أجرى اللقاء : زيد الطهراوي
-الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
بداية ارحب بالفقيه الشافعي السني الدكتور سمير مراد
-اهلا و سهلا بكم و نسعد بلقائكم ان شاء الله تعالى
-نبدأ بسؤال صريح و مباشر و هو لماذا سمى أصحاب عقيدة التوحيد أنفسهم بالسلفية
-بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله اولا اقول ان التسمية اما ان تكون للتزكية و المدح و الثناء المجرد و هذا لا يجوز لقول الله تبارك و تعالى : ( و لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)
و الصحابة رضي الله عنهم مشوا على ذلك و السلف كذلك فإنهم لا يقبلون المدح من أحد و لا يمدحون أنفسهم
أما قضية إن أريد بالسلفية أو السلفي النسبة و هي قضية لغوية فنحن نقول اردني لمن هو من الاردن و أشعري لمن ينتسب الى الأشعري فنحن من هذا الباب ننسب انفسنا الى السلف رضي الله عنهم و هم القرون الثلاث الاولى المفضلة
لقوله صلى الله عليه وسلم: ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) و من هنا نحن ننسب انفسنا اليهم كتعريف لا كتزكية
و السبب الاخر انه عندما كثر من ينتسب الى اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و الى التابعين و من بعدهم كان لا بد من التمايز و هو يحصل اما بإشارة و اما بحركة و اما بعمامة و اما بلغة…….
و من التمييز الذي كان يتميز به السلف في السابق انهم كانوا يسمون بأهل العلم كما سماهم البخاري و احياناً بأهل الحديث كما سماهم الامام احمد رحمهم الله تعالى
و عندما صارت التسمية مائعة و ما عاد اتباع السلف يتميزون باسم المحدثين او باسم اهل الحديث او اهل العلم او غير ذلك صارت هذه الفرقة و هي الفرقة الناجية فيما نظن و نحسب و الله اعلم صاروا الى التسمية التي سألت عنها السلفيين لأنها تحمل امرين اثنين
فنقول: السلفيون يتميزون بالمنهج الغيبي الكلي في ما يتعلق بالعقيدة في الله سبحانه وتعالى او بما سيأتي في آخر الزمان من علامات الساعة و غيرها
وهم متفقون في هذا مع غيرهم الا ان الاختلاف واقع في مسألة العقيدة في الله و العقيدة في القدر و العقيدة في الايمان و غير ذلك من المسائل المعروفة بين السلفيين و غيرهم في مسائل الاعتقاد
وهذا هو المميز الاول و هم يختلفون فيه عن باقي الفرق فيختلفون مع فرقة في الاسماء و الصفات و مع فرقة في الصفات وحدها و مع فرقة في القدر و مع فرقة في الايمان و مع فرقة في الامامة و مع فرقة في الخلافة و مع فرقة في كل هذه العناصر او اكثرها
و اما الامر الثاني و الذي يوافقهم فيه كثير من المسلمين فهو المنهج الاستدلالي الكلي فهم يستدلون كاستدلال كلي بالكتاب و السنة و الاجماع و يخرج عن هذا الخوارج و الرافضة.
-تحدثت سابقاً عن امر يتعلق بكفر تارك الصلاة و انه لا يعطي مبرراً للتكفيريين بأن يحكموا على من لم يحكم بما أنزل الله بالكفر فهل توضح لنا اسباب انزلاقهم هذا ؟
-قبل ان نوضح اسباب الانزلاق اذكر حقيقة القضية و هي انه يجب ان نفرق بين الانكار لما شرع الله سبحانه و تعالى و بين الاقرار بما رع الله سبحانه وتعالى مع ترك العمل هذه قضية اخرى ثم هناك تفريق آخر و هو اننا نفرق بين العقيدة و بين التكليف العملي
ان انكار العقيدة كفر لمن يعلمها طبعاً بشروط معروفة العلم و القدرة و الاختيار فمن انكر العقيدة فقد كفر و ايضاً من انكر التشريع المتفق عليه او الضروريات او الثوابت يكفر كمن ينكر الصلاة لأنه يرد على الله قوله بهذا الانكار
العقيدة لها وجه واحد من التكليف آمنوا بالله و رسوله اما ان تؤمن و اما ان تكفر لكن عند القول احكموا بما انزلت اليكم او صلوا او بروا بآبائكم و امهاتكم فهنا لنا حالان اما ان نقبل الامر من الله و لا نعمل به او نقبله و نعمل به فما كان له وجه واحد في التشريع لا يساوي ما له وجهان
فما كان له وجه واحد يكفر الشخص بمخالفته لأنه اما مؤمن و اما كافر و هذا يتعلق بالاعتقاد و اما التكاليف الشرعية فلأن لها وجهين فلا يكفر التارك لها الا اذا كان منكراً مع الترك و لعدم قدرة المكفرين على ادراك هذا الفرق انزلقوا و وقعوا في المحذور و جعلوا كل الاوامر متساوية في الطلب و كل المناهي متساوية في الترك
