الكاتبه
د.سعاد الفضلي
إن معظم الأحلام تعتمدعلى حالة الإنسان ووضعه النفسى
لم يقتصر تأمل الإنسان على الكون بل تعداه إلى التأمل في نفسه لمعرفة كنهها وتعليل ما يعتريها من تغيرات في النّوم واليقظة، وتفسير ما يطرأ عليه من أحلام ومحاولة تفسيرها والسيطرة عليها بالتعاويذ والتّمائم واللجوء إلى السّحرة والمشعوذين أحيانا ملتمسا عندهم الهدوء والرّاحة النّفسية بتفسيرها.
لقد اتفق معظم علماء النّفس مع افلاطون في القول بثنائية النّفس والجسم، وتبنوا النظرة الإسلامية إلى الإنسان واعتبروه كلا متكاملا مكونا من ثلاث قوى، النّفس والرّوح والجسد ممتزجة ومتداخلة ولا يمكن الفصل بينهما في الواقع فالسلوك والدّوافع والعواطف والميول والسّعادة والشّقاء والهم والخوف والغضب والكره والتوكل والرّجاء والإيمان وغيرها كلّها تمثل صراعا بين الخير والشّر، فإما أن تؤدي إلى الرّاحة والاطمئنان أو إلى الإزعاج والقلق وهي بذلك تمثل مخزونا للعقل الباطني ومصدرا للأحلام، ولا غرو أن يكون الإنسان مهيئا للصراع الداخلي الدائم، لا يعرف الرّاحة والهدوء والاطمئنان وبالتالي يكون عقله رهينة بهذا المخزون ومع كثير من الجهد والمشقة ومغالبة النفس والصراع تبدأ مظاهر التعب النفسي والجسدي تظهر بوضوح، فهناك علاقة متداخلة بين ما نتعرض له في أمسنا ويومنا وغدنا والأحلام والحالة النفسية شي يتعلق بتلك الانفعالات التي يخزنها العقل الباطن، ضغوط الحياة والضجيج الذي يحيط بنا والذي يسيطر علي جهازنا العصبي ومناظر العنف التي نشاهدها عبر جهاز التلفاز وأخبار الحروب والمعارك التي لا تكف عن الضغط على أعصابنا، تواجدنا المستمر في خضم الحياة والعمل يعرضنا لضغوط لا محالة، فالعمل ليس كله نجاحًا ودرجات، بل هناك الكثير والكثير جدًّا من الإحباط والمعوقات والتحديات. ويجب أن لا ننكر آثار ما يعتري الجسم من اضطرا بات على نفسيتنا والنظر إلى نتيجة تفاعلاتها أثناء النّوم. فالأحلام قوة داخلية تتربى في كيانه وتعلق في ضميره وتترجم إلى أحداث والذي لا يحاول أن يحقق السعادة أثناء النهار فسوف تصيبه المشاعر السلبية، والأمراض الجسدية والنفسية، ويغرق في المشاكل اليومية، ويورث لنفسه الهم، ويشارك في صنع مزاج مضطرب وغير منتج ينعكس عليه أثناء فترة الليل نتيجة لقوة الإيحاء الذاتي وتأثيره علينا . ومن هذا المنطلق لابد وأن تشحذ الأسلحة لمواجهة هذا العدو الذي يهدد صحتنا ويبدد الهدوء الذي ننشده في حياتنا. فإذا وعينا هذه الحقيقة فسنبحد داخل كل مشكلة أو عائق يقابلنا عن الجانب المشرق فهناك مثلا من لا يسمي المشكلة “مشكلة”، بل هكذا هي الحياة. وهو بذلك قد غيّر نظرته إليها وبحث عن الجانب المضيء فيها. فالعزيمة ستوحي له بمواجهة هذا التحدي ومقابلته ومحاولة التغلب عليه. أما مسمى “مشكلة” فيقترن لدى الكثيرين منَا بالإحباط والاكتئاب.
السعادة شعور بالرضا داخل النفس، ولا يشترط أن تقترن بالنجاح، ولكن حبذا لو كان الناجح سعيد ا أو السعيد ناجحا كما يقولون والسعادة لا تحصل إلا بجهد، ولا ينالها إلا من أرادها وسعي إليها. انظر إلى الجانب المشرق في حياتك تسعد فالحياة تحتوي على الحلو والمر، النور والظلام، السعادة والشقاء. هكذا خلقها الله وهكذا أراد لها أن تكون: مليئة بالمتناقضات التي علينا أن نختار منها ما نريد. فإننا متحكمون في حياتنا إلى حد بعيد. فليس من الواقع، ولا الإرادة الإنسانية القوية في شيء ما يحدد حياتنا إلا نظرتنا لها، فكل شيء حولنا له جانبه المضيء وجانبه المظلم. فعند اللجوء للنوم حاول قدر استطاعتك عدم التفكير في المشاكل التي تواجهها طوال اليوم واستدعي لمخيلتك الذكريات السعيدة التي مررت بها، آمن إذن بوجود الجانب المشرق في كل أمر. فإذا آمنت بذلك فابحث عنه كلما واجهتك مشكلة أو عائقا ما فستجده بالتأكيد، غيّر نظرتك إلى الأفضل والأكثر تفاؤلا، وستجد دائما من الحياة جوانب مشرقة تساند نظرتك تلك وتؤيدها وترسخها لديك. بالإحسان، إحسان التخطيط وإحسان التنفيذ وإحسان التقدير ولا يتربى الفرد على الإحسان إلاّ إذا قصد الإحسان في تفاعله مع المجتمع، ليس بقصد اللياقة الاجتماعية المظهرية؛ بل بقصد مراعاة حق الإنسان وحق الأخوة في إحسان التعامل على قاعدة من الأمانة والصدق والإخلاص والتقوى والمسئولية الاجتماعية المتجذرة في وجدانه وكيانه. فإذا كانت هذه هي النتيجة الحتمية لطبيعة الحياة يجب أن ندرك ما يدور حولنا ونركز على أهم جزء في جسمنا وهو العقل وإتباع الأساليب المثالية للوصول إلى ذهن صاف رائق وتفكير هادى وبال خالية من كل المشاكل فعقل الإنسان هذه الأيام يعاني من الازدحام وتكديس المعلومات فيشعر بالضغوط النفسية ويظهر أثرها السلبي على الجسم.والخطأ في عملية التغذية يعرضنا إلى أمراض عدة تؤثر على النفس والجسد فيجب العناية بالتغذية من أجل توازن الجسد لتعم الراحة والاسترخاء.
