ينظر علماء النّفس إلى الغضب على أنّه عاطفة قويّة، وشعور نفسيّ انفعاليّ، نتيجة التعرّض لعدّة ضغوطات أومشاكل حياتيّة أوصدمات عاطفيّة واجتماعيّة، أو قد يكون بسبب اضطرابات وأمراض نفسيّة، أو عوامل وراثيّة كأن يكون أحد الوالديْن لديه عصبيّة زائدة فيؤثّر هذا على الأبناء، وهو شكل من أشكال التوتّر وردّ الفعل يحفّز الإنسان على معالجة مشكلة ما بشكل استباقيّ، فتتشتّت عاطفته ويفقد القدرة على التحكّم والسّيطرة على نفسه،فيتحوّل بذلك هذا الإنسان إلى مايسمّى بالإنسان العصبيّ، وهو الشخص الذي يتصرّف بشكل مبالغ به عند الشّعور بالانزعاج والاستياء، وينعكس ذلك على أقواله وسلوكه، وفي بعض الأحيان يكون الشّخص العصبيّ ضحيّة لسلسلة من المشاعر الداخليّة الحزينة التي تتراكم وتنفجر في أوقات ومواقف غير مناسبة وأبرز هذه المشاعر، الشّعور بالوحدة وعدم تقدير الآخرين له وافتقاره للحبّ والاهتمام،أو بسبب كبت مشاعره لفترات طويلة دون التّعبير عنها بطريقة سليمة، والأشخاص الذين يتّصفون بالعصبيّة يتواجدون بكثرة في حياتنا، فقد يكون الشخص العصبيّ أخ أو ابن أو زوج أو صديق أو مدير في العمل.
ولذلك يتطلّب التواصل مع الشخص العصبيّ والغاضب الكثير من الحكمة والتأنّي والصبر، وذلك باتّباع عدّة خطوات بالتّعامل معه أهمّها:
1_تجنّب مجادلته والتّصادم معه بطريقة تستفزّه أكثر وتشعل غضبه، وإنّما تركه يهدأ ثمّ بعد ذلك الحوار معه بمنطقيّة وهدوء وسلاسة بعيدا عن العصبيّة.
2_ عدم أخذ موقف منه بصورة شخصيّة ومواجهته من أجل الدّفاع عن النّفس، وخلط المواضيع ببعضها واستحضار الخلافات والمواقف السّابقة،لأنّ هذا يزيد الأمر سوءاً فالشّخص الغاضب لايدرك دائما مايقوله، ولا يعنيه تماما.
أمّا أهم طرق ضبط النّفس عند الغضب والتّخفيف من العصبيّة ووضع حدود لها هي:
1_الابتعاد عن الأشخاص الذين يعطونك طاقة سلبيّة تؤثر عليك بشكل عكسيّ، والتقرّب من الأشخاص الذين يعطونك طاقة إيجابيّة.
2_ التزام الصّمت في حال الغضب، لأنّ الغاضب لايقيم وزنا لما يصدر منه من كلمات بانفعال، فالسّكوت هو الحلّ كي لا تصل الأمور إلى درجة عالية من التأزّم لا تحمد عقباها، قد تجلب له عداوة الآخرين أو قد تؤدّي إلى خسارة الأصدقاء أوهدم بيته، والامتثال لقول النبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم { إذا غضِبَ أَحدُكمْ فليسكُتْ} [ صحيح].
3_ محاولة تهدئة النّفس، كالاسترخاء والتّفكير بالمواقف الجيّدة والسّعيدة، وتجنّب كبت المشاعر.
4_تذكّر النّتائج المدمّرة والآثار السيّئة التي قد تترتّب على الغضب منها :
* التسبّب في العديد من الأمراض، كما يصف الأطبّاء،كارتفاع الضغط، وزيادة ضربات القلب، وتجلّط الدّم، وتسارع معدّل التنفّس،ممّا قد يؤدّي إلى سكتة مميتة.
* تفاقم المشكلات والفشل في التغلّب عليها وحلّها، الأمر الذي ينتهي إلى ويلات اجتماعيّة عديدة ،كتحطّم كيان الأسرة، والعيش المرّ كلّه بسبب لحظة غضب قد تُشْعر بالنّدم طيلة العمر ولا يمكن العودة بالزّمن إلى الوراء لتصحيح ماتسبّبت به لحظة الغضب هذه.
وفي الختام فلنتذكّر الذين مدحهم الله تعالى في كتابه الكريم الذين أُعِدّتْ لهم جنّات عرضها السّماوات والأرض ومن صفاتهم أنّهم { الكاظمين الغيظ} [ آل عمران، آية:134]،ولنتذكّر أيضا وصيّة النّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم وهي ( لاتغضب).