتِه.. ودقاتُكم لا تختلفُ عن دقاتِ قلبي وإن كنتم في غير مكان وزمان..

رواية “فراشة التّوت” 2016
لقد وصلت شبكة التواصل الإجتماعية، العالم ببعضه بعض، منها ابتدأ بدردشات بسيطة وتطور ليطال الروح والجسد فيما بعد، من خلال لقاءات جديدة ومنها تجدد من بعد غياب سنوات وقسم بقي في مكانه خلف شاشة.. البعض سخر منها باعتقادهم أنها وسيلة للتسلية، لكن وقعوا في فخها وأصبحت جزءا من حياتهم اليومية.. نتساءل لماذا يزداد تعلقنا بها؟ هل الخيبات التي نواجهها تجعلنا نفتش عن عالم أجمل للهروب من واقعنا.. هل الوحدة أم الكبت الموجود في بعض المجتمعات سببا من أسباب هذا الادمان؟ هل للحرب في المنطقة العربية خاصة لها علاقة مباشرة، وأجبرت قسماً كبيراً على القوقعة في منازلهم؟ هل بسبب الوحدة والملل، هل بسبب عدم قدرة الإنسان على عدم التواصل المباشر.. وأسباب كثيرة إن عددتها لن أنتهي.. الأسباب تختلف من شخص إلى اَخر، ومن بعدها نستطيع أن نحدد ما مدى اهميتها وحاجتها في حياتنا.. فهل يجب علينا أن نتوقف ونبحث عن المشكلة الأساسية وما مدى خطورتها على الفرد أم لا ضرر منها..

ليزا ( البطلة) تحدّت العالم من أجل مشاعر كانت تروادها، لحقتها إلى النهاية،غير اَبهة بنفسها. تحيي ذكرياتها وقودا لتشعل سنين عمرها على ضوء القمر الباهت ليطول الحلم بين ماض وماض، تقف في وسطه وكأنها لم تكبر يوما.
على تلة بعيدا عن أرضِ الواقعْ والواقعْ يُحاصرُها، تسمعه في صدى أنين بُكاء الأمهات وصرخاتِ الوجعْ واَهاتِ عُشاقٍ ماتتْ قِصَصِهم قبلَ أن تبدأ. اخترقَ الصدىَ قلب ليزا، وانتَابها صمت رهيبْ فاختنقتْ. إلى أن جاءت يوماً صديقتها وأخبرتها عن التقائها برجل أحلامها من خلال الشاشة وأقنعتها بشراء جهازا الكترونيا ليخلصها من وحدتها، والبحث عن فارس أحلامها..
حواجز البعد والمسافات لم تمنعا ليزا الحالمة والعفوية من السعي وراء دقات قلبها، لتكسر قيد روحها الهائمة في أساطير وهرطقات لم تطلها إلا في مخيّلتها. وفي كل مرة يعود صوت الصدى ينخر في عقلها.. روح ما عادت تشتكي. تعلو ولاتبتعد.. تتنزه تاركة خيوطاً تمدّها بأنفاسها ولا تستلم.. وعدت نفسها بأنها ستكسر القيود من أغلال الصمت.. وتحرر معصمها من حلقات الوحدة، وتزينها على مائدة حياتها سواراً ذهبياً.. قرية التّوت التي أمضت فيها ليزا حياتها، تحيي ذكرياتها وقوداً يشعل سنين عمرها على ضوء القمر الباهت، فيطول الحلم بين ماض وماض، تقف هي في وسطه وكأنها لم تكبر يوما.

فراشة التّوت رواية تحكي عن واقع نعيشه، فيها الكثير من الحوارت والمواضيع الاجتماعية والأحداث المشوقة، حيث البطلة الشغوفة والحالمة، تتعرض لخيبات كثيرة، لكنها لم تستسلم.. نتساءل في النهاية هل الحب ونقاوة قلبها هما سببا من أسباب نجاتها.. ماذا حصل مع ليزا؟

“تتخيلها عند مرور كل زورق صغير يبحر، ترى طيفها من بعيد بين الأفق والمحيط يتخبط مع هبوب الريح.. لكنها لا تغرق. حورية تعيش على شواطئ الحنين، تطل برأسها لحظات، تسحرك وتختفي تاركة جسدك يتخبط في تيارالعشق المستحيل..”