وهذا في حقيقته مذهب الخوارج و ان وافقهم فيه جهلاً بعض المنتسبين الى دين الله تبارك و تعالى و لذلك كان من افهم و اوعى من تكلم في هذه القضايا مصرحاً بها ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد حين قال
واما الذين كفروا تارك الصلاة فلم يكفروه الا لأجل بعض الأدلة التي صرحت بالتكفير يعني ليس لأن ترك الصلاة كفر بل لأن بعض الأدلة تحمل اسم التكفير فأطلقوا عليه حكم الكافر
و قد اطلقوه كلياً لا حكماً معيناً يعني ما كفروا انساناً بعينه تاركاً للصلاة و انما قالوا من ترك الصلاة فقد كفر و لهذا نقل ابن قدامة في المغني الاجماع العملي على ان تارك الصلاة لا يكفر فيرث و يورث و يغسل و يصلى عليه و يدفن في مقابر المسلمين و الكافر كما هو معلوم لا يفعل معه هذه الأمور
و امر آخر و هو ان هؤلاء الذين كفروا المسلمين بغير حق لم يدركوا حقيقة الأحكام المتعلقة بالأسماء و معنى ذلك ان الاحكام التكليفية لا تكون الا بناء على ألفاظ تحمل معان و هذه الألفاظ ان دلت على غير المعنى المقصود شرعاً لا تقبل آتي لك بمثال و اظن اني تفردت بهذا الكلام لم أقرأه لأحد قبلي عندما قال النبي صلى الله عليه و سلم \العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر \
العهد الذي بيننا و بينهم من هم ؟ المحدثون و الشراح قالوا : الكفار و اليهود و النصارى و انا اقول هذا غير صحيح لأن العهد الذي بيننا و بين هؤلاء هو لا اله الا الله محمد رسول الله اذن فمن يبقى و ينطبق عليه قول – العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة – ؟
هو المنافق لذلك ارى ان هذا الدليل خاص بزمن النبي صلى الله عليه و سلم فالمنافقون في زمنه لو تركوا الصلاة معه لتبين نفاقهم و كفرهم و لذا لا يصح ان يقال هم الكافرون نأتي الى الفاظ اخرى مثلاً ما حكم النياحة
لأدلل لك على ان ان الاسم يحمل حكماً لكن قد يصيب الموظف لهذا الحكم و قد يخطىء و لذلك لا بد من اخذ جميع ملابسات النص مع الواقع حتى نصل الى النتيجة لأن القضية الحكمية متعلقة بعدة قضايا
أولاً : النص
ثانياً : معنى النص
ثالثاً : وظيفة النص أو تأوله و تفسيره
رابعاً : تنزيل النص المسمى عند الفقهاء و الأصوليين بتحقيق المناط هل يناسب الواقع ام لا يناسب الواقع هل يناسب المسألة ام لا….
أقصد لا بد من اخذ جميع الملابسات للوصول الى الحكم الصواب فعندما نقول النياحة حرام اتفق العلماء على ان النياحة حرام لكن اختلفوا هل الاجتماع عند الميت نياحة ام غير نياحة
نأتي فنوظف النص …
النص عندنا : نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن النياحة هذا هو النص توظيف النص : هل يناسب المعنى ام لا و لا يظهر ذلك الا بتفسيرهو تنزيله هل الاجتماع عند الميت يساوي النياحة ام لا يساوي النياحة عند الشافعي
هو في معنى النياحة فيحرم الاجتماع و في رواية عن احمد رحمه الله انه لا يساوي النياحة فلا ينزل الحكم عليه فهؤلاء الناس الذين تحدثت عنهم في سؤالك أخطأوا في هذه القضية عرفوا النص لكن لم يعرفوا توظيفه لم يعرفوا تأويله حادوا به عن مساقه و من لم يعرف توظيفه و تأويله فقطعاً لن يستطيع ان يعرف تنزيله و لذلك أخطأوا في كل القضايا و رددنا عليهم في جملة هذه الأمور
و هم و هذه مسألة مهمة لا يفرقون بين الحاكمية التي هي صفة الله و بين الحكم الذي هو صفة العبد المكلف و من قارن بين الصفتين فقد جعل العبد الها و لازم قولهم ان عمر بن الخطاب كافر لماذا؟
لأن عمر في قرابة اربعة و عشرين قضية خالف النصوص الشرعية القطعية سأذكر قضية واحدة حتى لا اطيل
قال الله عز و جل : “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِوَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” التوبة (60)
و عمر منع المؤلفة قلوبهم لماذا ؟ قال لا حاجة لأن المقصود تأليفهم على العبادة ليقوى دين الله و الان نحن لسنا بحاجة اليهم فلا يكون مخالفاً لدين الله تعالى لكن على مبدأ من انزلقوا خالف شرع الله لأنهم لا يفرقون بين الحكم التكليفي العام و بين الافتاء الخاص بين القضاء و بين الحكم الذي هو سياسة و حكم سلطاني و لذلك جاء الفقهاء و ألفوا الأحكام السلطانية لأنهم يدركون الفرق بين الأحكام السلطانية و القضاء و الافتاء و العلم و الدعوة يتبع ان شاء الله