ويحسن بالشّخص أن يقول إذا آوى إلى فراشه: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها. ثمّ ينام على جنبه الأيمن. وإن الرّجل إذا رأى رؤيا يحبها فهي من الله وليحمد الله عليها وليحدث النّاس بها، وإذا رأى رؤيا غير ذلك مما يكره فليستعذ بالله من شرّها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره.
فالرؤيا التي تفرحك وتحب موضوعها ومضمونها، وعندما تقوم من النّوم ويسعد بها قلبك بادر بحمد الله عليها. ثمّ اعمل على معرفة معانيها الباطنية لتقف على ما تبشرك به أو تنذرك منه فالصعود والارتقاء في الحلم يستعمل في معانيه الاستعارية والمجازية كالرفعة والعلو والنّجاح ولفظ وصورة الأعمى في الحلم يستعمل في معانيه المجازية وهي التّعامي والتغاضي والابتعاد ولفظ وصورة الزّواج فى الحلم يعبر بالرّغبة الشّديدة في الارتباط بالشخص الآخر والشّلل لفظا وصورة في الحلم يعبر عن عدو يحاول أن يشل حركتك فلا تقف مكتوف الأيدي أمام هذا العدو ويشل الشقاء واللإكتآب والحزن والالآم حركتك فتصبح فريسة للأحلام المزعجة فالسّفينة في الحلم تعبر عن النّجاة فدعنا نركب سفينة النجاة من الكوابيس ونمتطي خيول الصحة والأمل لنصل إلى الجانب المشرق والسعادة في الحياة.
الأحلام السّعيدة المنعشة أو المفزعة المكدرة عند علماء النّفس تكون مستمدة من الأيام السّابقة أما إذا رأيت ما تكره فاعلم إنه أضغاث أحلام فاستعذ بالله من شرّها. أن الرؤيا المنامية الصالحة الصادقة إنما هي حق من عند الله، فمنها المبشِّرة ومنها المنذرة؛ وما رؤيا يوسف عليه السلام ولا رؤيا ملك مصر بخافية علينا، فقد اجتمع فيها تبشير وتحذير في آن واحد، إذ بشارتها هي السَّعة عليهم في الرزق سبعَ سنين، ونذرتها هي في الجدب. فإذا أصاب عبدا هم أو حزن فقال اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي. إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححه الألباني.
اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن، والعجز والكسل والبخل والجبن، وضلع الدين بقلة المال وغلبة الرجال. ولقد سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من أشد جند الله؟ قال: (الجبال، الجبال يقطعها الحديد؛ فالحديد أقوى، والنار تذيب الحديد؛ فالنار أقوى، الماء يطفئ النار؛ فالماء أقوى السحاب يحمل الماء؛ فالسحاب أقوى، والريح تعبث بالسحاب، فالريح أقوى والإنسان يتكفأ الريح بيده وثوبه؛ فالإنسان أقوى، والنوم يغلب الإنسان؛ فالنوم أقوى والهم يغلب النوم؛ فأقوى جند الله هو الهم يسلطه الله على من يشاء من عباده).
تقبل الأمر الواقع في الحياة ولا تقنط من رحمة الله فتيئس، فالكآبة باب مفتاحها اليأس، ولتكن روحك رياضية كما يقولون، فالرياضي لا يزدهيه ما يسره، ولا يقنط مما يسوؤه، فإذا انتصر سرَه النصر، ونظر في أسباب نصره ليزداد منها وإذا هزم لم يجزع ولم ييأس، بل ينظر في إخفاقه، وفوز منافسه، ويجتهد في التدريب استعدادا للجولات القادمة، فإياك والجزع من الحياة وعند اللجوء للنوم حاول قدر استطاعتك عدم التفكير في المشاكل التي تواجهينها طوال اليوم واستدعي لمخيلتك الذكريات السعيدة التي مررت بها. فالسعادة هي جنة الأحلام، التي ينشدها كل البشر، والشقاء والهم نقيضها فالمفهوم إذاً أن السعادة والطمأنينة عطاء من الله ورحمة، كما أن الهم والقلق والضيق غضب من الله ومحنة فلنتق الله في أقوالنا وأعمالنا لتقر عيوننا بنوم هادى وأحلام سعيدة.