“تثمل من صوت ضحكاتها وتضيع معها في همسات يرتجف قلبك شغفاً من دلالها؛ تريد أن تضمها مرة أخرى؛ تفتش عنها؛ لن تسمع سوى أصداء صوتها، تاركة جنون حبها في قلبك؛ تلاحق جميع الأصوات، تناديها بلا أمل. لن تجدها وتضيع..”

رواية مراَة الروح 2018

إن كنت سباحاً ماهرًا تعلو مع أمواج البحر وتنجو من الغرق، وإن كنت لا تحسن العوم، يسحبك إلى قعره غير اَبه بك..

هل نحن مسيّرون أم مخيّرون؟
عندما تحلق الروح، هناك.. حيث المحبة تغمر القلوب، والملائكة ترفرف من حولها.. نكتفي، نلاحقها كمن يركض تحت قوس قزح. قالوا: محظوظ من استطاع أن يمر من تحته! هي أساطير وحكايات، لا نفهمها في بعض الأحيان، لكنها موجودة..
نخاطب أرواحنا، أحرارا، ولا نهاب الحواجز التي تمنعنا من العبور من أرض الواقع إلى أفق لا حدود له. إنها بلا صوت، لا ضجيج لها، لا أحد يسمعها سوانا، تارة تتناغم مشاعرنا وننزلق في فخها، وطورًا نتصارع معها. إنها موسيقى أكانت صاخبة، أم هادئة، لا نستطيع أن نتحكم بها، يحكمها قائد الأوركسترا الأكبر، تعزفها أوتار قلوبنا..
فجأة يتدخل العقل ومن غير إنذار، كالقاضي الصارم، يذكرنا بواقعنا! نتراجع خطوات خوفاً من جرم لم نرتكبه، ومن ظنون واهمة، وأحكام مؤبدة لن نستطيع أن نجابهها وحدنا. نعود و نبتسم، نتذكر أننا الوحيدون الذين نسمعها، ننسى القاضي والمحكمة ونترك مشاعرنا تنساب لتدغدغ وحدتنا القاتلة. سجناء نتوق إلى الحرية.
بوحنا لأنفسنا لا يشبه أي بوح. يرقد في خفايا قلوبنا، أو يقضي علينا بهدوء، أو يرسم بسمات على وجوهنا، فتشرق الحياة من جديد كأننا خلقنا الاَن.

ياسمين وهادي تركا مشاعرهما تنساب مع واقعهما الحزين. هل قصتهما حقيقية أم إنها مجرد أوهام عابرة وقعا بها ليتخطيا واقعهما المرير..
في “مراَة الروح” الكثير من المشاعر والحب والتضحية إلى درجة الفناء.. هل الخيال مجرد نزهة عابرة؟ شخصيات متعددة في الرواية. تركتُ العنان لمراَة الروح أن تبوح بما يجول في خواطرهم بكل جرأة وصدق..
تتأرجح مشاعر ( البطلة) ياسمين بين الخيال والحقيقة، طورًا تتوق إلى التحرّر من قيود المجتمع، وتارة ينتابها الخوف من نتائجها، ويبدأ الصراع مع النفس، ويقضي على مسار حياة، ربما كادت أن تكون كاملة لولا تدخل العقل.
تندلع جبهة سببها الخوف والتقاليد التي تقف حاجزاً بين القلب والعقل، عندما يتدخل الخيال والوجدان، وتنقلب الأدوار في لحظات الوحدة والإشتياق.
“مراَة الروح” هي انعكاس باطن الروح المتخبطة، هي الهروب من الواقع الذي لا يرحم. ماذا حصل مع أبطال الرواية وما هي نتيجة هذا الصراع؟ هل نجوا منه أم بقي وزراً يحملونه كل حياتهم. من المذنب أم أن الجميع أبرياء؟
هل الصراع مع النفس هو من أصعب الصراعات التي تأخذنا تارة كتيارات البحر إلى أعماقه وطوراً إلى شاطىء الأمان؟ المشاعر لا يهمها كبيرا ولا صغيرا.. هل ستقضي عليهم وعلى من حولهم؟ أحداث وحوارات تتخطى الواقع لتسمو إلى أفق لا حدود له. تحلق أينما تشاء، تبتسم بمرارة، بفرح، بحزن، هل تعود وترسو بهدوء أمام واقع الحياة أم تثور عليها؟ ويبقى دائما الأمل هو الخلاص الوحيد لحين الوصول إلى الكمال المرتجى..وللحوار بقيه
تابعونا…

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button